-1-
في القرآن الكريم والكتب " السماوية " المقدسة الأخرى، وفي النصوص الوضعية المقدسة لدى أخوتنا الهندوس والبوذيين وحكماء الهند والصين وفارس وفي حيوات وتجارب المتصوفة وروحانيو الفرق العديدة.
في مجمل روافد الحكمة.. آيات ودروس وعبرٌ حريٌ بالمرء أن يقلّبها ويستقي منها ما ينفع ويُغني ويشفي.
هذا ميراث ثقافي أنساني لنا جميعا كما هو الربّ لنا.. لنا جميعا.
الرب.. الواحد.. المتحرر من سجن الشكل والهوية.. الكينونة الأولى التي لا سيرورة لها ولا صيرورة...المطلق.. الأزلي الأبدي الذي لا تدركه الأبصار.. الواحد الذي لا نضير ولا شبيه له.. الكافي المُكتفي بذاته.
المالك الذي لا يُملك، الكامل الذي لا يُجزئ.
الشامل الذي يحتوينا جميعا ولا نحتويه.. الذي هو معنا جميعا ولنا جميعا.. ولا يمكن إلا أن يكون لنا جميعا...!
ليس هناك أما...أو..
أما لي أو لك.. بل لي ولك..
وآياته الحقة تلك القوانين التي لا يكف العلم عن اكتشافها كل يوم وساعة ولحظة.. القوانين التي تحرك الإلكترون حول الذرّة والنجم في المجرّة والمجرات حول بعضها وفي الفضاء الفسيح الذي لا يكف عن الاتساع والتمدد والنمو.
ليس هناك في الفكر والعقائد والرؤى ما هو صحيح تماما أو فاسد بالمطلق، وليس هناك من انفصال حق أو احتراب إلا في العقول القاصرة التي تعتاش على فكرة الانفصال والتمايز لحاجات "إنويه"، وتلك العقول هي المُخرب المنتج للإرهاب والخراب.
وهؤلاء الأفراد هم من أنتج هذا الشر الذي خرب بلداننا وأهدر اموالنا ودمائنا وسمعتنا ومكن الطامعين من أرضنا وأوطاننا وكما قيل يوما " النار تأكل بعضها إن لم تجدْ ما تأكله" فقد انقلبنا على بعضنا وأكلنا بعضنا وشمتنا ببعضنا وقهر قوينا ضعيفنا وانقلبت اقلياتنا على اكثرياتنا (ولهم وربي الحق بذلك لأننا لم نحترم المختلف فينا ولم نرحم لا أنفسنا ولا أخوتنا في المواطنة).
-2-
مباركون هم الفتية الذين يهجرون الوطن بحثا عن الحقيقة المعرفية هُناك في الغربة. أولئك يخرجون من بيوت معافاة، من اباء سليمو العقل والقلب، من بيئة بيوت آمنة مُنسجمةٍ، من عيونٍ وقلوبٍ تعي نعمة الأبناء وقدسية هذه الهبة الربانية وخطورة هذا التجلي الإلهي في هؤلاء وبالتالي ضرورة أن تُحسن رعايتهم وتوجيههم، ولاحقا انتظار عودتهم الميمونة بعلم رصين وخبرة وخُلق يُحي الأرض ويبني الأوطان.
وينجحون ويعودون لوطنٍ ينتظرهم بشغف.
فما بالك بمن يغتربون من اوطانهم، خارجين بلحى كثة وثياب رثّة باحثين عمن يقتلونه؟
عمن لا يعرفونه بالاسم والوجه والهوية، لم يعايشوه، لم يقتربوا منه إلا لحظة تفجير أجسادهم أو دس المتفجرات في جواره ...!
هؤلاء الفتية.. ليسوا مجانين أو مرضى، بل ضحايا ...!
ضحايا ثقافة الانفصال، الانعزال، الرفض للآخر المختلف الذي يفترض أن نعرفه، نتعارف معه، نغنيه ونغتني به لأننا جميعا في هذا المركب الوحيد الصغير التائه في كون شاسع مترامي الأطراف، ليس لمركبنا فيه إلا وجود الهباءة التي بالكاد ترى من بعيد.
كان يجدر بنا أن نقرأ تاريخ الشعوب التي خرجت من أتون الكراهية قبلنا، نقرأ تجارب أولئك وكيف أفلتوا من ثقافة الانفصال، كيف تركوا الرب وشأنه للكنيسة والمعبد، وتفرغوا هم لبناء أوطانهم وشعوبهم على أسس علمية وتحت سلطة النظم الدستورية الصارمة العادلة وإشراك الناس في الحكم والإدارة والثروة عبر الانتخابات وسلطة البرلمان.
العدل عبادة...العلم عبادة.. وصلاة في مسجد أو كنيسة أو معبد ...عبادة.
وقُل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
وللحديث صلة.
التعليقات