نظرية المؤامرة (Conspiracy Theory) هو مصطلح انتقاصييشير إلى شرح لحدث أو موقف اعتمادا على مؤامرة لا مبرر لها.تقوم المؤامرة في مضمونها على أفعال غير قانونية أو مؤذية تجريها حكومة أو جهات أخرى قوية. كما تنتج نظرية المؤامرة في أغلب الحالات افتراضات تتناقض مع الفهم التاريخي السائد للحقائق البسيطة. (المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).
يقول العالم السياسي" مايكل باركون": تعتمد نظرية المؤامرة على نظرة أن الكون محكوم بتصميم ما، وتتجسد في ثلاث مبادئ: لا شيء يحدث بالصدفة، ولا شيء يكون كما يبدو عليه، وكل شيء مرتبط ببعضه. أحد الأفكار الشائعة هي تطور نظرية المؤامرة هذه لتدمج في تفاصيلها أي دليل موجود ضدهم، ليصبحوا بذلك جملة مغلقة غير قابلة للدحض وعليه تصبح نظرية المؤامرة "مسألة إيمان بدلا من دليل".
مصطلح "نظرية المؤامرة" يعد من أكثر المصطلحات الرائجة في التفكير العربي منذ الخمسينيات من القرن الماضي، حتى أصبحتبمثابة الأسطوانة المشروخة أو الشماعة التي نعلق عليها أسباب فشلنا في كل شيء. فمع كل كارثة سياسية او اقتصادية او اجتماعية نتعرض لها نتيجة لجهلنا او لسوء تقديرنا للأموروالعواقب، يشير اكثرنا بأصبع الاتهام لـدول الغرب وخصوصا الولايات المتحدة فهي وراء كل شيء حدث لنا في الماضي او يحدثلنا حاليا، حتى أصبحت "نظرية المؤامرة" نوعا من الهوس لدى الكثير منا.
أنصار نظرية المؤامرة يميلون إلى تفسير كل المشاكل والأخطاء والأزمات التي يمرون بها وفق عامل خارجي، فالدول العربية التي تعاني مشكلات وأزمات ترمي بها على عدو خارجي، والأشخاص يفعلون ذلك، فبدلا من البحث عن الأسباب الحقيقية وراء المشكلات التي تحدث لهم، يلجؤون إلى البحث عن نظرية المؤامرة من الآخرين، وهم يلجؤون إلى هذا النوع من التفكير غير العلمي والمنافي للمنطق لإراحة أنفسهم، فهم لا يريدون مواجهة أسباب المشكلة ويبحثون عن التفسير الأسهل وهو المؤامرة.
الإعلام له تأثير كبير على جميع جوانب حياتنا في العصر الحالي، وعلى رغم وجود إعلام عربي يتمتع بهامش لا بأس به من الحرية، إلا أن هذا الإعلام ما زال يحمل إرث الماضي من خلال الخمسين عاما الماضية حيث كان الإعلام وقتها يروج لنظرية المؤامرة، فهي وراء كل الخلافات بين دولة وأخرى، كما هي وراء كل الأزمات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية التي يمر بها نظام من الأنظمة.
يقول الكاتب والمؤرخ الأمريكي " دانيل بايبس – Daniel Pipes"في كتابه "اليد الخفية.. مخاوف الشرق الأوسط من المؤامرات"الصادر في عام 1996م: في عالم اليوم فإن العرب والإيرانيين أكثر شعوب العالم إيمانا بنظريات التآمر وأشدهم حماسا في نشرها، وإلى حد ما، يرجع هذا إلى ثقافة هذه الشعوب، فكلا الشعبين لهما تراث أدبي غني بالخرافات ذات المعاني العميقة، ونظرياتهم التآمرية مليئة بالخيال، وهناك سبب وجيه أيضا يساعد على خلق هذه النظريات التآمرية، فإيران وكل الدول العربية في قبضة قائد مطلق سواء كان علمانيا أو رجل دين، وهؤلاء يخضعون كل شيء لتحقيق أغراضهم وأهدافهم: التعليم، وسائل الإعلام، القانون، الجيش وغيرها من المؤسسات. وفي هذه المجتمعات لا يعلم بالحقائق الصحيحة إلا قلة صاحبة امتيازات، ويجعل الخوف والجهل الجماهير تحت رحمة الشائعات والخيالات، ولهذا يتخلى الناس عن مبادئ البحث العلمي المألوفة للتحقق من الأحداث ويلجؤون إلى فكرة أن هناك قوى تعمل في الخفاء مما يفتح المجال للأساطير والخرافات التي تنبع من خيال الإنسان الواسع.
اذكر أنى قرأت مقالة "للدكتورعائض القرني" قبل سنوات في جريدة "الشرق الأوسط" يستغرب فيها من العقلية العربية التي تتعامل مع الأحداث التي نتعرض لها على إنها مؤامرات خارجية،حيث قال: "متى تكفون يا أعراب عن عقدة المؤامرة، وتساءل بتعجب واستنكار: من أنتم حتى يتآمر عليكم العالم؟ من حضراتكم حتى تشتغل بكم القوى العظمى؟ لماذا يستهدفكم العالم وعلى ماذا يحسدكم؟ على ثرواتكم، بينما شعوبكم تذوق الجوع والعري والجهل والمرض والتخلف؟ ام يستهدفكم لصناعاتكم وإنتاجكم ومراكز البحوث عندكم ومصادر الطاقة وصروح المعرفة ومخازن الأسلحة والمدمرات والبارجات والمراكب الفضائية وحاملات الطائرات، وأنتم لا تستطيعون صناعة سيارة هايلكس بل أنتم في ذيل قائمة دول العالم صناعة وزراعة وتعليما وتنمية وإنتاجا. إن ميزانية شركة غربية واحدة أكبر من ميزانية دولكم مجتمعة".
لقد آن الأوان لنتخلص من هذه الشماعة التي نعلق عليها فشلنا وأن نتمتع ببعض الموضوعية عند مناقشة أخطائنا وأزماتنا، وبدلا من أن نعلق أسباب الخطأ والفشل على نظرية المؤامرة، علينا ان نبحث عن الأسباب الحقيقية ونتعلم منها لكي لا نكررها في المستقبل.
آخر الكلام: لا يحتاج العرب الى أعداء خارجيين ليتأمروا عليهم، فقد كشفت الخلافات الأخيرة بين بعض الدول العربية انهم يتآمرون على بعضهم البعض، وبعضهم يستعين بدول اجنبية.
التعليقات