أسامة مهدي من لندن: قال نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي ان تنفيذ حكم الاعدام بالمدانين الثلاثة من اركان النظام السابق في قضية الانفال لن يتم الا باصدار مرسوم جمهوري مؤكدا صحة الاجراءات التي اتخذت في تنفيذ الاعدام بالرئيس السابق صدام حسين مشيرا الى ان الخلافات والنقاشات حول اعدام المدانين بالانفال تشير الى ان العراق لا يحكمه الابتزاز والصراخ والقرارات الفردية و المزايدات و التدخلات الخارجية و القرارات التي ترضي الحاكم او تزعج خصومه وانما يحكمه دستور وقوانين وانظمة يخضع لها المسؤول ومهما كانت مكانته سواء في رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء او في الجهاز القضائي اوالتشريعي .

واضاف عبد المهدي في بيان حول الجدل والخلافات المتعلقة بتنفيذ الاعدام بالمدانين الثلاثة في قضية الانفال ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; بعد ظهر اليوم ان تعدد الاجتهادات والاختلاف في الرأي امر طبيعي في مؤسسات العراق الديمقراطية اليوم .. موضحا انه عند تعدد وجهات النظر في مثل هذه القضايا الدستورية والقانونية فان حسم الامر لا يعتمد على الاجتهادات الشخصية لرئاسة الجمهورية او لرئيس مجلس الوزراء او لمستشاريهم القانونيين، ولا الى القراءات الخاصة التي يقوم بها هذا الطرف او ذاك للدستور او للقوانين. وحكم على وزير الدفاع السابق سلطان هاشم ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية حسين رشيد التكريتي بالاعدام لكن الرئيس جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي ما زالا يرفضان توقيع المرسوم الجمهوري بالتنفيذ وخاصة بالنسبة إلى هاشم الذي قال طالباني مؤخرا انه كان يتعاون مع المعارضة في السابق لقلب نظام حكم صدام حسين .

وكانت المحكمة الجنائية العليا قد حكمت اواخر حزيران (يونيو) الماضي على كل من علي حسن المجيد ابن عم الرئيس السابق صدام حسين والقيادي في حزب البعث ومجلس قيادة الثورة المنحلين.

واشار نائب الرئيس العراقي الى ان هذه القضايا لا تقرر وفق النقاشات التي تجريها الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى مع رجال القانون او السياسيين او القضاة او المحامين او المدعين العامين وهي مهمة تقوم بها مشكورة لتنوير الرأي العام وتعميق وعيه او لاغراض سياسية، وهو امر يجري في كل بلدان العالم الذي تتمتع فيها وسائل الاعلام بحرية الرأي. ان ما يجب ان نعرفه جميعاً بان حسم هذه الاختلافات يعود الى الجهات ذات الاختصاص التي كلفها الدستور والقوانين السارية واهمهما المحكمة الاتحادية العليا وشورى الدولة.

واضاف انه لم يصدر عن هيئة دستورية او قانونية عراقية مسؤولة اي رأي يبين امكانية العفو او التخفيف عن الاحكام الصادرة من المحكمة الجنائية العليا باعتبارها محكمة اختصت بالنظر في قضايا الجرائم الدولية التي اختصت بها هذه المحكمة (المادة 73 اولاً من الدستور).. كما نصت المادة 27/ ثانياً من قانون المحكمة الجنائية العليا الخاصة بقطعية الحكم وعدم جواز الاعفاء او التخفيف من جهة.. والى وجوب تنفيذ الحكم بمرور (30) يوماً من تاريخ اكتساب الحكم او القرار درجة البتات من جهة اخرى.

وقال انه لم تعرض على رئاسة الجمهورية الاحكام الصادرة من المحكمة الجنائية العليا الخاصة في قضية الانفال.. فكيف يمكن ان يقال ان الرئاسة امتنعت عن المصادقة على تنفيذ الاحكام؟ . واشار الى ان المحكمة الاتحادية العليا اصدرت القرار رقم 21/اتحادية/2007 المتخذ في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/9/2007 والذي موضوعه quot;تفسير نص دستوريquot; والذي ينص على ما يلي: quot;حيث ان المادة 73 من دستور جمهورية العراق عددت صلاحيات رئيس الجمهورية (مجلس الرئاسة) وحيث ان من هذه الصلاحيات ما اوردته الفقرة (ثامناً) من المادة 73 من الدستور وهي quot;المصادقة على احكام الاعدام التي تصدرها المحاكم المختصةquot; وحيث ان عبارة (المحاكم المختصة) الواردة في الفقرة (ثامناً) من المادة (73) من الدستور وردت مطلقة والمطلق يجري على اطلاقه فانها تشمل المحكمة الجنائية العراقية العليا مع وجوب مراعاة الاحكام الواردة في قانونها رقم (10) لسنة 2005 النافذ بموجب احكام المادة (130) من الدستورquot;. وان اعتبار المحكمة الجنائية العليا مشمولة بعبارة المحاكم المختصة الواجب فيها quot;المرسوم الدستوريquot; يؤكد ذلك ان مراعاة احكام المحكمة الجنائية نفسها يقتضي هذا الامر كما يتضح من معرفة النقاط ادناه:

أzwnj;- اصدر مجلس شورى الدولة القرار 60/2007 بتاريخ 30/8/2007 القائل quot;لا تنفذ احكام الاعدام بعد تاريخ نشر تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية بالقانون رقم (13) لسنة 2007 الا بمرسوم جمهوري. والمعروف ان القانون رقم (13) الذي وافق عليه مجلس النواب في شهر نيسان 2007 قد اعاد العمل بالمواد 285-293 من قانون اصول المحاكمات الجزائية المتعلقة بالمصادقة واجراءات تنفيذ احكام الاعدام.
بzwnj;- وحيث إن المادة (16) من قانون المحكمة الجنائية العليا رقم (10) لسنة 2005 تنص على ما يلي: quot;يسري قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 وقواعد الاجراءات وجمع الادلة الملحقة بهذا القانون والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه ومكملاً له على الاجراءات التي تتبعها المحكمةquot;، وعليه فان احكام قانون اصول المحاكمات يسري على اجراءات محكمة الجنائيات العليا الا ما ورد بنص خاص.
تzwnj;- وحيث ان المادة 27 من قانون محكمة الجنايات العليا الخاصة بتنفيذ الاحكام لم تتطرق الى quot;الاجراءات الشكلية للتنفيذquot; بل تطرقت الى قطعية الحكم وعدم جواز الاعفاء او التخفيف من جهة.. والى وجوب تنفيذ الحكم بمرور (30) يوماً من تاريخ اكتساب الحكم او القرار درجة البتات من جهة اخرى. لهذا كان رأي المحكمة الاتحادية وشورى الدولة واضحاً في لزومية المرسوم الجمهوري، وذلك ما لم يصدر رأي دستوري وقانوني من الجهات ذات الاختصاص ترى غير ذلك.

واضاف نائب الرئيس العراقي ان الاجراءات القانونية التي كان معمولاً بها في قضية الدجيل ndash;ومع غياب المواد 285-293من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 واعتباره جزءاً من القانون رقم 10 لمحكمة الجنائيات العليا الخاصة كانت اجراءات صحيحة اذ اتخذت الاحكام درجة البتات بتصديق هيئة التمييز عليها. ولم يكن دور السلطة التنفيذية سوى تنفيذ الاحكام قبل مرور 30 من اكتسابها درجة البتات. وان الاجراءات الشكلية لتنفيذ حكم الاعدام (المواد 285-293 من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي كانت غائبة في قضية الدجيل اصبحت واقعاً قانونياً في قضية الانفال.

واوضح ان الامر لا يتعلق بالجهة المكلفة بسجن او تسليم المدانين بل يتعلق باستكمال الاجراءات الشكلية لتنفيذ الحكم باصدار مرسوم جمهوري استناداً الى رأي الجهات الدستورية والقانونية العراقية المكلفة بذلك بموجب الدستور والقانون والتي يجب العودة اليها، وليس الى غيرها اطلاقاً ومهما كانت مكانته التشريعية او التنفيذية او القضائية. فعندما لم يتطلب الامر مرسوماً جمهورياً (لغياب تلك المواد الخاصة بالتنفيذ) كما في قضية الدجيل، فان الاجراءات استكملت بتصديق هيئة التمييز ثم بتوجيه رسالة من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الوزراء التي وقعت على امر التنفيذ، وهو ما جرى فعلاً. اما الان ndash;وما لم يصلنا رأي اخر من الجهات المختصة بالتفسير- فان استكمال الاجراءات الشكلية تقتضي اصدار المراسيم الجمهورية. هذا ما تقيدنا وسنتقيد به، اما المغالطات والمزايدات والاجتهادات غير الدستورية والقانونية فيجب ان لا تبعدنا عن جادة الصواب والقانون.

وقال عبد المهدي ان فترة الثلاثين يوماً ndash;وكيفما فسرت- تبدأ بعد التصديق النهائي على الاحكام وليس قبلها. فالتأخير لا يعطل الحكم بل ان عدم انتهاء quot;الاجراءات الشكلية للحكمquot; هو الذي يفسر ذلك. وحيّا حيادية وعدل وشجاعة رجال القضاء ورئيس مجلس القضاء ونحيي بشكل خاص القضاة والحكام والمدعين العامين والمحامين في المحكمة الجنائية العليا الخاصة والذين قاموا بواجبهم على احسن وجه.. واننا على ثقة بانهم اصدروا احكامهم وقد وضعوا القانون والعدل نصب اعينهم دون اي تدخل من كائن من كان، وبذلك استكملوا واجبهم.. وان عمل القضاة في هذه المحكمة او غيرها يبدأ وينتهي في النظر في القضايا واصدار الحكم فيها.. اما مآلات الحكم والتنفيذ والاجراءات اللاحقة فهي مسائل حددها القانون والدستور، حيث لكل دوره واختصاصه ومسؤولياته وصلاحياته.

وختم نائب الرئيس العراقي بيانه بالقول ان مثل هذه المخاضات تبرهن باننا نسير قدماً الى عراق لا يحكمه الابتزاز والصراخ والقرارات الفردية و المزايدات و التدخلات الخارجية و القرارات التي ترضي الحاكم او تزعج خصومه.. بل يحكمه دستور وقوانين وانظمة يخضع لها المسؤول ومهما كانت مكانته سواء في رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء او في الجهاز القضائي اوالتشريعي. وان نقاشاً بهذا النضج والحرص والمسؤولية يدور حول رجال الحكم السابق الذي عاث في الارض فساداً وقتل الابرياء وانتهك الحرمات واقام المقابر والمجازر الجماعية لهو دليل على اننا لا نريد الثأر الاعمى والانتقام الاهوج والتشفي الحاقد، بل نسعى للحزم مع من اذى شعبنا وظلمهم وعرضهم لكل هذه المآسي عبر قصاص يستحقه، ونسعى إلى إنهاء الماضي وتصفية اثاره الحزينة الظالمة والنظر الى المستقبل وافاقه المفرحة الموحدة المتآلفة.