رغم ان شعب كوردستان – العراق اختار بنسبة 92,76% الاستقلال خلال الاستفتاء الشعبي العام في 25/9/2017 فقد قررت القيادة الكوردستانية المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر اجراؤها في 12/5/2018 تعبيرا وتأكيدا لما سبق وان اعلنت عنه مرارا وهو التمسك بالحوار والتفاوض والحلول السلمية وضرورة التوصل الى اتفاق كوردي – عربي حول مستقبل العراق يضمن حقوق شعب كوردستان كما يضمن استمرار العلاقات التأريخية بين الشعبين وحماية مصالحهما الاستراتيجية وامنهما القومي.
المشاركة الكوردستانية في الانتخابات العراقية تؤكد ايضا على ان شعب كوردستان لا يزال متمسكا بالدستور الفيدراليووحدة البلاد فيما اذا التزمت الدولة العراقية بتطبيق الدستور نصا وروحا وهو الامر الذي تجاهلته الدولة عن عمد وسبق اصرار ودفعت بالشارع الكوردستاني الى اختيار الاستقلالناهيك عن العقوبات الجماعية التي فرضتها الدولة كحرمان الاقليم من حصته في الميزانية العامة على سبيل المثال لا الحصر.
السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل من الممكن ان تفرز الانتخابات عن قيادة وعقلية جديدة متفهمة للمسألة الكوردية وملتزمة بتطبيق الدستور الاتحادي وقادرة على اعادة بناء جسور الثقة و حل المشاكل المعقدة والمستعصية بين الدولة وشعب كوردستان على اسس دستورية تحترم خصوصية ثاني قومية رئيسة في البلاد وحقوقها القومية الديموقراطية والانسانية؟
اغلب الظن وبرغم دعوة المرجعية الدينية الى ان ( المجرب لا يجرب ) فان الانتخابات الحالية ستفرز نفس القوى الطائفية والعنصرية السابقة زيادة ونقصاننا في التمثيل سواء بتاثير التدخلات الاقيمية واسعة النطاق او نتيجة لما يرافق عملية الانتخابات من نواقص وتزوير وتلاعب بالاصوات ....الخ مما يعني ان العقلية السائدة والمسيطرة في البرلمان القادم لن تختلف كثيرا عن البرلمان الحالي الغارق في الفساد والتوجهات العنصرية والطائفية والذي اصدر اكثر من 10 قرارات بمعاقبة شعب كوردستان بصورة جماعية واتاح للسلطة الاتحادية في مخالفة صريحة للدستور الفيدرالي لزج القوات المسلحة والحشد الشعبي في حرب داخلية ولاعادة احتلال 51% من اراضي كوردستان وتنفيذ مجزرة طوزخورماتوو بدم بارد.
لما سبق فأن المشاركة الكوردستانية في الانتخابات العراقية رغم كونها اثبات وتأكيد على حسن نية الكورد تجاه الاخوة العرب وبقية مكونات الشعب العراقي فهي ايضا محاولة جدية رصينة لتطبيق الدستور الاتحادي وضمان حقوقه القومية والوطنية المشروعة وحماية وحدة العراق اللاتحادي وهي على الاغلب ستكون المحاولة الاخيرة للحفاظ على هذه الوحدة خاصة فيما اذا تعامل البرلمان الجديد بنفس العقلية العنصرية والطائفية السابقة من موقع الاستعلاء القومي والانتصار الوهمي على الكورد كما يحلو للسلطة الحالية ان تتبجح به.
التعليقات