لاتزال منطقة الشرق الأوسط بعيدة كثيرا عن السلام والامن والاستقرار بسبب عدم اتفاق اللاعبين الكبار الروس والامريكان حول خارطتها المستقبلية والتي يفترض فيها أولا ضمان مصالح الطرفين وثانيا قدرتها على البقاء لفترة كافية وهو امر صعب الى حد كبير بسبب تضارب المصالح والاجندات وتدخل القوى الإقليمية التي تحاول أيضا تحقيق مصالحها الخاصة وأيضا بسبب وضع كل من العراق وسوريا فرغم التقدم الحاصل في محاربة الإرهاب ودولته وتحييد تأثيرها ووجودها الى حد كبير الا انهما مرشحان للمزيد من التعقيد والانهيار في أي وقت بسبب الخلل البنيوي الكبير في تكوين البلدين وطبيعة النظامين الحاكمين واقتصادهما المتهاوي وافتقادهما للقرار الوطني المستقل بالإضافة الى التهديد المستمر للقوى الإرهابية التي تعيد تنظيم نفسها وتتخذ اشكالا جديدة مستفيدة من الأخطاء القاتلة للنظامين:
العراقي، الذي دخل في حرب عنصرية طائفية مكشوفة بتوجيه وقيادة إيرانية وضوء اخضر امريكي ضد الشعب الكوردي واحتل أكثر من 50% من أراضي كوردستان الجنوبية ونفذ مجزرة طوزخورماتو بدم بارد لمجرد قيام الكورد باستفتاء سلمي ديموقراطي مشروع حول حقه المشروع في الاستقلال
السوري، الذي سمح عمليا للجيش التركي بالهجوم على منطقة عفرين الكوردستانية دون أي مبرر وهذه المرة بضوء اخضر روسيالامر الذي اجبر القوى الكوردية المقاتلة ضد الإرهاب الى الانسحاب من مناطق المواجهة والتوجه للدفاع عن اهاليهم وذويهم في عفرين
ما سبق يعني ان مواصلة نهج التنكر للحقوق القومية والإنسانية المشروعة لشعب كوردستان ومن قبل القوى الدولية الرئيسة لا يخدم بأي شكل من الاشكال قضية السلام والامن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ولا حتى تحقيق مصالح هذا الطرف او ذاك ومن شبه المستحيل تحقيق هذه الأهداف دون ان يتمتع شعب كوردستان بحقوقه المشروعة ودون ان يكون شريكا أساسيا في بناء مستقبلها وأيضا في التصدي الحاسم للإرهاب العالمي واذا كانت القوى الوطنية الكوردستانية لاتزال سواء في كوردستان الجنوبية او الغربية تواصل الى حد ما مقارعة الإرهاب والدفاع عن القيم الإنسانية فلانها لم تفقد الامل بعد في ان يتبنى الكبار النظرة الواقعية والموضعية لضمان حقوق شعب كوردستان في أي ترتيب جديد لخارطة المنطقة، خاصة وهذه القوى الكوردستانية تملك اليوم قدرا من التجربة والعلاقات الخارجية والإمكانات المتواضعة التي لم تكن تملكها سابقا ولعل تحرير الموصل ومناطق من كركوك وصلاح الدين في العراق ومعارك كوباني و الرقة وديره زور والمواجهة الحالية في عفرين ضد الجيش التركي الذي يعتبر ثاني قوة في حلف الناتو أوضح مثال على ان شعب كوردستان لم يعد لقمة سائغة لقوى الاستعمار الاستيطاني في المنطقة وانه من غير الممكن القضاء على نضاله المشروع في سبيل العدالة والحرية والسلام
ان أي مشروع يتفق عليه الكبار ولا يأخذ ما سبق بعين الاعتبار سيكون محكوم بالفشل فلا سلام حقيقي ولا امن ولا استقرار دون ضمان الحقوق المشروعة لشعب كوردستان.
التعليقات