فالح الحمراني من موسكو: عادت النزاعات القومية التي نشبت في تسعينات القرن الماضي في الساحة السوفياتية سابقا في مولدوفا وجورجيا وأذربيجان تذكر بنفسها. وراحت تُطلق التهديدات باشعال الحرب من جديد، من على جانبي خطوط جبهات القتال الذي تم تجميده في بؤر التوتر تلك بفضل الجهود الدولية .ومنذ التسعينات تعيش تلك المناطق حالة اللاسلم واللاحرب. وكانت جمهوريات بيريدنيستروفه قد اعلنت الانفصال من جانب واحد عن مولدوفا وابخازيا واسيتيا الجنوبية عن جورجيا وناغورني كارباخ عن اذربيجان.وفشلت الجهود الدولية بالتوصل الى تسويات مقبولة لتلك النزاعات، التي تحولت بدورها الى اوراق سياسية تلعب القوى الدولية عليها من اجل مصالحها على ساحة الاتحاد السوفياتي السابق.

وفي هذا السياق تفاقمت العلاقات بين جمهورية بيريدنيستروفه ومولدولوفا اثر فرض اوكراينا مؤخرا وبالتفاهم مع كيشينيوف، اجراءات جمركية على الجمهورية الانفصالية ذات الاغلبية الروسية والاوكرانية، ادت الى عزلها عن العالم الخارجي. وفيما دعم الاتحاد الاوربي ومنظمة الامن والتعاون الاوربي الخطوات الاوكرانية، فان روسيا انتقدتها بحدة.

في غضون ذلك اعلنت جمهورية بريدنيستروفه انسحابها من عملية التسوية السلمية مع مولدوفا ردا على القواعد الجمركية الجديدة التي فرضت على وصول البضائع لها عبر اراضي اوكراينا. وترصد بريدنيستروفه وجود اتفاق مسبق بين اوكراينا ومولدوفا لخنقها اقتصاديا وارغامها على قبول شروط كيشينيوف للعودة لاحضان مولدوفا.

وكانت موسكو قد انتقدت بشدة هذه الخطوة، وارسلت وفدا من الخبراء للمنطقة. واعلن الرئيسان المولدافي فلاديمير فورونين والاكرايني فيكتور يوشينكو ضرورة quot; استكمال عملية اضفاء الشرعية على القدرات الاقتصادية لبريدنيستروفيهquot;. وتقضي القواعد الجديدة بان يكون ختم الجمارك المولدوفية على كافة البضاعة التي تمر عبر اوكراينا. وادت هذه الاجراءات الى شل حركة النقل عبر الحدود .ولم تعد قطارات الركاب من مولدوفا الى اوكراينا تمر عبر ببريدنيستروفه.ووصفت تيراسبول القواعد الجديدة بالحصار الاقتصادي، واعلنت تعليق مباحثات التسوية مع كيشنيوف.

وقال زعيم بيريدنيستروفيه ايغور سميرنوف ان المباحثات في ظل الحصار الاقتصادي والضغط على بيريدنيستروفيه، فقدت كل معنى.واشار الى ان اوكراينا انضمت الى احد طرفي النزاع، ولم يعد لها الحق الاضطلاع بدور الوسيط الى جانب روسيا.وحذر سميرنوف من نشوب ازمة سياسية في الاسابيع المقبلة.

ودعم المنسق الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافير سولانا وبعثة منظمة الامن والتعاون الاوربي في كيشينيوف تحرك اوكراينا ومولدوفا.بيد ان وزارة الخارجية الروسية وصفت التحرك بانه quot;لي الاياديquot; quot; ويرمي لاستسلام بيرندستروفيهquot;. وكانت الاجواء قد توترت على خطوط تماس القوات الجورجية والتشكيلات المسلحة لجمهورية اسيتيا الجنوبية، واندلعت عدة مواجهات موضعية، ولاح ان الطرفين لتعبئة قواتهما.وتشير الدلائل ان جورجيا تعد لارغام قوات حفظ السلام الروسية للانسحاب من المنطقة لكي تستفرد بالجمهورية الانفصالية وارغامها على العودة الى حضيرتها.

وفي جنوب القوقاز شدد الجانبان الاذربيجاني والارمني من مواقفهما ازاء التسوية للنزاع حول اقليم ناغورني كارباخ، لاسيما بعد المباحثات التي اجراها الرئيسان الاذري حيدر عليف والارمني روبرت كوتشريان بوساطة فرنسية. واعلنت باكو انها بصدد اللجوء الى الخيار العسكري للمشكلة، واكدت يريفان انها تنظر للاعتراف بجمهورية ناغورني كارباخ الانفصالية.

وتلوح اليوم النزاعات القومية التي اندلعت بعد انهيار الانحاد السوفياتي السابق مثل البراكين التي تبعث الحمم والنيران بين فترة واخرى.وتاتي التطورات الجديدة على خلفية التنافس الشديد بين القوى الدولية على بسط النفوذ في تلك الساحات.ويبدو ان الجمهوريات قررت استعادة وحدة اراضيها وضم الجمهوريات المنفصلة باسلوب الترويع بالحرب واستخدام القوة، لان حالة اللاسلم واللاحرب تقف حجر عثرة للاندماج بالبنى الاوربية.