لم يكن شراء الفيسبوك لتطبيق التراسل الفوري الواتساب في عام 2014 بمبلغ 19 مليار دولار، مجرد عبث او مجازفة غير محسوبة العواقب، فمالك الفيسبوك يتبع سياسة احتواء اي تطبيق او منصة رقمية يمكن ان تؤثر على امبراطوريته في المستقبل، كما فعل ذلك مع الانستغرام في عام 2012، وحاول الامر عينه مع سناب شات لكنه فشل حينما رفض مالكه ايفان سبيغل فكرة البيع واللقاء مع زوكيربيرج في مقر شركة الفيسبوك.

استشراف الفيسبوك لاهمية الواتساب ومايمكن ان يستقطبه من مشتركين في الاعوام القادمة، فضلا عن الاعتماد عليه في التراسل والنقاشات، كان في محله الى درجة كبيرة، حيث كشف زوكيربيرج عن بلوغ اعداد مستخدمي التطبيق الى مليار و200 مليون شخص وذلك في منشور على صفحته الشخصية في الرابع من ايار هذا العام ما يعني حصول هذا التطبيق على اكبر عدد من المستخدمين او المشتركين بعد الفيسبوك، وانه سينافس الاخير على نحو لايقبل الشك.

الجديد في الاخبار المتعلقة بالواتساب، ان البحوث الحديثة حول التطبيق قد كشفت ازدياد اعتماد المشتركين عليه في معرفة الاخبار وتداولها، بسبب ضعف ثقة المستخدم بالاخبار التي يتم نقلها على الفيسبوك وما تمث اثارته مؤخرا حول الكم الهائل من الاخبار المزيفة التي تظهر على الفيسبوك والتي اضحى لها تاثير كبير على المستخدم بل على السياسة والانتخابات كما حدث في الانتخابات الاميريكية الاخيرة.

الدراسة الجديدة هذه المرة كانت من قبل "معهد رويترز" وجامعة أكسفورد البريطانية والتي شملت حوالي 71 الف شخص في اكثر من 30 دولة. اذ اكدت الدراسة، التي كانت بعنوان تقرير الاخبار الرقمية، ازدياد نسبة استخدام تطبيق الواتساب في مجال الحصول على الاخبار بصورة كبيرة، حيث وصلت النسبة الى 15% في مقابل حصول الفيسبوك على نسبة 47% ممن شملتهم الدراسة من الذين اكدوا انهم يعتمدون في معرفة الاخبار على الفيسبوك.

وطبقا لهذه النسبة، فان الواتساب يعتبر المصدر الثاني للاخبار للمستخدمين في المنصات الرقمية في 9 من الدول التي شملها البحث، وبالمقارنة مع العام الماضي، فان نسبة 15% تعتبر كبيرة هو يدل على الزيادة المستمرة في الاعتماد على الاخبار من خلال تطبيق التراسل الفوري الواتساب.

ومن خلال استقراء الدول التي تستخدم التطبيق لغرض متابعة الاخبار، نلاحظ ان ماليزيا هي الدولة الاكثر اعتمادا عليه بنسة تصل ل51%، بينما تجد ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر الاقل نسبة في استخدامه حيث تصل الى 3% فقط .

ثقة المستخدمين بالاخبار التي يتم تناقلها في منصات وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري تختلف من بلد لاخر وتتنوع بحسب التطور التكنولوجي والمستوى الرقمي الذي يتمتع به البلد او المناطق المختلفة في نفس البلد، وبرغم ذلك لازال 40% ممن شملهم البحث يؤكد انه يثق بالاخبار التي مصدرها وسائل الاعلام التقليدية، بل اكد 30% من المستخدمين انه يتعمدون عدم متابعة او التصديق بالاخبار الواردة في وسائل التواصل بسبب عدم الثقة بها وفقا لنفس الدراسة.

وفي حدود معلوماتي ...لاتوجد احصائيات دقيقة حول مدى اعتماد العراقيين، سواء كانوا من الصحفيين او من غيرهم، على الاخبار التي يتم تناقلها عبر الواتساب، ولكن ومن خلال معلوماتي ومعرفتي بهذا المجال فانني اقول وبكل ثقة ان الصحفيين في العراق اصبحوا يعتمدون، بشكل كبير، على هذا التطبيق في الحصول على الاخبار، وهنالك مبادرات قامت بها بعض المكاتب الاعلامية الحكومية من اجل انشاء مجاميع في تطبيق الواتساب يتم من خلالها وضع البيانات والاخبار المتعلقة بتلك المؤسسة او رئيسها، مثل مجموعة خلية الاعلام الحربي واعلام مكتب رئيس الوزراء ومديرية الاعلام والاتحادية/معركة الموصل وغيرها.

هذه المجاميع التي تتواجد على منصة الواتساب تعد مصدر رسمي للاخبار بالنسبة للصحفيين وهم يتواجدون فيها من اجل ان تصل اليهم الاخبار بسرعة وبصورة آنية بدلا من البحث عن الاخبار في المواقع الالكترونية او البريد الالكتروني او صفحات الفيسبوك وحسابات تويتر، علما ان هذا النوع من المجموعات بدأ بالظهور خلال الاشهر الاخيرة على منصة الواتساب

وغيرها ايضا من تطبيقات التراسل الفوري مثل التيلغرام والفايبر، التي تجد ان التنافس بين هذه التطبيقات شديد جدا، وتحاول كل واحدة منها التفوق على نظيراتها من حيث المميزات التي يمنحها كل تطبيق للمجموعة التي تتشكل فيه.

واذا استمر الحال على ماهو عليه من ناحية اقبال الناس على استخدام الواتساب كوسيلة للحصول على الاخبار، فان هذا التطبيق سيدق ناقوس الخطر بالنسبة للفيسبوك خصوصا اذا ما قام المسؤولون عنه باجراء تحديثات واضافة سمات جديدة له تلبي حاجة المستخدم وتنقله من مجرد تطبيق للتراسل الفوري الى منصة للتواصل الاجتماعي والتي بدأ خطوتها الاولى حينما اطلق في شباط الماضي خدمته الجديدة tatusS او الحالة.

باحث في مواقع التواصل الاجتماعي

https://twitter.com/alsemawee