بين (حسبة) المواصلة و(حسبة) داعش، فرق كبير جدا، هو ذاته بين حضارة الموصل وهمجية داعش وتخلف نوري المالكي، وحسبة أبناء الموصل التي تعتمد الحقائق الموضوعية والواقعية بعيدة عن الرتوش والترتيش، والكذب والادعاء، ولذلك سنتحاسب يا حجي نوري حسبة مصالوة كما تسمون أهل الموصل، فمنذ البداية عمل جندك ومن أرسلتهم إلى الموصل لحمايتها على اهانة سكانها في شرفهم ودينهم ومذهبهم تعبيرا عن طائفيتك وعقدك التاريخية تجاههم، حتى أدميت قلوبهم وتسببت في مقتل خيرة شبابهم وعلمائهم وأساتذتهم، فعلا كنت تمهد الساحة لقبول أي كان في حكمهم، فتخليت عنهم أنت وجنرالاتك (الدمج) ومئات الدبابات والمدرعات والمدافع خلال ساعات، وتركتهم وأشقائهم في تلعفر وسنجار والانبار وصلاح الدين فرائسا سهلة بيد كائن همجي متوحش، وكما فعل صدام وأعوانه في تحويل العراق إلى حفنة تراب، عملت أنت أيضا إلى تحويل محافظات غرب البلاد وبلداتها إلى خرائب تنعق فيها الغربان.
داعش آيلة للسقوط، حقيقة لا مناص منها، لأنها ثقافة خارج الزمن، وخارج حضارة الإنسان، استخدمتها أو سهلت أمرها إبان حكمك بين 2005 و2014م، وأسقطت بها حواضر العراق التاريخية نينوى والانبار وتكريت وسنجار، مستهدفا اهانة السنة وغرز خنجر في خاصرة كوردستان، والموصل يا (مختار زمانك) كما يحلو لك أن يسموك، أم الحضارة التي حاولت اغتيالها هي وشقيقاتها من مدن بلاد مابين النهرين، حيث قتل في إدارتك للعراق خارج الإقليم ولثماني سنوات ما يزيد على ستمائة من خيرة علماء العراق ونخبه العلمية والأدبية والعسكرية على أساسي طائفي مقيت ولمجرد أنهم من أهل السنة ليس إلا وبوجود أجهزتك الأمنية والعسكرية، وستسأل عنهم يوما ما كما ستسأل لا محالة عن إسقاط الموصل وغيرها.
يا (دولة الرئيس السابق) خلال حكمك لثماني سنوات حولت واحدة من أجمل بلاد خلق الله إلى افشل دول العالم وأفقرها وأكثرها تعاسة، كما وصفتها تقارير مؤسسة الشفافية الدولية، حيث ارتفعت مستويات الفقر المدقع إلى ما يقترب من 40% من أهاليها، واستشرت البطالة بشكل مرعب، وتدنت الخدمات إلى مستويات خطيرة، وفي عصرك الدموي سقطت مدن وقرى ما يقرب من نصف أراض العراق، وتهجر أكثر من أربع ملايين إنسان، التجأ نصفهم إلى كوردستان ونصفهم الآخر يلوذ في البلدان!
واليوم وقد دقت طبول الحرب لتطهير تلك الأراضي التي تسببت أنت وجنرالاتك في تدنيسها من قبل عصابات الإرهاب، يختلط دم البيشمركة والجيش من أجل قضية واحدة في تلاحم وتنسيق وطني رفيع يشهد له كل العالم، وفي الوقت الذي تحقق فيه تلك القوات تقدما نوعيا مهما في عملية تحرير الموصل، تحاول وضع العصي في عجلة تلك العملية لإعاقتها أو إفشالها، وأنت بالذات آخر من يحق له الكلام عن الموصل وتحريرها وعن العراق ومستقبله، فقد تسببت في دماره واهانة شعبه، وكعادة كل الفاشلين ممن تربعوا على مقاليد الأمور في غفلة من الزمن الرديء، تعلق فشلك وهزائمك على شماعة أمريكا وإسرائيل متناسيا أسئلة الناس المريرة في كل هذه البلدان التي ابتلت بالمزايدات والأكاذيب، فهل يا ترى نفذت إسرائيل الأنفال التي دفنت ما يقرب من مائتي ألف إنسان وهم أحياء في صحاري العراق؟ أم إنها ملأت جنوبي العراق ووسطه بالمقابر الجماعية وضربت حلبجة بالأسلحة الكيماوية، أو إنها تذبح البشر من الوريد إلى الوريد في سوريا والعراق وليبيا وأينما وجدت عصابات التطرف والطائفية والعنصرية؟
الموصل سيتم تحريرها، وداعش حالة طارئة، وستنكشف كل أسرار السقوط، لكن من جانب آخر يتوقع الكثير من المراقبين إن فوضى ستعم المدينة على خلفية دخول بعض الميليشيات القريبة مننوري المالكي وخاصة في منطقتي تلعفر وأطراف الموصل الشمالية والشرقية، ويبقى السؤال الأهم أمريكيا هل ستمنع الولايات المتحدة هذا التمدد المذهبي في عقر دار سنة العراق العرب؟
التعليقات