"إيلاف" من دمشق: بين الاستقبال الفاتر جدا لايهود المرت نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي في انقره والاستقبال الحار جدا لرئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري من قبل ورثة الدولة العثمانية قصة طويلة جديرة بأن تروى واسئلة كثيرة حرية بأن يسلط الضوء عليها.

هل حقا نجح الدمشقيون في سرقة انقره واسطنبول من ايدي احفاد "الدونمة" أم ان الامر كان في سياق طبيعي نتيجة التغيير في السياسة وفي المصالح وبالتالي وجدت الاطراف انه من الافضل ان يتم تغيير الاصطفاف فلغة المصالح لاتعرف الرحمة.

المحللون يعزون توتر العلاقات التركية-الاسرائيلية الى جملة من الامور اهمها على الاطلاق هي طريقة التعامل الاسرائيلية المتغطرسة مع دول المنطقة فهي تريد ان تأخذ كل شيء دون ان تعطي في المقابل الا الفتات والاتراك ليسوا في وضع يسمح لهم بقبول مثل هذه المعادلة والاسرائيليون اخطأوا في هذا الجانب .

بالطبع الجميع مدرك ان تركيا دولة عسكرية بامتياز وان كانت علمانية وديمقراطية فما لن يرضى به الجنرالات لن يحدث وان شاء اردوغان او غيره او ابوا فالعسكر ضمان لعدم تحول تركيا الى جمهورية اسلامية ومن هنا يمكن استبعاد الجانب العاطفي او الشعور الاسلامي في توتر علاقات انقره وتل ابيب وبالتالي فان العسكر مدفوعون بتصرفات اسرائيل الاستفزازية في شمال العراق وجدوا انفسهم في موقف لايحسدون عليهفي ما يتعلق بالتعاون مع اسرائيل التي اقتربت كثيرا من الخطوط الحمر التركية التي لن تقبل ابدا بقيام دولة كردية على حدودها تكون عامل قلق وعدم استقرار دائمين على حدودها.

كما ان جردة الحساب التركية لعلاقاتها مع اسرائيل اظهرت ان مثل هذه العلاقة لم تعط الاتراك ما هو مامول منها فلا هي قربتهم من واشنطن ولا مكنتهم من لعب دور هام في المنطقة لابل بالعكس اصبح العرب ينظرون الى تركيا كحليف لاسرائيل وبدا ان هذا الامر ازعج القادة الاتراك الذين مالبثوا ان اعادوا تقويم علاقتهم باسرائيل وهي العلاقة التي لم تكون مواسم الزرع فيها متوافقة مع غلة البيدر.

من هنا أي قلة المكاسب التركية من العلاقة مع اسرائيل إضافة الى تحولها اسفينا في علاقاتها الاقليمية جاء التحول في العلاقات بين انقره وتل ابيب وللحقيقة فقد استغلت سورية هذه الحقيقة وتكاد تكون من اكثر اللمحات نجاحا في السياسية السورية خلال الثلاثين عاما الماضية ، فخلال عدة سنوات فقط نجحت دمشق في تحويل انقره من دولة معادية تحشد الجيوش على حدودها الشمالية وتهدد بغزو دمشق الى دولة تقيم معها شراكة استراتيجية في مختلف النواحي حيث اقام البلدان شبكة من العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية تعد نموذجا في دول المنطقة بأكملها ووصل الامر بهذا العلاقات الى حد اعلان الطرفين عن وصولها الى المستوى المطلوب.

اذا هل كسب السوريون جولة انقره في مواجهة اسرائيل؟ الجواب هو بثقة نعم ولكن ليس الى حد الانتصار النهائي فما تزال الحسابات التركية غير قادرة على تجاوز المعادلة الاميركية الاطلسية الحريصة كل الحرص على أمن اسرائيل ودورها الاقليمي .

وبدا ذلك جليا من خلال تجديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بعد استقباله رئيس الوزراء السوري لعرض التوسط بين سورية واسرائيل رغم انه قال ان الطرفين لم يبديا اهتماما بالعرض.
ماذا يعني ذلك هل نفض اردوغان يديه من العرض ام ان ملاحظاته القاسية ضد اسرائيل جعلت منه قريبا جدا من دمشق الى درجة جعلت منه وسيطا غير نزيه اسرائيليا ؟

يجيب مصدر سوري طلب عدم الكشف عن اسمه بالقول: تركيا اتخذت الموقف الصحيح واثبتت ان التاريخ والجغرافيا لغة من الصعب او المستحيل تجاوزها وماعدا ذلك فهو تفاصيل يمكن إهمالها.