ليس بخافٍ على أحد، بأن (حزب الاتحاد الديمقراطي- pyd ) يتصدر المشهد(السياسي والعسكري ) في منطقة الجزيرة وعموم منطقة شرق الفرات في الشمال الشرق السوري، مستفيداً من ظروف الحرب ومفرزاتها العسكرية والسياسية والمجتمعية، التي أضعفت أو بالأحرى غيبت الدولة عن الكثير من المناطق السورية.الحزب تمكن من فرض نفسه كـ"سلطة أمر" واقع بديلة في المناطق التي انحسب منها النظام. للجناح العسكري للحزب "قوات حماية الشعب" الكردية، الفضل الكبير في تحرير معظم مناطق الجزيرة من عصابات "تنظيم الدولة الاسلامية-داعش" وغيره من الجماعات الاسلامية.
رغم الاستقرار النسبي، الذي تنعم به المناطق الخاضعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ،أسباب ووقائع عديدة تجعل الكثيرين بحالة قلق على السلم الأهلي والمجتمعي في منطقة الجزيرة . انفراد الحزب في إدارة المناطق. سعيه لفرض أجندته القومية والسياسية . التجنيد الاجباري . فرض المنهاج الكردي. نهج التكريد. الاستعجال في قضم مؤسسات الدولة. مرجعية الحزب( طبيعة علاقاته مع حزب العمال الكردستاني- تركيا). هوية الحزب، هل هو حزب سوري ام كردستاني. ضبابية خطابه القومي والسياسي. السقف المفتوح لتطلعاته وأهدافه السياسية والقومية. بدأ بـ"إدارة محلية خدماتية مدنية" ، انتهى بـ"الفدرالية" يسعى لفرضها بالقوة . الخطوة التالية قد تكون "الانفصال" إذا ما توفرت له الظروف (الإقليمية والدولية) المناسبة. علاقات، الحزب في الداخل والخارج ،المثيرة للجدل،التي يبررها بما يسميه بـ"الخيار أو الطريق الثالث" ، أي أن الحزب ليس معالنظام ولا مع المعارضة. في الداخل ، على هذه الجبهة ،قواته (قوات حماية الشعب)تقاتل قوات النظام، على جبهة أخرى تقاتل الى جانب قوات النظام. في بعضالمحطات هو مع "الثورة السورية" وفي محطات أخرى هو ضد الثورة . الحزب،يتلقى دعماً سياسياً كبيرا من روسيا ، فيما قواته تتلقى دعماً عسكرياً مفتوحاً من امريكا ودول غربية أخرى، في إطار الحرب على "الارهاب- داعش". تمسك (قواتسوريا الديمقراطية) بالمناطق، التي حررتها من داعش(تقدر بـ 25% من اراضي الدولة السورية) ورفضها الانسحاب منها وتسليمها لقوات النظام ، مرتبط بمشروع "الفدرالية" لحزب الاتحاد الديمقراطي. الرئيس الروسي(بوتين) يسوق لـ"سوريا الفدرالية" عبر طرح مسودة دستور لـ"سوريا الاتحادية" وعبر عقد "مؤتمر الشعوب السورية" في سوتشي.
امريكا، لم تقل بعد كلمتها النهائية في الأزمة السورية، ربطت وجودها العسكري بالحل السياسي النهائي للأزمة السورية. هذا يعني أن دعمها العسكري للقوات الكردية، التي تشكل العماد الاساسي لـ (قوات سوريا الديمقراطية)، سيستمر حتى ما بعد القضاء على داعش وانتهاء الحرب السورية. امريكا، ستوظف وجودها العسكر، المتمثل بثمانية "قواعد عسكرية" في الشمال الشرق السوري، للضغط على القوى الدولية والاقليمية النافذة في الأزمة السورية، لأجل حل سياسي يضمن مصالحها الاستراتيجية في سوريا والمنطقة ، ويحقق مصالح حلفائها( الأكراد). الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (رياض درار) ، بتصريحه لشبكة "روداو" الكُرديّة يوم 26 تشرين2 "أن قوات سوريا الديمقراطية ستنضمللجيش السوري الذي سيتكفل بتسليحها عندما تتحقق التسوية السورية، إذا كنا ذاهبين إلى دولة سورية واحدة بنظام فيدرالي" . ربما اراد السيد ضرار تبديد مخاوف الخائفين وإزالة شكوك المشككين والاجابة على التساؤلات المثارة حول الأجندات السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي وحول مصير ومستقبل قواته العسكرية . لكن اشتراط الذهاب الى "الفدرالية" لضم قوات سوريا الديمقراطية للجيش السوري الحكومي ، يجعل من تصريحاته من غير معنى وبلا مفعول سياسي أو حتى معنوي، ناهيك عن أن كلام السيد ضرار لا يمكن الأخذ به على أنه يعبر عن الموقف الرسمي لحزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري (قوات حماية الشعب) القوة الرئيسية في (قوات سوريا الديمقراطية) . كما هو معلوم "مجلس سوريا الديمقراطية" هو مجرد (غطاء سياسي) لقوات سوريا الديمقراطية. " الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي - Tev_ Dem " القائمة على ما يسمى بـ" الادارة الذاتية الديمقراطية"، بقيادة (حزب الاتحاد الديمقراطي) – شبيهة الى حد كبير بالجبهة الوطنية التقديمة بقيادة حزب البعث الحاكم لدى النظام- الهيئة، عززت مخاوف سكان منطقة الجزيرة واثارت لديهم مزيد من التساؤلات والشكوك حول مستقبل منطقتهم، ببيانها، الذي أصدرته للراي في 18 تشرين الثاني الماضي والذي جاء فيه : " إننا في الهيئة التنفيذية لحركة المجتمعالديمقراطي Tev_ Dem نؤكد بأن مرحلة ما بعد داعش أشبه بفك الألغام التيزرعتها في كل بيت وشارع وحي من أماكن احتلالها لها.
ونرى بأن المرحلة المقبلة لاتقل خطورة عن المرحلة التي سبقتها".
أخيراً: تساؤلات وشكوك كثيرة وهواجس مشروعة يثيرها (حزب الاتحاد الديمقراطي)، بنشاطه السياسي ، كما بنشاطه العسكري، بعلاقاته مع حلفاءه في الداخل السوري، كما مع حلفاءه في الخارج. ستبقى كل التساؤلات والشكوك والهواجس قائمة، الى حين انتهاء الأزمة السورية وجلاء شكل وصورة سوريا الجديدة، التي ستولد من هذا المخاض العسير.
باحث سوري مهتم بقضايا الاقليات
التعليقات