أخيراً انتهت الانتخابات العراقية التي رافقتها انتقادات عديدة وطالبت قوى رئيسة بإعادتها او على الأقل احتساب الأصوات يدويافيما شككت أوساط أخرى بمشروعيتها وان نسبة المشاركة لم تصل الى أكثر من 19% من أصوات الناخبين العراقيين.

الانتخابات التي لم تكن بعيدة عن تأثيرات وتوجيهات طهران ستنتج على الاغلب حكومة وفق المقاسات التي تخدم مصالحها وفي مواجهة المستجدات على الساحة الشرق أوسطية بما فيها الموقف الأمريكي الأخير من الاتفاق النووي، الامر الذي يعني إعادة انتاج الواقع الحالي المر والمزرى وفيما عدا تغيير بعض الوجوه فان المتحكمين بمراكز القرار والسلطة سيبقون في مراكزهم هذا اذا لم يقم الجنرال قاسم سليماني باستبدالهم بمجموعة اكثر تشددا وطائفية وتبعية لطهران المقبلة على خوض غمار حرب طويلة الأمدحتى ان لم تكن حرب مباشرة فستكون بالوكالة وسيكون العراق احد اهم خطوط المواجهة الامامية وعليه فلا مجال للمواقف الرمادية لا في البرلمان ولا في السلطة والحكومة ولا في أي مجال يؤثر سلبا على وضع طهران في مواجهة ما تسميه بالشيطان الأكبر الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل والدول العربية التي عانت كثيرا وطويلا من التمدد الإيراني على حساب امنها القومي الاستراتيجي.

واضح ان طهران ستبذل اقصى جهودها للتهرب من حرب مباشرة تعرف مسبقا انها ستكون الطرف الخاسر ولكنها بالمقابل ستعمل على استنفار كل طاقاتها واستخدام كل تمددها واذرعها الحالية وبذكاء البازار الإيراني وصبره المعروف لمواجهة الإجراءات الامريكيةالمتوقعة وتحجيم اثر العقوبات الاقتصادية من جهة ولتعزيز موقعها التفاوضي في أي حوار مستقبلي من جهة أخرى وعليه فان طهران لن تسمح باي تغيير حاسم في الوضع العراقي الذي سيبقى مرهونا لإرادتها ومصالحها سواء شاءت الولايات المتحدة الامريكية ام ابت وستشهد المرحلة المقبلة بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة تصعيدا جديا في الاستعدادات الإيرانية لمواجهة ما تسميه بالعدوان الامريكي الإسرائيلي وتعزيز سيطرتها الكاملة على ما يسمى بالهلال الشيعي.

بقدر تعلق الامر بالشعب الكوردستاني فقد اثبت مرة أخرى للشعب العربي من خلال مشاركته في الانتخابات العراقية عن حسن نيته واستعداده للعيش المشترك شريطة ضمان حقوقه الوطنية والقومية الديموقراطية وانهاء حالة الاحتلال العسكري وحل المشاكل القائمة وفقا للدستور وهو موقف تأريخي وتكريس للعلاقات الأخوية والإنسانية بين الشعبين العربي والكوردي رغم يقين وقناعة الشارع الكوردستاني الذي صوت للاستقلال بنسبة 93% بان السلطة القادمة لن تكون بأفضل من التي سبقتها بسبب تبعية مراكز القرار العراقي الطائفية للموقف الإيراني من القضية الكوردستانية والذي حدده الجنرال محمد علي جعفري القائد العام للحرس الثوري الإيراني في 4/4/2018 (ان احباط مؤامرة استفتاء استقلال منطقة كوردستان العراق كانت بفضل خطوات الجمهورية الإسلامية في الوقت المناسب) وهو الخط العريض المرسوم للأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد أيا كان أعضاء البرلمان المقبل وعليه فان مشاركة ممثلي شعب كوردستان على الاغلب لن تنتج اثار إيجابية لا فيإشاعة السلام والمصالحة الوطنية الشاملة ولا في تحقيق طموحات شعب كوردستان المشروعة الذي لم يعد يثق بالدولة العراقية التي تتحين الفرص للانقضاض على ما تسميه بشمالنا الحبيب! كما حدث مؤخرا من اجتياح 51% من أراضي كوردستان.

ان عدم ضمان الحقوق الوطنية والديموقراطية المشروعة للشعب الكوردي وللمكون العربي السني ومشاركتهما الفعالة والحقيقية في صنع القرار يعني قطعا السير باتجاه تقسيم العراق وربما الحرب الاهلية واسعة النطاق لا بسبب المطالبة الكوردستانية بالاستقلالوهو حق مشروع وانما بسبب السياسات الفاشلة التي مارستها الحكومات الطائفية المتعاقبة منذ سقوط النظام الدكتاتوري كرمالعيون طهران.

[email protected]