نرجع الى الوراء وتحديدا قبل خمسة عشر عاما، ففي العام 2003 نتذكر غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها.

انذاك، وعلى الرغم من حقيقة أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية قد أبلغت عبر القنوات والطرق الدبلوماسية الرسمية بلدان الائتلاف معلنة انها لم تكن طرفا في تلك الحرب ولم تطلق رصاصة واحدة ضد القوات الاميركية.. بالرغم من هذا كله فانه وفي اعنف عمليات القصف الجوي واكثرها رعبا في التاريخ، فقد تم قصف جميع معسكرات جيش التحرير الوطني الإيراني التابع لمجاهدي خلق القوة المعارضة الرئيسة للديكتاتورية الدامية الحاكمة في إيران، في الشريط الحدودي العراقي الإيراني من قبل قوات الائتلاف. ومن ثم وبعد ذلك ولمدة نحو ثلاثة عشر عاما، كان مجاهدو خلق يعيشون في شبه سجن في مخيمهم بالعراق.

إن جريمة الحرب هذه والجريمة ضد الانسانية التي ارتكبت ضد المجاهدين رغم انه لم يكن هناك دليل واحد او حتى وثيقة واحدة تدينهم في اي مجال كان، وما كان يبث ضدهم ما هو الا ضمن جوقة الدعاية الممنهجة والمنظمة التي تبثها ايران على مدار الساعة ضد المجاهدين في اطار تشويه صورتهم، وما كان قيام الادارات الاميركية السابقة بادراج اسم منظمة مجاهدي خلق في قائمة المنظمات الارهابية، الا في اطار سياسة الاسترضاء التي تتبعها تلك الادارات الاميركية المتعاقبة مع النظام الايراني.

وبالرغم من التعهدات الخطية للادارة الاميركية والقوات الاميركية الموجودة على الارض في العراق، الا ان مخيم مجاهدي خلق تعرض عشرات المرات للهجوم من قبل القوات الموالية لإيران في العراق، الامر الذي ادى الى استشهاد وجرح المئات من اعضاء مجاهدي خلق. كما انه تم فرض حصار غذائي وطبي ودوائي شامل ضد مناضلي هذه المنظمة في تلك الفترة الصعبة.

المقاومة الإيرانية ورغم كل ما جرى وكل ما كان يحاك ضدها في السر والعلن وعلى كافة الصعد، لم تتوقف عن نشاطاتها وفعالياتها في جميع انحاء العالم، ونتيجة مباشرة لهذه النشاطات الواسعة اضطرت الادارة الاميركية الى الانصياع لقرارات القضاء الاميركيوأخرجت منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الإرهابية. ثم جاءت الخطوة التالية بنقل جميع اعضاءمجاهدي خلق من العراق إلى اوروبا في العام 2016بشكل آمن ومنظم كنتيجة للحملات المتواصلة لمؤيدي وداعمي مجاهدي خلق في الولايات المتحدة وباقي البلدان الاوروبية.

في تلك الأيام، استفادت الادارة الاميركية من تعثرها في مستنقع العراق كذريعة لتقديم التنازلات الى النظام في إيران، ووصلت سياسة الاسترضاء هذه إلى ذروتها ابان حكم ادارة الرئيس باراك اوباما، الامر الذي ادى في نهاية المطاف الى توقيع اتفاق نووي مشين وبائس مع إيران.

وبالرغم من ان خامنئي الولي الفقيه اضطر ان تجرعكأس السم النووي، الا ان التنازلات الكثيرة جدا التي تم منحها للنظام الايراني اعطيت له وفقا لسياسة الاسترضاء التي اتبعتها الادارة الاميركية مع الدكتاتورية الارهابية الحاكمة في ايران. وهذه السياسة في حد ذاتهاعززت داعش وتركت قبضة ايران مفتوحة كما يقول المرشد الاعلى وسائر سلطات النظام، لتدير الحرب التي كان من المفترض ان تدار داخل المدن الإيرانية وضد المحتجين والمنتفضين، الى خارج حدود ايران مع اثارة والشغبوالتخريب والقتل في العراق والحرب في سوريا واليمن.

في ظل هذه الظروف ومع التغيير في إدارة الولايات المتحدة ، بدأ الوضع يتغير تدريجيا على الساحة الايرانية الداخلية وعلى الساحتين الاقليمية والدولية ضد نظام ولاية الفقيه. واليوم، يضع وزير الخارجية الاميركي مايكبومبيو، 12 مادة أمام إيران، في حال نفذها الولي الفقيه فانه سيتجرع كأس السم مرة أخرى، وحينها لن يبقى شيئا عنه وعن نظامه. تطالب الولايات المتحدة، اليوم، بشدة، وعلى لسان وزير خارجيتها بـ"تغيير سلوك"النظام الإيراني. وتغيير السلوك حسب تعبير خامنئي هو «تغيير النظام نفسه»، حيث قال في 10 مارس اذار2017 «عليكم ايها السادة ان تعرفوا انهم يطالبون بتغيير سلوك النظام، غير ان هذا لا يختلف عن تغيير النظام».

نعم، لقد مضت السنوات الصعبة للمقاومة الإيرانيةوبدأت الأيام الصعبة للنظام الحاكم في إيران وخاصة في داخل المدن الإيرانية، حيث نشاهد بشكل جلي كيف ان النظام بدأ يلفظ انفاسه الاخيرة، انه في الرمق الاخير ينازع ويصارع الموت. وتقول الانباء الواردة من داخل إيران بأن المواطنين بدأوا بتحويل اموالهم ونقودهم إلى معدن الذهب.. والدولار الذي كان بـ 3 آلاف تومانا وصل إلى 10 آلاف وهو مرشح ايضا للصعود.

الانتفاضة التي بدأت في ديسمبر كانون الاول 2017 في العديد من المدن الإيرانية، لا تزال مستمرة. قوات المقاومة في داخل إيران وحسب الخطوط الموجهة مسبقا من قيادة المقاومة داخل البلاد بدأت من المدن الصغيرة لتصلالاحتجاجات إلى المدن الكبيرة والآن نرى بأن النظام يضطر الى مواجهة المتظاهرين والمتحجين والمضربين ويشتبك معهم في عقر داره في العاصمة طهران وفي بازار.

خامنئي قال في حديثه أمام قوات الحرس الثوري والحشد (الباسيج) بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في ديسمبر 2017 انه «هناك قرائن وشواهد استخباراتيةفي ان من يقف خلفها (ويقصد الانتفاضة العارمة الشعبية)، هو مثلث احد رؤوسه اميركا والصهيونية اللتان خططتا لهذا المشروع، والراس الثاني هو التمويل من قبل احدى دول الخليج ، اما الراس الثالث و الاخير من المثلث فهو قوات مجاهدي خلق الذين كانوا قد جهزوا انفسهم منذ شهور».. والمواطنون في إيران يعرفون معرفة جيدة ان ادعاء تخطيط انتفاضتهم من قبل «الاميركيينوالصهاينة» وتمويله من قبل بلد في المنطقة امر يثير السخرية والضحك، غير انهم يلاحظون بأم عيونهم ان رأس هذا المثلث هو قوات المقاومة الإيرانية داخل البلاد التي ظلت شعلة الانتفاضة فيه مستمرة تنير منذ ديسمبرالماضي.

ان النظام في إيران ورغم الظروف الضاغطة عليه، على الصعيدين الاقليمي والدولي، ورغم الملفات المفتوحة لهذا النظام سواء الملف النووي او سياسة التدخل في دول الجوار والمنطقة والحروب التي يشعلها هنا وهناك وانتاج الصواريخ البالستية ليزود بها ميليشياته والقوات التابعة له هنا وهناك، لاذكاء نار الحرب في دول المنطقة، رغم كل هذه الظروف والملفات الساخنة التي يتجرع من خلالها كؤوس السم، فانه يتركها ويضطر الى الهرب ليواجه المواطنين المنتفضين داخل المدن الايرانية.

في آخر اجتماع كبير لمقاتلي جيش التحرير الوطني الإيراني بحضور قائد المقاومة السيد مسعود رجوي، هذا الاجتماع الذي جرى في احد معسكرات هذا الجيش في العراق وفي مارس 2003 وعلى اعتاب غزو العراق، قال السيد رجوي: ان الشر الكثير قادم، لكن علينا ان نحصد الخير العظيم من هذا الشر الكثير».

بعد ثلاثة ايام، وتحديدا يوم السبت الموافق 30 يونيو الحالي، يعقد في باريس المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية والذي يختلف تماما عن أي مؤتمر سبقه من حيث الحشد والاعداد والمحتوى والمضامين، هذا المؤتمر الذييسبب صداعاً مزمنا للنظام الإيراني والذي يحتاج لشهورحتى بالكاد يبرأ منه. هذا المؤتمر كما قلنا سيكون مختلفا عما سبقه من مؤتمرات، لانه يقام في خضم الثورةالإيرانية الشعبية التي لا تزال نارها مستعرة تلفح النظامالإيراني وتؤرقه وتقلق مضجعه، رغم كل العنف الذييمارسه لإخمادها من قتل وسجن وتعذيب للثوار ولكن دونجدوى، فالشعب الإيراني انتفض في كل إقليم ضدالنظام المستبد الظالم طلباً للعيش بكرامة وعزة، انه مؤتمر استثنائي وفي ظروف استثنائية بكل المقاييس.. نعم لنعلنها في هذا المؤتمر بصوت واضح وعال مع كل احرار العالم.. معا لازالة هذا الشر الكثير من المنطقة والعالم واستتباب الخير العظيم والنصر والحرية والديمقراطية في إيران والسلام في هذه المنطقة من العالم.