لندن: إلى جانب الحملة الانتخابية الأميركية التي تحظى بنصيب الأسد من اهتمام الصحف البريطانية الصادرة يوم الثلاثاء، علقت بعض الصحف على نبإ مقتل عاملة إغاثة كانت تقوم بأنشطة تبشيرية في كابل.

أوباما: quot;الحلم الأميركيquot;

يبدو أن تأييد بعض الجمهوريين للمرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركي، قد عبر المحيط ليصيب بعضا من الساسة المحافظين في الضفة البريطانية. فها هو ذا عمدة لندن المحافظ المثير للجدل بوريس جونسون يعلن تاييده صراحة على صفحة الرأي بصحيفة الديلي تلجراف اليمينية. ويعلل جونسون ميله إلى باراك أوباما لتولي منصب الرئاسة الأميركية إلى عدة أسباب يلخصها في quot; الأمل والتغييرquot;.

ويوضح عمدة العاصمة البريطانية ذلك بالقول إن منافس أوباما الجمهوري السيناتور جون ماكين quot;لا يملك القدرة في الوقت الراهن على إيجاد طريقة لإصلاحquot; ما أفسدته ولايتا الرئيس الحالي. ويقول جونسون: quot;إن إرث الرئيس بوش قد يحتاج إلى عدة سنوات إن لم يكون عقودا لكي تتحدد معالمه، لكن الوقت الراهن كشف عن كارثتين متزامنتينquot;.

فإلى جانب الحرب على العراق التي لطخت في عين العالم سمعة الديمقراطية الغربية، جاءت الأزمة المالية الراهنة والتدخل المشين على الطريقة الاشتراكية، لتجلب quot;الخزي لمبدإ رأسمالية السوق.quot; وقد لا يغيب عن الذهن -يقول جونسون- أن الديمقراطية و الرأسمالية هما دعامتا القيم الأميركية.

ولا يبدو من الواضح كيف سينجح ماكين في ترميميهما. فأبرز ميزاته هي خبرته في السياسة الخارجية وquot;حماسه المندفعquot; للدفاع عن مصالح بلده. ويشير جونسون في هذا الصدد إلى رد المرشح الجمهوري المثير عندما سئل عن سياسته الإيرانية المرتقبة: quot; لقد ردد ماكيين على نغمة البيتش بويز لنقصف لنقصف لنقصف لنقصف إيرانquot;. quot;كان لا شك يمزح ولكنني لو كنت سياسيا إيرانيا، لدفعتني هذه الكلمات إلى السعي حثيثا إلى الحصول على سلاح نووي رادع.quot; وتساءل جونسون عنما إذا كانت هذه العدائية هي ما يطمح إليه العالم في رئيس أميركي. ويردف السياسي البريطاني مفسرا اسباب نجاح حملة أوباما: quot; لأنه يمثل الأمل لا الرعبquot;.

إن أوباما يستحق الفوز- يقول جونسون- لأنه ذكي وموهوب ولأنه يمثل الأمل في أن إعادة الشباب إلى أعظم بلد في العالم وإعادة تأهيليه في عيوننا. ولكن كل هذه الدوافع ليست الوحيدة التي تفسر تأييد عمدة لندن لمرشح الديمقراطيين لمنصب رئيس الولايات المتحدة. ثمة سبب آخر لايقل أهمية -يقول جونسون- وهو أن فوز quot;باراك حسين أوباما يعني بداية النهاية العامل العنصري في السياسةquot;، وتحقيقا لحلم مارتن لوثر كينغ quot;بأرض الحكم فيها على إنجازات الشخص وليس على لونهquot;.

quot;الزحف الدينيquot;

في صفحة الرأي بالجارديان يرى جوفري ويتكرافت أن المحللين والمراقبين أخطأوا كثيرا في توقعاتهم، لكنهم كانوا أقل بصيرة فيما يتعلق بانبعاث المشاعر الدينية وزحفها على مجال السياسة. قبل 50 عاما -يقول الكاتب- لم يكن أحد يتوقع حدوث quot;ثورة إسلاميةquot; في غمرة الهبة القومية، كما لم يتوقع العلمانيون أن يصل quot;صهاينة متدينونquot; إلى سدة الحكم في إسرائيل.

كذلك كان عليه الأمر في الولايات المتحدة؛ حسب الكاتب. فقبل 75 سنة لم يكن ليخطر على بال هربرت هوفر أو فرانكلين روزفلت أن يحضؤرا قداسا دينيا في سياق حملتهما الانتخابية، كما فعل باراك أوباما ومنافسه الجمهوري جون ماكين.

ويقول الكاتب إن الساسة الأميركيين كانوا قبل سنوات الستينيات من القرن الماضين ابعد ما يكون عن الدين إلى درجة أن دوايت أيزنهاور عُمد سرا قبل أن يتولى مهام الرئاسة عام 1952. ويبدو في رأي الكاتب أن الأمر بالولايات المتحدة يختلف تماما عن تلك الحقبة.

فقد سعت حملة ماكين إلى توريط المرشح الديمقراطي، عندما أثارت زوبعة حول القس جريمايا رايت وخطبه النارية، كاشفة عن تردد أوباما على كنيسته. ويقول الكاتب إن أنصار ماكين تناسوا الانتماء الديني للرشحين الجمهوريين للرئاسة ولنيابة الرئيس.

فسارة بالين تنتسب إلى كنيسة تؤمن quot;بآخر الزمانquot;عندما quot;يُجمع اليهود في أرض إسرائيل تمهيدا لنهاية العالم. حينهخا ستندلع النزاعات والحروب، يُنصر بعدها أو يمحقون.quot; ولا يستبعد الكاتب أن تكون بالين على يقين بأن المسيح هو من طلب من الأميركيين غزو العراق quot; فقد صرحت بشيء من هذا القبيل من على المنبر.quot;

أما عن ماكين فقد اضطر - يقول الكاتب- إلى إعلان quot;استنكارهquot; لخطيب كنسي من ولاية تكساس لم يجهر بعدائه للكاثوليكية والإسلام فحيب، بل صرح بأن quot;هتلر ليس إلا صيادquot; دفع باليهود إلى أرض إسرائيل. وينهي الكاتب مقاله بتحذير الأوروبيين من تغلغل العامل الديني في الشؤون السياسية للولايات المتحدة، وانعكاسات ذلك على باقي العالم.

quot;الصلاة من أجل الغذاءquot;

تعلق كلا من صحيفيتي الإندبندنت والتايمز على نبإ مقتل عضو جمعية إغاثة مسيحية في العاصمة الأفغانية كابل، وتخصصان للحادث افتتاحيتين من افتتاحياتهما. تقول الإندبندنت إن مقتل كيل ويليامز دليل آخر على قدرة طالبان على الضرب في أي مكان في افغانستان، وعلى أن هذا البلد برمته صار منطقة خطرة.

فقد كان يسود الاعتقاد أن وكالات وجمعيات الإغاثة ستساهم في جهود الإعمار، بتنسيق مع قوات حلف شمالي الأطلسي، التي خُطِط لها بأن تمهد الطريق لتلك الوكالات بتامين البلاد. لكن - تقول الصحيفة- ولأسباب عدة من بين أهمها غياب التنسيق، لم تتحقق إعادة الإعمار المنشودة، بل ظلت الأمور على ما كانت عليه.

وتدعو الصحيفة في ختام الافتتاحية قادة الحلف الذين يراجعون خططهم بأفغانستان إلى التفكير بجدية في استتباع العمل العسكري بجهود إعادة الإعمار المدنية، وإلا فسينتهي بهم المطاف إلى تسليم البلاد إلى حركة طالبان كما كانت قبل سبع سنوات، مفتقرة إلى الضروريات وغارقة في الفوضى.

وتعتبر التايمز من جهتها أن قتل عاملة الإغاثة عمل إرهابي الهدف منه زعزعة وإحراج الحكومة الأفغانية. لكن الصحيفة البريطانيةن تسعى في المقابل إلى التوضيح إلى أن عملية الاغتيال لا ينبغي أن تنسيني أن بعض الجمعيات استغلت الظروف الاقتصادية الحرجة لتعزيز صفوف أتباع الدين الذي تدعو إليه.

وتقول الصحيفة إن الكثير ممن اعتنقوا دينا بعينه في الهند مثلا أو في أميركا اللاتينية، كانوا يسعون إلى تحسين أحوالهم الدنوية، وليس ضمان خلاصهم في الآخرة. وتنصح الصحيفة في ختام الافتتاحية بضرورة الفصل بين الدين وبين المساعدات الإنسانية احتراما للدين ونأيا به عن الشبهات.