ايلاف: بالرغم من أن دول الخليج تسعى بشكل دائم لاستقطاب العمالة الخارجية نظرا لحاجة السوق إلى مثل هذه الكفاءات وبالرغم من سعي هذه الدول لاستصدار قوانين وأحكام تساوي فيها بين حقوق الوافدين وواجباتهم جنبا إلى جنب مع حقوق وواجبات المواطنين .
إلا وانه في الفترة الأخيرة تعالت أصوات أخرى تطالب في الحد من الاعتماد على هذه الكفاءات مطالبة الحكومات إيجاد حلول بديلة تضمن عدم تعدي الوافدين على أحقية أبناء الخليج في اعتلاء المناصب المختلفة.
وتعزي هذه الجماعات السبب في مطالبتها للحد من الاعتماد على الوافدين إلى حدوث العديد من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية واستنزاف الموارد المالية لدول الخليج حيث تقوم العمالة الوافدة بتحويل أموالها التي تحصل عليها إلى بلادها منعشة بذلك اقتصاديات دولها ورفع مستوى معيشة مواطنيها، يأتي ذلك على الرغم من التحسن الملحوظ الذي شهدته دول الخليج في حجم ونوعية العمالة الوطنية وارتفاع مهاراتها وكفاءتها.

وفي إطار سعت المؤسسات الخليجية المختصة لإيجاد حلول لمشكلة توطين الوظائف في دول مجلس التعاون الخليجي لخدمة مصالحها الاقتصادية والاجتماعية عمم المجلس دراسة جديدة تناولت موضوع العمالة الوافدة من كافة الجهات الأسباب والنتائج والمشاكل التي ترافقها والحلول لذلك.

العمالة الوافدة والخليج
ومن أهم الأسباب التي جعلت من دول الخليج أرضية خصبة لاستقطاب العمالة سيما الأسيوية منها هي تنامي القطاع الاقتصادي في هذه الدول ورغبة دول الخليج في الاستفادة منها في إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى النسبة والتناسب بين سكان الخليج وحجم الاستثمارات والقطاعات الإنتاجية بها.

ويشار وانه على الرغم من التطور الهائل في النظام التعليمي وفي المساقات المطروحة الا ان الثغرة الرئيسية التي لا زالت قائمة هو عدم تناسب تخصصات المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية مع متطلبات سوق العمل بالإضافة إلى أن العمالة الوطنية ترغب العمل في بعض القطاعات وترغب عن أخرى وان اتجاه غالبيتها للعمل في المهن الإدارية والتنفيذية والأعمال المكتبية والعمل في القطاع العام بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد من مؤسسات القطاع الخاص على العمالة الوافدة وخاصة الآسيوية لرخص أجورها وعدم إبداء تذمرها من ظروف العمل في اغلب الأحيان.

العمالة الوافدة بين بين
ومن الواضح انه بالرغم من ايجابيات التي خلفتها العمالة الوافدة لدول مجلس التعاون ومن مساعدتها بشكل كبير على تنمية القطاعات الاقتصادية ومواكبة التنامي في هذا المجال إلى أن هناك آثار سلبية أخرى لا يغض النظر عنها تجلت في معظمها في طغيان العمالة الوافدة على العمالة الداخلية نظرا لتفضيل أصحاب القطاعات الخاصة للأيدي العاملة الأجنبية بسبب رخص الأجور إذا ما قورنت مع أجور العمالة الوطنية .

آثار سلبية خلفتها العمالة الأجنبية التي لم تكن تخضع لخطط مدروسة ومعايير واضحة ومحددة لاستقطابها أدى لاستقرارها في هذه الدول لسنوات طويلة مما خلق العديد من الآثار السلبية على اقتصاديات ومجتمعات دول المجلس .
ومنها استمرار هيمنة العمالة الوافدة وخصوصا الآسيوية منها واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق العمالة الخليجية خصوصا لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص.
وهناك العديد من المشاكل الاجتماعية الكثيرة والمتنوعة ترافق العمالة الوافدة تؤثر على وحدة المجتمعات الخليجية وتماسكها.

دراسة حديثة
وذكرت دراسة حديثة اشرف عليها مجلس التعاون الخليجي تناولت قضية العمالة الوافدة ...مشاكل وحلول أن أمام الحاجة المتنامية للتوسع في مشاريع التنمية والبنية التحتية التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي، وفي ظل التزايد المستمر للاستعانة بالعمالة الوافدة ومعرفة دول التعاون بمدى الآثار السلبية على بلدانها اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، لذا أدركت أن الأمر يتطلب وضع رؤية خليجية لمواجهة قضية العمالة وتطوير التعاون الفني والتقني البيني وتحديث مناهج التعليم على كافة المستويات لربط التعليم باحتياجات السوق والتنمية في الدول الخليجية.
وأضافت أن موضوع العمالة أصبح على رأس الموضوعات المطروحة بقوة في اجتماعات وزراء التخطيط والتنمية ووزراء العمل كما قدمت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في هذا المجال مقترحات تتعلق بكيفية تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وكيفية وضع الاستراتيجيات والأسس لتوطين الوظائف، كما تسعى دول مجلس التعاون الخليجي حاليا إلى دراسة مشروع الخطة الإرشادية الموحدة لإنشاء نظام نموذجي موحد لمعلومات سوق العمل الخليجي وهي بصدد إعداد دراسة حول البطالة بدول المجلس ووضع الشروط المرجعية لها وتحديث البيانات الإحصائية اللازمة لإعداد هذه الدراسة.