أعتدتُ&بين فترة وأخرى&ان&أتصفح حسابي في&موقع التواصل الاجتماعي "&الفيسبوك&"&واطّلع على نشاطات أصدقائي وما يكتبونه لبعضهم البعض وأقرا التعليقات والرسائل الجديدة&عندما أنهك من قراءة كتاب ما ؛&وربما أحاور وأمارس الدردشة مع من أحبّهم كلما&أمكن ذلك&.

ومن محاسن الصدف&أنني لقيت احد أصدقائي الذي لم&اره&منذ اكثر من ثلاثين سنة وسألته بين ثنايا الحديث عن وضعه الأسَري&وأولادهو..و..واتضح لي من خلال اجابته انه مازال اعزب ولم يتغير شيء عن وضعه الاجتماعي فلا أسْرة ولا أولاد ولا مسؤوليات عائلية&.

مذ عرفت هذا الرجل&في&سنيّ السبعينات والثمانينات من القرن الفائت كان صديقي العتيد عنيدا وباحثا عن الكمال في&اختيار&بنت الحلال وكذا&اختيار معظم&أصدقائه&والمقرّبين&اليه&بعناية شديدة&الىحدّ&لايطاق&.&وقلما يتنازل او يتهاون عن بعض الهفوات التي غالبا ماتنتاب البشر&؛&وكم كان يعاني من نزق زملائه والمحيطين&به&والذين تظهر عليهم بين الفينة والفينة بعض الهنّات&والأخطاء&سواء عن قصد او غير قصد لكنه كان صعب الاقناع ومن العسير ترويض نفسه لتقبّل الخطأ ويتخذ مواقف في غاية التطرّف من اقرب المقربين له&لمجرد حدوث هفوة صغيرة كالتأخر عن لقاء&او&موعد&او&نسيان طلبٍ ما&.

ومن الغريب ان صاحبي هذا ظلّ&على طبعه ولم يحاول تغيير حاله طوال السنوات التي عاشها مغتربا عن بلاده&؛&وأعجب كيف لا&يفهم البعض&ان&الانسان&بطبعه&يخطئ&ويصيب ، يرضى ويغضب ، يفرح ويحزن&!! .&وهذه كلها تنعكس على سلوكه&؛&والكمال ما&هو إلاّ حالة مثالية على&الأرض&؛&فلنحتمل&وخزات&الأشواك&المحيطة بالزهور الجميلة ولْنطِق زلاّتِ&اصدقائنا مهما أزعجتنا وأغضبتنا ولنكن مثلما قال شاعرنا العربي :

اذا انـت في كـلّ الامـور معاتــبا..............صديقك لم تلقَ الذي لاتعاتبهْ

فعـشْ واحدا&او&صلْ أخـاك فإنـهُ..............مقـارف&ذنبٍ مرةً&ومُــجانبــهْ

ومن ذا الذي تُرضى سجاياهُ كلها............كفى المرء نبلاً&ان&تعدّ&معايبُـه

ففي عالم النبات تخرج اجمل الزهور وأعطرها من نبات الصبّارالشائك ، ومن قحط الصحراء وجفافها&ويباسها&تطلع أكثر الورود البريّة سحرا&وعطراً&فلا شيء كامل سواء في طباعنا نحن البشر وحتى في طباع الكائنات الحيّة التي تعيش معنا وتشاركنا حياتنا كالحيوانات والنباتات&؛&ولعمري&ان&في ذلك لعبرة لبني الإنسان كي يتحمل صعاب الحياة وصولا&الى&متع الدنيا&،&فاللّذة وليدة الألم ولايحلو الوصول&الى&الأهداف&السامية إلاّ اذا رافقتها المتاعب&وهزّتها&المطبّات&والعثرات الجسام&المليئة في طرق الحياة التي نسلكها سواء كانت وعرة&ام&معبّدة&سالكة .

ومن أعاجيب&عالم الحيوان ؛ لفتت نظري الغرابة التي تعيشها&" القنافذ " تلك الحيوانات المكسوّة بالإبر الواخزة فهي لا&تقترب من بعضها البعض&في غالب الاوقات خوفاً من الوخز&الّا في ليالي الشتاء القارصة طلبا للدفء وبذلك تتلقى&وخزات&بعضها البعض من اجل ان تستشعر&الحرارة والدفء فيما لو تقاربت سويةً&؛&فالتقارب وان كان موجعا افضل بكثير من الموت بردا وهي بعيدة عن أصحابها&وشلّتها&وبني جلدتها&،&وحالما يعمّها الدفء ويغلّف أجسامها&؛&تنفرد بعيدا هربا من لسعات الوخز وهكذا يستمر حالها بين تقارب وتباعد وفقا لبرودة الجو والشعور بالحرارة&.

هكذا هو وضعُنا في علاقاتنا البشرية فلا يخلو احدنا من&أشواكتُدمينا&اذا&اقتربنا منها لكننا نقترب من بعضنا البعض طلبا لتواصل العلاقات الانسانية ودفئها ونقول لمن اراد صديقا بلا عيوب&وزوجة كاملة الخلْق والخُلُق فليهرب من هذه الحياة&وليبحث في زوايا المستحيلات الثلاث&ويبقَ&وحيدا فردا بلا صحبة او انيس ويعشْ طول حياته اعزب بلا رفيقة عمر مثل&حال صديقي المسكين الذي&اضاع عمره الطويل باحثا عن الكمال بين ظهرانينا فلم يجدْه&.&فلنصبر علىوخزات&الآخرين&ولا نمعن&النظر بكل شيء&ولانحلل كل شيء فوق مايستحق فالذين تفحصوا الماس&النفيس ذا البريق المبهر&وجدوه فحما&وما الانجم الزاهرات التي ترصّع السماء بهاءً وجمالا&وأضواءً&إلاّ صخور وترابٌ وأحجار&.

[email protected]