لا يفّرق الارهاب بين من يستهدفهم ، ويضرب الناس الآمنين الأبرياء أيا كانت ديانتهم ومعتقداتهم وطائفتهم وجنسيتهم والقضاء عليه ليس حكرا على الدولة أو المؤسسات المختصة او المراكز المنشأة لهذا الغرض وخطوات القضاء عليه ليست أمنية فقط بل تتشابك فيها السطور الى درجة غريبة .
ومهما حاولنا فرزه او تسميته او جدولته ووضعه ضمن خانات و صفوف ليسهل العمل والقضاء عليه نجد أن هناك حالات لا يمكن تصنيفها فتارة نسمي الإرهابيين ذئابا منفردة وتارة حالات منعزلة وتارة ارهاب جوال وتارة خلايا نائمة لتبقى الحقيقة واحدة وهو أن هناك تقصيرا كبيرا في هذا الملف .
فبغض النظر عّن عدم التعاطي بجدية، رغم كل التحذيرات، مع قضايا الشرق الاوسط فهناك عديد من الامور لابد من تلافيها وتكررت عبر محللين غربيين وعرب في وسائل الاعلام فلا يوجد اهتمام بالتبليغات وهناك تجاهل للمعلومات ، وليس هناك داتا لدى المراكز الأمنية ، والتعاون الأمني بين الدول مازال قاصرا وغير ناضج ، كما ان عدد المهتمين والقائمين والعاملين على هذا الملف غير كافي ولا يجري تثقيفهم كما يجب ليعرفوا حجم الملف وتعقيداته .
ومن نافل القول ان حل قضايا المنطقة العربية حلا جذريا او المساهمة بجدية في حلها قد يكون امرا مساعدا في اجتثاث الارهاب اضافة الى مساعدة الدول العربية التي شهدت ثورات على أنظمتها في العملية السياسية الانتقالية وعدم المساعدة في اعادة انتاج الماضي و تبديل الأنظمة الديكتاتورية بانظمة ديمقراطية لان الديمقراطية هي الحل السحري في القضاء على الارهاب ولابد من الاهتمام والتعاطي بحرص مع الاعلام وعدم اطلاق البيانات دون دراسة والعناية في التصريحات فالقول مثلا اننا سنعيد كل من يتصرف تصرفا شائنا الى بلاده يحبط المهاجرين الذين يحاولون التأقلم في أوربا ويجعلهم يعتقدون أن كل ما يجري حولهم سراب وأن الحديث عّن الاندماج غير حقيقي ويشعروهم بالضياع ،
طبعا لابد للدول ان تحمي أمنها ولكن بدراسة كل حالة على انفراد رغم صياغة قانون في طوره الى التشدد في كل الدول التي طالتها يد الارهاب الآثمة والواقع أنه عندما تريد ان تدرس الحالات التي تطرح أمامك يجب أن يكون لديك القدرة على التحليل الواقعي المبني على الخبرات والفهم وتقدير مايجري من تغيرات ومواكبته بمعنى أن هناك محتوى وارهاب مبطن لا يفهمه غير الناطقين به وعدد من الخبراء والمتابعين ولا يمكن للمراكز الأمنية أن تتعامل معه الا من خلال مختصين حقيقيين .
وأمر آخر في هذه العجالة موضوع التدريس والانشطة في المدارس هي من الامور المهمة ومن الاولويات دائما فهما تناقصت الخدمات في أوربا لا يجب ان تؤثر على العملية التعليمية ولا يجب إهمال الانشطة لانها المكان الأساسي الذي يجب ان نزرع فيه اهمية الحوار وعدم التطرّف ونعلم فيه بطريقة غير مباشرة المحبة والتواصل .
كما ان الاندماج الحقيقي والقضاء على البطالة والفراغ لدى المهاجرين اليافعين وحل مشاكلهم في بلاد اللجوء أمرا لا يمكن تجاوزه ولابد من فتح أبواب العمل الطوعي على مصراعيه وتشجيعه في كل المجالات لان التطرّف والارهاب لا تغذيه الا البطالة والفراغ ولا تتسلسل أفكار التطرّف بشكل عام الا الى المحبطين اليائسين.. الفاشلين في الوصول الى بقعة أمل أو ضوء في نفق في هذا الزمن الصعب .
التعليقات