خالد بن حمد المالك
يكرِّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقولته بأن الشرق الأوسط أصبح أكثر أماناً واستقراراً مما كان عليه من قبل، وينسب هذا التطور السلمي بالمنطقة إلى سياساته وعمله، وكنا نتمنى لو أن هذا هو ما نراه، وأن الحروب، والأطماع، والاعتداءات المتكررة، قد اختفت غير أن ذلك لا يتحدث به الواقع، ولا يتطابق مع قول فخامة الرئيس.
* *
فإسرائيل لا تزال تُمارس عدوانها في قطاع غزة، دون أي اعتبار لما تم الاتفاق عليه لإيقاف القتال، مقابل تسليم الرهائن الأحياء، والجثامين لإسرائيل، مع أن الفصائل الفلسطينية متمسكة بتنفيذ بنود الاتفاق، وهذا السلام الذي يعنيه الرئيس لا يرى فيه أهل المنطقة ما يصوره إلا مشهد قطاع غزة الذي حولته إسرائيل إلى أكوام من التراب، وأرض جرداء، ومواطنين تُركوا في العراء بلا مأوى.
* *
السلام الذي يتحدث عنه الرئيس الأمريكي لا يتجاوز سيطرة إسرائيل على أراض سورية ولبنانية وفلسطينية، واستمراراً لضربات لم تتوقف في هذه الدول تقوم بها إسرائيل، فتقتل وتهدم، وتتوعَّد، دون وجود مقاومة، فالقوة لدى إسرائيل، والتغطية على عدوانها تتكفَّل به الدول الداعمة لها، والوضع أصبح أقل استقراراً مقارنة بما كانت عليه المنطقة قبل السابع من أكتوبر.
* *
الاستقرار يبقى معلقاً، ومنذراً بما هو أخطر، ما بقيت إسرائيل ترفض الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في كل من سوريا ولبنان، وما دامت ترفض إقامة الدولة الفلسطينية، رغم اعتراف أكثر من 150 دولة بها، وإقرار الأمم المتحدة بذلك، والرئيس الأمريكي يعلم جيداً أنه لا سلام ولا أمن ولا استقرار دون اعتراف أمريكا وإسرائيل بالدولة الفلسطينية.
* *
والاستقرار في منطقتنا سيظل هشاً، تتجدد النزاعات، والصراعات، والحروب، وحين نفتش عن المسؤول عن ذلك سنجده إسرائيل، وحين نبحث عن داعميها في هذا العدوان سنجدهم تاريخياً وإلى اليوم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي يتحدث رئيسها عن استقرار المنطقة أمنياً، وتمتعها بالسلام، مع عدم وجود هذا الانطباع عن الحالة في المنطقة.
* *
نتمنى على الرئيس، وقد بادر بإيجاد صيغة لإيقاف الحرب في قطاع غزة، ونجح في تسليم الرهائن الإسرائيلية بهذه المبادرة بعد أن عجزت إسرائيل عن تحريرهم بالحرب، أن يُلزم إسرائيل بوقف الحرب التزاماً بما تم الاتفاق عليه، وأن يُسرِّع في إجراء الترتيبات للإعلان عن الدولة الفلسطينية على حدود 1967م، وبهذا يكون الرئيس الأمريكي هو الرئيس التاريخي البطل غير المسبوق.
* *
الإعلان عن الأمن والاستقرار والسلام لا يكون بالكلام، وإنما بالواقع، ووفقاً للحقائق على الأرض، وليس كما تتحدث به أكاذيب إسرائيل، ويتم تلقفها، وتصديقها، وإعطاؤها ما لا تستحقه موثوقية، والسلام والأمن والاستقرار الذي نريده، ونتمناه، ونحلم به، هو ذلك الذي يعطي الحق لأصحابه، ويمنع الغزاة والمحتلين من الاستيلاء على ما ليس لهم به حق في أراضي غيرهم، كما هو الحال الآن في فلسطين وسوريا ولبنان.
* *
ولدى أمريكا القدرة على فرض ما تراه مساراً حقيقياً لإحلال السلام على إسرائيل، لا تشجيعها، والتسامح معها، وتبني وجهة نظرها، وتغطية جرائمها بما يخالف الواقع، والدفاع عن كل ما يمسّها من أحكام جنائية على حروب الإبادة التي قامت وتقوم بها ضد الفلسطينيين، وشعوب جيرانها الآخرين.
* *
السلام في منطقتنا مطلب دول وشعوب المنطقة إلا إسرائيل والإسرائيليين، ومفجِّر الحروب هي إسرائيل، ومن تحتل أراضي الغير هي إسرائيل، ومن تفتح أسباباً وأبواباً لكل الحروب، معتمدة على الدعم الخارجي هي إسرائيل، وعلى الرئيس ترامب أن يحول دول استمراء إسرائيل لهذه السياسة، ومواصلة هذه الجرائم، وأن ينظر إلى كل الأطراف بعدل ومساواة وشعور بالمسؤولية.















التعليقات