لا جديد في ان العراق جزء مهم من المنظومة الأمنية والدفاعية الإيرانية التي تتحكم في اغلب المفاصل الأساسية في الدولة العراقية وفي القرار العراقي سواء كان هذا القرار متعلقا بأمورداخلية او بالموقف من الجوار الإقليمي والعلاقات الدولية ولذلك فان التغييرات الجديدة في الإدارة الامريكية واختيار كل من مايك بومبيو كوزير للخارجية وجون بولتن كمستشار للأمن القومي والمعروفين بمواقفهما المتشددة من ايران قد يؤدي الى صيف ساخن علىالساحة العراقية دون ان يحقق في المدى القريب اي تغييرات جوهرية للحد من الهيمنة الإيرانية بعد ان قدمت الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس أوباما العراق على طبق من ذهب لإيران
القرارات الأخيرة للبرلمان العراقي المنتهية ولايته في الغاء بعض نتائج الانتخابات وإعادة الفرز اليدوي واعفاء تسعة أعضاء في المفوضية العليا للانتخابات في خرق واضح لمبادئ الدستور والقوانين المتبعة للتأثير في النتائج النهائية للانتخابات لصالح الأطراف الخاسرةهي بداية التحدي الإيراني للوجود الأمريكي الذي يحاول التوصل الى حكومة في بغداد اقل تبعية لطهران وتتمتع بقدر من الاستقلالية في اتخاذ القرار
ما سبق يعني ان العملية السياسية في العراق تواجه وضعا حرجا بين السندان الإيراني والمطرقة الامريكية ومن الممكن ان يؤدي هذا الصراع الى انهيارها الكامل مما يثير اكثر من تساؤل حول إمكانية بقاء العراق كدولة خاصة والكثير من المقدمات الضرورية لسقوطهاموجودة على الأرض كخرق الدستور وتجميد تفعيل مواده وعدم وجود أحزاب وكتل سياسية عابرة للطائفية وانعدام أي توجه نحو دولة المواطنة والعدالة والمساواة واحترام القانون وبروز ظاهرة المليشيات المرتبطة بأجندات خارجية وتعددها وتفاقم حالة الاستياء الشعبي العام من الوجوه الحاكمة الغارقة في الفساد والفساد المستشري وبأرقام فلكية وندرة الخدمات الأساسية خاصة في مجالات التربية والتعليم والصحة وتوفير الطاقة وانتشار الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق والقائمة طويلة لدولة فاشلة حتى النخاعبالإضافة الى التراجع الكارثي في ثقافة المجتمع العراقي وعلاقاته الإنسانية وعمليات التجهيل وغسيل الدماغ المتعمد لصالح سيطرة العقلية القروسطية والخرافات والدجل والشعوذة التي مارستها الأحزاب والكتل السياسية المتسترة بالدين والطائفة ناهيك عن السياسة الطائفية والعنصرية ضد العرب السنة وشعب كوردستان التي انهت عمليا كل معنى للوحدة الوطنية والعلاقات الإنسانية بين مكونات العراق
هذه السياسة تسببت في تشظي وانقسام المجتمع العراقيالاميبي ولم يبقى هناك ما يبرر التمسك بالوحدة الوطنية ولابالحصانة في وجه التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية وبالتالي أصبحت الأبواب مشرعة لهذه الأطراف الخارجية لتصفية حساباتها على الساحة العراقية مباشرة او بالوكالة
ان انهيار العملية السياسية النهائي وهو احد النتائج المتوقعة للسياسة التي مارستها الدولة أساسا طيلة الفترة الماضية وجاءتقرارات البرلمان المنتهي ولايته ليسرع من عملية الانهيار يمكن ان يؤدي مباشرة الى الاحتراب الداخلي والحرب الاهلية ونشر الخراب والدمار والمزيد من الدماء والدموع واذا كان هناك من مخرج للازمة فهو في تسوية تأريخيه شاملة لتقسيم ودي يحقن دماء العراقيين وينقذهم من الكارثة القادمة عن طريق الحوار والتفاوض والتفاهمبإشراف اممي وعربي وضمان حقوق جميع الأطراف القومية والدينية خاصة اذا لم يتم التوصل الى عقد اجتماعي وسياسي يضمن هذه الحقوق على أساس الشراكة والتوافق والتوازن وهو امر شبه مستحيل في ظل العقلية الحاكمة في بغداد
يبقى التساؤل الأكثر أهمية: ترى لمصلحة من والى متى يجب ان تدفع مكونات العراق القومية والدينية الاف الضحايا والقرابين من أبنائها للحفاظ على هذه الدولة وحماية حدودها التي رسمتها المصالح الاستعمارية على الرمال رغم إرادة مكوناته والتي تفتقد الى ابسط مقومات الحياة الحرة الكريمة للإنسان.
التعليقات