"إيلاف" من لندن: تلقت "إيلاف" تلقت من مكتب الاتصال الأميركي التابع لوزارة الخارجية ما صرح به النائب الجمهوري الأميركي جيمس ليتش داعيا الولايات المتحدة إلى التعامل "بحساسية مرهفة" مع الإسلام في آسيا، وهو قال "إن قطع أواصل العلاقات مع الدول الإسلامية الآسيوية سيكون غلطة ذات عواقب تاريخية".

وحسب ما تلقته "إيلاف" ، فإن جيمس ليتش النائب الجمهوري من ولاية أيو قال "لو تمزقت العلاقات التي تتسم بالاحترام بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي فإن هذا سيكون غلطة ذات عواقب تاريخية".

يذكر أن النائب ليتش هو رئيس اللجنة الفرعية المختصة بشؤون دول آسيا والمحيط الهادئ في لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب الأميركي، وكانت اللجنة عقدت جلسة استماع يوم 14 من تموز (يوليو) الحالي كان موضوعها "الإسلام في آسيا، ودعا النائب ليتش إلى حضور الجلسة عددا من الخبراء في شؤون المنطقة لمساعدة أعضاء الكونغرس على أن يكونوا أكثر دراية وأكثر حساسية تجاه الإسلام ومدى أهميته في جميع أرجاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي الكلمة التي افتتح بها الجلسة، قال ليتش إن أهمية الدين في آسيا لم تحظ بالتقدير الكافي لدينا، وأشار إلى أن غالبية المسلمين تعيش في آسيا وليس في منطقة الشرق الأوسط حسب الاعتقاد السائد. وأضاف "أن إندونيسيا لديها أكبر تعداد للمسلمين عما يوجد في أي دولة أخرى من دول العالم، وأن أكثر من نصف المسلمين في العالم يعيشون في أربع دول آسيوية هي: إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش".

وقال ليتش إن الإسلام في آسيا " لم يقتصر على مجرد اتصافه بالاعتدال، بل لكونه جزءا لا يتجزأ من التطور القومي والتحول نحو الديمقراطية في الدول التي تتكون غالبية سكانها من المسلمين مثل إندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش، وقد اتضح ذلك بصورة مثيرة للاهتمام في الانتخابات التي أجريت مؤخرا في جميع أرجاء المنطقة.

كما أشار ليتش إلى أن هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 "أثارت تساؤلات مزعجة حول العلاقة بين الإسلام والإرهاب" لكنه أكد على أن "من وجهة نظر الولايات المتحدة فإن الإرهاب هو العدو وليس الإسلام." وأضاف "أنه مثلما أشار أحد الكتاب ينبغي على الولايات المتحدة أن تتجه نحو تحقيق نوع من التوافق المتسم بالحساسية المرهفة مع الإسلام في آسيا."

وقال ليتش "إننا نحتاج لأن نفهم بشكل أفضل ما الذي يعنيه الإسلام بالنسبة لملايين عديدة في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها في آسيا والمحيط الهادئ. وإن الجهود الحثيثة التي تبذل للقضاء على الإرهابيين الذين يجنحون إلى العنف يجب أن تكون مصحوبة أيضا بجهود تساعد على تحقيق طموحات الغالبية المسلمة وتطلعها نحو التقدم الاقتصادي والاجتماعي."

واستعان ليتش لشرح الإسلام في ندوته بعدد من الباحثين والمفكرين المتخصصين في شؤون آسيا وكان من بينهم : الدكتورة ميريديث وايس الأستاذة المساعدة ومديرة برنامج الدراسات العليا بقسم الدراسات الدولية في جامعة دي بول؛ والدكتور دوغلاس إي راميدج نائبا عن مؤسسة الدراسات الآسيوية في إندونيسا وماليزيا؛ والدبلوماسي الباكستاني حسين حقاني الأستاذ الزائر حاليا بمؤسسة كارنيغي لدراسات السلام الدولية؛ والسفير السابق توماس دبليو سيمونز جونيور وهو الأستاذ الاستشاري بمركز دراسات الأمن والتعاون الدولي في جامعة ستانفورد.

وفي الآتي نص كلمة عضو الكونغرس الأميركي ليتش ، وهو عضو لجنة الكونغرس لشؤون آسيا والمحيط الهادي في الكونغرس، في افتتاح الندوة كما تلقتها "إيلاف" : وألى الكلمة :

"أود الترحيب بالنيابة عن اللجنة الفرعية بأعضاء اللجنة من الخبراء البارزين الذين سيدلون اليوم بإفاداتهم. وينبغي علي أن أشير إلى أن أحد أعضاء اللجنة جاء للمشاركة معنا من مكان بعيد جدا هو جاكارتا، العاصمة السياسية لإندونيسيا، بينما جاء عضو آخر من شيكاغو العاصمة الثقافية والاقتصادية لمنطقة الغرب الأوسط الأميركي. ونحن نقدر جدا مشاركتكم بالإضافة إلى مساهماتكم في سبيل أن يتسع إدراكنا ويزاد فهمنا لهذا الموضوع المهم والحساس.

إن الهدف من جلسة الاستماع اليوم هو مساعدة أعضاء الكونغرس على أن يصبحوا أكثر معرفة وأكثر حساسية لأهمية الإسلام في جميع أرجاء منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادئ.

وكما نعلم جميعا فإن انتهاء الحرب الباردة، وبداية عصر العولمة، وهجمات 11 أيلول/سبتمبر؛ أدت إلى ظهور فكر جديد فيما يتعلق بالقوى التي تشكل شؤون العالم. وكان الدين من بين العوامل المحركة التي حظيت بالاهتمام الأكبر في هذا المجال. وفيما يؤدي الدين أو العقيدة دورا مهما في شؤون المجتمع، فإن أهميته في آسيا وفي مناطق أخرى كانت لا تحظى بالتقدير الكافي، حتى وقت قريب. ومع ذلك فإنه من الواضح أن الدين قوة رئيسية وربما يكون قوة متنامية في السياسة الدولية المعاصرة.

إن معظم الأميركيين يربطون بين الإسلام والشرق الأوسط. غير أن الغالبية العظمى من المسلمين تعيش في آسيا. فإن إندونيسيا لديها تعداد للمسلمين أكبر مما لدى أي دولة أخرى في العالم. وأن أكثر من نصف المسلمين في العالم يعيشون في أربع دول آسيوية هي: إندونيسيا وباكستان والهند وبانغلاديش. ومن الغريب أنه رغم أن الكثيرين يعتبرون أن الإسلام عقيدة عربية بصفة أساسية فإن أقل من 20% فقط من المسلمين هم الذين يعيشون في دول تتحدث العربية.

وعلى النقيض من العالم العربي، فإن الإسلام في آسيا لم يقتصر على اتصافه بطبيعة معتدلة بصفة عامة، بل بكونه جزءا لا يتجزأ من التطور القومي والتحول نحو الديمقراطية في الدول التي تتكون غالبية سكانها من المسلمين مثل إندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش، وقد اتضح ذلك بصورة مثيرة للانتباه في الانتخابات التي أجريت مؤخرا في جميع أرجاء المنطقة.

ومن المحزن أن هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 أثارت تساؤلات مزعجة حول العلاقة بين الإسلام والإرهاب. لكن ينبغي علينا أن نؤكد هنا أنه من وجهة نظر الولايات المتحدة فإن الإرهاب هو العدو وليس الإسلام. إننا نحترم الإسلام والدول الإسلامية. وإن الشئ الوحيد الذي ندافع عنه ونؤيده هنا هو أننا ضد الأطراف التي تتلاعب بالكراهية وتستخدم أساليب الإرهاب. إن القيم المتحضرة سواء كانت في الشرق أو الغرب تتأصل جذورها في السلوك القويم وأسس الإيمان.

إن الفارق المهم لا يكمن في الاختلاف بين العهدين القديم والجديد (الإنجيل) والقرآن، بل إنه يكمن في الاختلاف بين الأفراد من المؤمنين الملتزمين وغيرهم من المتعصبين. فالمؤمنون يهتمون بصفة أساسية بتحسين مستوى معيشتهم؛ بينما تنصب اهتمامات المتعصبين بفرض معتقداتهم على الآخرين. غير أن من المثير للإعجاب حقا مدى التقارب بين نصيحة القديس بولص عن الاعتدال في الحكم على الأمور حين قال - إننا جميعا نرى عبر زجاج معتم، وتوازي هذا مع ما ذكر في القرآن "ولا تقف ما ليس لك به علم ..."، ... "ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا..."

إنني حينما كنت أتحدث إلى الناخبين عن الأسس المنطقية لتأييد أو رفض الحرب في العراق، خلال الأعوام القليلة الماضية كنت أعود إلى مجموعة من الكتب تميزت بقيمة خاصة خلال الستينات، وهي التي عرفت باسم رباعية الاسكندرية للمؤلف البريطاني لورنس دوريل. وكل كتاب من الكتب الأربعة في المجموعة يصف نفس الطائفة من الأحداث التي وقعت بين فترات الحروب في مصر، لكن في كل مرة كانت تسرد من وجهة نظر شخصية مختلفة من شخصيات الرواية. وفيما كانت الأحداث واحدة، فإن الحكايات التي يتم الكشف عنها كان فيها اختلاف كبير، مما يؤدي إلى إدراك القارئ بأن وجهة نظر أي شخص تكون في أفضل الأحوال مجرد لقطة سريعة للحقيقة أو الأمر الواقع. وإن الصورة الواضحة المعالم لا يمكن أن تتجمع أجزاؤها بدون النظر من خلال عدسات عيون متعددة وخبرات متنوعة.

وعلى سبيل المثال، فإن تجربة المسلمين تعطي وزنا أقل إلى حد كبير عما تعطيه التجربة الغربية للحربين العالميتين أعنف حروب القرن العشرين. إن الأمر ليس قاصرا على أن رؤية المسلمين للقرن العشرين تختلف عن رؤية الغربيين له، بل يجب علينا أن نفهم أيضا أنهم توصلوا إلى استنتاجات مختلفة تماما لتفسير التحديات الراهنة في الشرق الأوسط -- مع ما ترتب على ذلك من تصورات لموقف أميركا في المجتمعات الإسلامية في جميع أرجاء العالم.

وفي هذه الفترة الحافلة بالتجارب الضخمة يكون من المهم والحيوي أن يولي صناع القرار السياسي والمواطنون بشكل فردي وجماعي أهمية خاصة للظروف والأحوال السائدة. إن التحدي الماثل أمامنا جميعا في المسيرة الطويلة لنا كأفراد وكأمة هو التعبير عن الحاجة الملحة للإيمان والعقيدة، وهي حاجة أساسية ومهمة بشكل مطلق ، بالنسبة للعلاقات الاجتماعية فيما بيننا، التي تتسم حتما بكونها نسبية .

إن مثل هذا الجهد يحتاج إلى تسامح وتواضع: التسامح النابع من فهم الطبيعة التعددية للتاريخ، والتواضع الناجم عن إدراك أن الإنسان عرضة للوقوع في الخطأ.

إن القيم الدينية شكلت هياكل المجتمعات البشرية. والتاريخ بين لنا كيف يمكن للروح الفرد أن تسمو بالعقيدة الدينية وحس المجتمع الذي نشأت فيه. كما بين لنا التاريخ أيضا كيف يمكن لأتباع عقيدة معينة ممن لا يحترمون أتباع العقائد الأخرى أن يندفعوا نحو إحداث كوارث تكون سببا في تدمير تلك القيم.

وفي هذا السياق، وكما أشار أحد الكتاب فإنه "ينبغي على الولايات المتحدة أن تتجه نحو تحقيق التوافق مع الإسلام في آسيا بصورة تتسم بالحساسية المرهفة." إننا نحتاج إلى أن نفهم بصورة أفضل ما يعنيه الإسلام بالنسبة لملايين عديدة في المناطق البعيدة النائية في آسيا والمحيط الهادئ. وإن الجهود الحثيثة التي تبذل للقضاء على الإرهابيين الذين يجنحون إلى العنف يجب أن تكون مصحوبة أيضا بجهود تساعد على تحقيق طموحات الغالبية المسلمة وتطلعها نحو التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

لو تمزقت العلاقات التي تتسم بالاحترام بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي فإن هذا سيكون غلطة ذات عواقب تاريخية. وينبغي علينا جميعا ألا نسمح بأن نشهد ذلك يحدث".

وإليه انتهت كلمة عضو الكونغرس جيمس ليتش التي ستثير جدالا كثيرا ضدهن على الساحة الأميركية التي لا تزال يتحكم بمصير مفاتيحها السياسية في القرار اليمين المحافظ المتطرف لجهة القضايا المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.

وفي الأخير، اعتبرت مصادر التحليل الإخباري والسياسي على الساحة الأميركية أن مرئيات عضو الكونغرس ليتش، تعتبر انفتاحا جديدا في الحوار حول القضايا الساخنة في الصراع بين الغرب والشرق ، وهي تعتبر مبادرة من أجل حوار الحضارات لا "الصراع بينها" في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة إلى معركة انتخابات حامية الوطيس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومن سيدخل البيت الأبيض هل الحزب الجمهوري لولاية ثانية مع بوش الإبن، أم الحزب الديموقراطي بزعامة السيناتور جون كيري؟.