إيلاف من باريس :حصل موقع “إيلاف”على وثيقة دبلوماسية يعود تاريخها إلى 17 أكتوبر 1960،وهي عبارة عن مراسلة موجهة من وزارة الخارجية المغربية (قسم أوروبا) إلى السفارة الفرنسية في الرباط.

تتضمن الوثيقة احتجاج الوزارة الشديد على قيام السلطات العسكرية في تندوف، في 28 أغسطس 1960،( سنتان قبل استقلال الجزائر) بإصدار أمر للمغاربة المقيمين في هذه المنطقة بإخلائها في غضون 24 ساعة.

وأشارت الوثيقة الدبلوماسية المغربية إلى أنه تم نقل الأشخاص المعنيين بواسطة القوات العسكرية الفرنسية إلى وادي درعة، حيث تم رفض السماح لهم بالدخول إلى الأراضي المعروفة باسم “آكا”.

وأعربت وزارة الخارجية المغربية في مراسلتها عن احتجاجها الشديد على هذا الإجراء التعسفي، معربة عن أملها في إصدار تعليمات تضمن احترام المواطنين المغاربة الذين يعيشون في هذه المناطق، وحماية ممتلكاتهم ومنازلهم بأقصى درجات الحرص. كما شددت على ضرورة عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

تُظهر هذه المراسلة عمق النزاع الحدودي بين المغرب والجزائر، الذي ورثته الرباط عن فرنسا، ودور القوى الاستعمارية في تأجيج الخلافات الإقليمية. كما تعكس سعي المغرب إلى إثبات سيادته التاريخية على المناطق الصحراوية واستنكار أي إجراءات تعسفية ضد مواطنيه.

وتبرز هذه المراسلة أيضًا توترًا في العلاقات بين الرباط وباريس في فترة حرجة من تاريخ المغرب بعد الاستقلال عام 1956، حيث كانت منطقة تندوف، الواقعة حاليًا في جنوب غربي الجزائر، تاريخيًا مأهولة بالقبائل المغربية، وكان للمغرب سيادة تاريخية عليها قبل الاستعمار الفرنسي.

وبعد احتلال فرنسا للجزائر عام 1830، بدأت في ضم مناطق صحراوية شاسعة، بما فيها تندوف، إلى الأراضي الجزائرية التي كانت تحت إدارتها. ومع قرب استقلال الجزائر عام 1962، سعى المغرب إلى استعادة أراضيه التاريخية التي ضمتها فرنسا للجزائر، بما في ذلك تندوف.

ورأى المتابعون للعلاقات المغربية-الفرنسية آنذاك أن إقدام السلطات العسكرية الفرنسية على إرغام المغاربة المقيمين في تندوف على مغادرة المنطقة خلال 24 ساعة كان جزءًا من السياسة الفرنسية لتثبيت سيطرة الجزائر المستعمرة آنذاك على المنطقة، وإضعاف المطالب المغربية بها، وتقليص النفوذ المغربي في المناطق المتنازع عليها.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب احتج رسميًا على هذا الإجراء، معتبرًا إياه تدخلاً في شؤون مواطنيه وانتهاكًا لحقوقهم، خاصة أن هذه المناطق كانت جزءًا من الأراضي المغربية قبل الاستعمار. وبالتالي، طالبت المراسلة فرنسا باحترام حقوق المغاربة في تلك المناطق وضمان حمايتهم وممتلكاتهم.

وبالعودة إلى السياق الإقليمي لهذا التوتر المغربي-الفرنسي، شهدت تلك الفترة بداية التوتر حول الحدود بين المغرب والجزائر، حيث تطور النزاع لاحقًا إلى مواجهة مسلحة فيما عُرف بـ”حرب الرمال” عام 1963.

يُذكر أن فرنسا كانت تسعى إلى تأمين حدود الجزائر قبل استقلالها، وهو ما أدى إلى اتخاذ قرارات مثيرة للجدل، مثل ضم المناطق الحدودية (تندوف وبشار) إلى الجزائر المستعمرة.

النص الكامل للمراسلة الدبلوماسية بالعربيةً

المملكة المغربية

وزارة الشؤون الخارجية

قسم أوروبا

الرباط، 17 أكتوبر 1960

تتقدم وزارة الشؤون الخارجية بتحياتها إلى السفارة الفرنسية في المغرب، ويشرفها أن تنقل لها ما يلي:

في 28 أغسطس 1960، أصدرت السلطات العسكرية الفرنسية في تيندوف أمرًا للمغاربة المقيمين بهذه المنطقة بإخلائها في غضون 24 ساعة.

وقد تم نقل الأشخاص المعنيين بواسطة القوات العسكرية الفرنسية إلى وادي درعة، حيث تم رفض السماح لهم بالدخول إلى الأراضي المعروفة باسم “آكا”.

تعرب وزارة الشؤون الخارجية عن احتجاجها الشديد على هذا الإجراء التعسفي، وتأمل أن يتم إصدار تعليمات لضمان احترام المواطنين المغاربة الذين يعيشون في هذه المناطق، وحماية ممتلكاتهم ومنازلهم بأقصى درجات الحرص. كما تؤكد الوزارة على ضرورة عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

وتغتنم وزارة الشؤون الخارجية هذه المناسبة لتجديد تأكيدها للسفارة الفرنسية على احترامها البالغ.