خلال 2008 ستهدد ربع مليون شخص
مأزق إسرائيل أمام صواريخ غزة محلية الصنع يتسع

خلف خلف من رام الله: تتواصل تقارير شعبة الاستخبارات الإسرائيلية التي تتحدث عن تعاظم في قدرات الأجنحة العسكرية الفلسطينية العاملة في قطاع غزة. وبحسب آخر التقارير والذي عرض على طاولة الحكومة الإسرائيلية أثناء اجتماعها الأسبوعي أمس الأحد، فأنه خلال العام 2008 سيصبح ربع مليون إسرائيلي واقعين في مرمى الصواريخ المحلية الصنع التي تطلق من قطاع غزة، وهو ما سيضعهم في دائرة الرعب والموت. وهو بدوره ما رفع منسوب الجدل في إسرائيل حول السبل الممكنة لوضع حد لهذه الصواريخ المحلية، وفي وقت يرفض رئيس الوزراء إيهود أولمرت تحصين مساكن المستوطنين، قائلا: quot; إسرائيل لن تحصن نفسها حتى الجنون quot; ، يرى الأخير أيضا بأنه ينبغي الاستثمار في حلول عسكرية لإسقاط الصواريخ. وحسب أقواله، الاستثمار في التحصين تعتبر خطوة انهزامية من جانب إسرائيل، وكذا فان هذه سابقة خطيرة إذ أن مدى صواريخ القسام آخذ في الازدياد.

وعجزت الصناعات العسكرية الإسرائيلية ومعها الأميركية لغاية اللحظة في إيجاد مضادات فاعلة أمام الصواريخ محلية الصنع، فليس من السهولة اعتراضها كونها تطلق بكثافة ولا تحمل محركات بداخلها، وأن وجدت فأنها تعمل لفترة غير ملحوظة، كما يتمتع هذا السلاح بمزايا أهمها قواعد أطلاقه أسهل أنتاجا واستعمالا، فالصاروخ يطلق من أنبوب- ليس ثقيلا، مثل أنبوبة المدفع. خلافا لقذيفة المدفع ليس له ارتداد.

كما أن سهولة تحريك منصات هذه الصواريخ ممكنة بيسر وسهولة لذلك فأنه بالامكان تعطيل اكتشاف أماكن إطلاقها مع الآخذ بالحسبان أنها تنشى كمية من الدخان والنار عند إطلاقها. ومن مميزاتها الإضافية أيضاً إمكانية إقامة عدد من منصات الإطلاق على الأرض، وتوجيهها إلى الهدف، واستعمالها بجهاز تحكم من بعيد أو بجهاز تمهيل، وبهذا يمنع كشف النار المضادة للمستعملين.

وعلى النحو السابق تستطيع القوة المهاجمة التحرك سريعا، والاختباء، وإطلاق النار والهرب إلى أماكن اختباء أخرى. وهذا الامتياز ليس موجودا في حالة بطاريات مدافع عادية، يصعب إخفاء حركتها أكثر.

وما يعيق عملية إسقاطها أيضا، أن مدة طيران الصواريخ قصيرة نسبيا، دقيقة - دقيقتين، إلى أبعاد تصل إلى 20 - 40كم. كما أن حجمها صغير، فهي تشكل بالنسبة للرادار أهدافا صغيرة جدا، كما إن اشتعال محركها إن وجد ذو نهاية ملحوظة، فالمحرك يعمل لثوانٍ معدودة فقط. هذا بالإضافة إلى أنها تطلق على نحو عام في رشقات كبيرة. التعويق الناجح هو الذي يصيب أعلى نسبة من الرشقة، وسيكون المهاجم قادرا دائما على ضرب النظم الدفاعية للمدافع بأعداد أكبر من الصواريخ.

وما يزيد التحديات أمام الصناعات العسكرية الإسرائيلية، إن أي منظومة تقام لهذا الغرض ndash;غير مضمونة النتائج- وتكلفتها تصل لملايين الدولارات، وبعد إخفاقات الجيش الإسرائيلي في صد صواريخ الكاتيوشا التي أطلقتها منظمة حزب الله من لبنان في الحرب الأخيرة، زاد حجم الضغط على الحكومة الإسرائيلية.

وهو ما أجبر الساسة في تل أبيب وعلى رأسهم وزير الدفاع عمير بيرتس آنذاك للخروج والإعلان -رغم اقتناعه أن لا إمكانية تكنولوجية تسمح بإيقاف هذه الصواريخ-، أن إسرائيل بصدد تطوير أنظمة quot;دفاعية جديدةquot;، ومنها نظام quot;نيئوتيلوسquot; - وهو نظام ليزر كيماوي هدفه المعلن تعويق صواريخ (الكاتيوشا).

وكانت إسرائيل حاولت على مدار السنوات الماضية إجراء تجارب ومحاولات لإعاقة الصواريخ قصيرة المدى، وذلك كفكرة تصحب فكرة تعويق الصواريخ البالستية العابرة للقارات، التي ابتدأت بنظام quot;سبرنتquot; في الولايات المتحدة الأميركية في الستينيات، وانتهت إلى نظام quot;حيتسquot; الإسرائيلي وquot;نظم دفاعيةquot; في وجه صواريخ بالستية تطور اليوم في الولايات المتحدة الاميركية، ولكن جميع التجارب منيت بالفشل.

وبحسب توقعات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية ستتمكن الصواريخ محلية الصنع المطلقة من قطاع غزة الوصول إلى السكان الإسرائيليين المقيمين في عسقلان وكريات غات، وهي مناطق بعيدة عن مرمى الصواريخ في الفترة الحالية.

وبحسب صحيفة معاريف الصادرة اليوم رغم تعاظم قدرات القدرة الصاروخية في قطاع غزة، إلا أن عملية عسكرية ينفذها الجيش الإسرائيلية في غزة تتأخر، والسبب في ذلك التخوف على مصير جلعاد شليت الجندي الأسير لدى حركة (حماس).

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فأنه في السنوات الأخيرة كانت 10.500 منزل للسكان في منطقة سديروت وغلاف غزة معرضة لنار لا تتوقف من القذائف. وفي أعقاب طلب محكمة العدل العليا من الحكومة إجراء بحث معمق في مسألة تحصين المنازل، عقدت الحكومة أمس جلسة من هذا القبيل ولكن موقف اولمرت، وكذا وزير الدفاع ايهود براك، معروف منذ زمن بعيد إلى هذا الحد أو ذاك، وهو رفض تحصين المنازل.

وبدوره اقترح جهاز الأمن الإسرائيلي أمس على الحكومة بديلين يشكلان باعتقاده حلا انتقاليا للسنوات القريبة القادمة. وأول البدائل هو: quot;الخطة المقلصة تصف تحصين منازل السكان الذين يسكنون في مدى 7كم عن غزة. كلفة التحصين تتراوح بين مليار ومليار ونصف شيكل (ما يقارب ربع مليار دولار)quot;.

أما الخطة الثانية فتتناول تحصين كل منازل السكان التي تقع في مدى 15كم من قطاع غزة، وتصل كلفة المشروع إلى 5.5 مليار شيكل (ما يقارب مليار وربع دولار)، الخطتان رفضهما اولمرت رفضا باتا، وهو ما يطرح تساؤلات حول الحلول التي يمتلكها أولمرت، في ظل فشل جميع الحلول التكنولوجية في إيقاف الصواريخ المحلية، ويبقى السؤال مطروحا: quot;هل سيلجأ أولمرت إلى تناول مخطط اجتياح غزة من جاروه قريباً؟..