من العبث ان تقر الشعوب العراقية وحكوماتها المتعاقبة وتعترف بخصوصيات الشعب الكردي الثقافية واللغوية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية التي تميزه عن باقي الشعوب العراقية ، ثم تجبره بالقوة للانصهار في بوتقة وطن مصطنع غريب وقوم غرباء لايمتون اليه بصلة وتمنعه من الانفصال والاستقلال بحجج ودوافع "وطنية" واهية لن تصمد امام الحقائق المفصلية الدامغة على ارض الواقع ، والتي تثبت ان الشعب الكردي يختلف بايلوجيا عن العراقيين وانه لم ولن ينصهر في بوتقة دولة واحدة يقودها مكون قومي ومذهبي واحد يختلف عنه في كل شيء ولايجمعهما جامع ، وان كل ما جرى من حروب دموية ومذابح وقتل جماعي للكرد كان بسبب هذه الخصائص الفريدة التي دافع عنها بكل قوة واقتدار على مر التاريخ ، حاول زعماء السنة العرب طوال فترة حكمهم للعراق ان يفرضوا اجندتهم العروبية المدمرة على الكرد ويرضخوه لها عبر اجراءات قمعية وحشية لم تشهد البشرية مثيلا لها ، ولكنهم فشلوا في تحقيق اهدافهم في النهاية رغم الفظائع التي ارتكبوها بحق الكرد ، اذن مسألة الاستقلال والانفصال عن العراق لن تخص "مسعودبارزاني" او غيره بل هي مسألة وجدانية طبيعية يشعر بها كل كردي مهما كان مستواه الثقافي او الاجتماعي الكل يعتد بخصوصياته الفريدة وكيانه المستقل ويعمل لتحقيقه ولن يقر له قرار ولا يهدأ له بال حتى يصبح صاحب دولة مستقلة حاله حال العربي والتركي والفارسي ، هذا شعور عام بين الكرد ولا يختلف عليه اثنان منهم ومازال معظمهم"يشعرون بعدم انتمائهم الى العراق ، ولايهتمون لامره على الاطلاق ، فعلى هامش الانتخابات التشريعية لعام 2005 ، اجري في كردستان استفتاء شعبي غير رسمي حول تحديد نوع العلاقة مع العراق ، فاختار 98 % منهم الانفصال عن العراق وتأسيس دولته المستقلة وهذا الشعور الجمعي الشامل يزداد عمقا وتجذرا يوما بعد يوم ..

وما يعلنه "بارزاني" هو تجسيد لاماني الشعب الكردي وتطلعاته ، المشكلة الاساسية بين الحكومات العراقية وبين الاكراد ان تلك الحكومات تتجاهل الخصوصية الكردية"رغم انها تقر وتعترف بها ولكن لاتعمل بها وتقف بالضد منها وهذه هي المشكلة الاساسية بين العراق والكرد منذ تشكيل الدولة العراقية ، واذا كان صراع الكرد المرير مع السنةالعرب طوال فترة حكمهم بسبب تجاهلهم تماما للخصائص التي يتمتع بها الشعب الكردي ، فان تلك الخصائص ازادت مع تولي الشيعة للحكم وهي خصوصية المذهب ، فالكرد في معظمهم "سنة" ، وهذا ما يجعل العبأ اكبر والتفاهم اصعب والصراع مر واطول..

وكما ذرف زعماء السنة العرب دموع التماسيح على المظالم التي نزلت على رؤوس الاكراد في بعض المناسبات الانسانية ودافعوا عن قضاياهم وايدوا حقوقهم الشرعية والانسانية واظهروا تعاطفهم وحرصهم على هذه الحقوق اكثر من الاكراد انفسهم ، وكانوا دائما يخاطبونهم بشعبنا ، هذا ما كان يفعله"صدام حسين" ، ولكنه مع ذلك مارس بحقهم ابشع انواع القمع ولم يتوانى من دفن اطفالهم ونسائهم في الصحراء الحدودية بين العراق والسعودية وهم احياء .. وهذا ما يفعله(نوري المالكي) ويعتبر الكرد شعبه وعشيرته ، ولكنه مع ذلك يفرض عليهم حصارا قاسيا ، و يبعث برسائل تهديد يومية له من خلال ازلامه وتوابعه في ميليشيا الحشد الشعبي ، ورغم ذلك فانه مازال يصر على انه احرص الناس على الشعب الكردي واعلم بما يحب وما لايحب وما يفيده وما يضره، ففي مقابلة له قبل ايام قال بالحرف الواحد؛ إن الشعب الكوردي يريد حقوق وخدمات وامتيازات وتحسين مستوى معيشته، ولا يريد الاستقلال " اي ان الكرد بالمعني الذي يقصده المالكي مجموعة من الخراف او النعاج لا هم لها غير اشباع بطونها وتحسين"مستوى"معيشتها في توفير الكلأ والمراعي الخصبة..

والله "خوش" وصف! يدل دلالة قطعية على حرص زائد من"ابواسراء "لمصالح" شعبه"الكردي!