طلال سلامة من روما: تتوسع رقعة مظاهرات الطلاب المدرسيين والجامعيين في كافة المدن الرئيسية من جراء برنامج قطع الموارد المالية التي أقرت به وزيرة التعليم مما انعكس أوتوماتيكياً على العلاقات بين برلسكوني وفلتروني التي تفاقمت حدتها وقد تصل في أي لحظة الى التهديد والوعيد! من جانبه يحذر برلسكوني الطلاب الجامعيين من شل الدروس واحتلال القاعات الجامعية كونها أماكن عامة. كما يشير برلسكوني الى أن شل أنشطة الجامعات لا يعبر عن مفاهيم الحرية والديموقراطية إنما مجرد عنف يُمارس على هؤلاء الطلاب الذين يريدون التعلم. في المقابل، يعتقد فالتر فلتروني، رئيس الحزب الديموقراطي الذي يشكل أغلبية القوى المعارضة، أن إنذار برلسكوني قد يسبب تداعيات خارجة عن جميع التوقعات. وكأن برلسكوني يستهدف النفخ على نار المشاكل الاجتماعية التي لا علاقة لها بالأمن العام. ويتمنى داريو فرانشيسكيني، نائب فلتروني في الحزب، أن تتصرف أجهزة الشرطة بمسؤولية وهدوء وإلا فان المعركة قد تنتقل من الجامعات الى الساحات بعيدة كل البعد عن طابعها السلمي.

يبدو برلسكوني جاداً في وعيده، هذه المرة. اليوم، يريد استدعاء روبرتو ماروني، وزير الداخلية، لاعطائه التعليمات حول كيفية التدخل بواسطة الأجهزة الأمنية المختصة. علاوة على ذلك، يعزي برلسكوني ثورة الجامعيين الى الأطراف اليسارية المتشددة التي تمكنت من زرع الأكاذيب في الأوساط الجامعية والمدرسية بهدف جر المعارضة الى الشوارع والساحات للضغط على الحكومة الحالية. مع ذلك، يبقى ماروني صامتاً بانتظار تقويم الأخطار الأمنية المشتقة من أي اتجاه عنفواني لهذه المظاهرات.

من جانبه، يتخذ جورجو نابوليتانو، رئيس الجمهورية، موقفاً حيادياً داعياً جميع الأحزاب السياسية الى تبادل الآراء باحترام قبل القيام بمبادرة مشتركة، كما تلك التي حدث مؤخراً عندما التقت جميع الأطراف السياسية حول اسم قاضي تم انتخابه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا.

العصابات الحمراء نشأت في الجامعات
من جهة أخرى، قال الرئيس الايطالي السابق فرانشيسكو كوسيغا quot;إنني لا أبالغ، أعتقد أن الإرهاب سيعود بالفعل إلى تلطيخ شوارعنا بالدماء، ولا أود ننسى بأن العصابات الحمراء لم تنشأ في المصانع بل الجامعات، وأن الشعارات التي كانت تحملها سبقتها في حملها الحركة الطلابية واليسار النقابيquot;.

وأضاف عضو مجلس النواب مدى الحياة في مقابلة أجرتها معه صحيفة (كووتديانو ناتسيونالي) اليوم الخميس أنه quot;ليس أمرا ممكنا بل محتملا، أن يعيد التاريخ نفسه، ولهذا أقول بأن العصابات الحمراء نشأت لأننا لم نخمد النار في الوقت المناسبquot;.

وتعليقا على اقتراح رئيس الحكومة سيلفيو برلسكوني بشأن إمكانية اللجوء إلى استخدام القوى المحلية قال كوسيغا quot;إن كان برلسكوني يظن بأنه مجلس وزراء بلد قوي فقد فعل حسناquot;، وأردف quot;لكن لكون ايطاليا بلد ضعيف لا يقود المعارضة فيه الحزب الشيوعي الايطالي بل الحزب الديمقراطي المفكك، فأعتقد بأنه لن تتبع الأقوال أفعالا ولن يحظى برلسكوني إلا بموقف سيءquot;.

وأضاف الرئيس الايطالي السابق أن quot;على ماروني أن يفعل ما قمت به عندما كنت وزيرا للداخليةquot;، فقبل كل شيء quot;عليه ترك طلبة الإعدادية وشأنهم فماذا سيحدث إن قتل فتى في الثانية عشرة من عمره أو أصيب بجراح بالغةquot;، وتابع quot;ترك حرية التحرك للجامعيين، ثم سحب قوات الشرطة من الشوارع والجامعات، ودس عناصر محرضة في الحركة الطلابية وجاهزة لفعل أي شيء، وترك الحرية للمتظاهرين لمدة عشرة أيام لتخريب المتاجر، حرق السيارات وشب النار في المدنquot;.

وتابع كوسيغا القول quot;بعد هذا ينبغي نشر قوات الأمن في الشوارع والبدء بضرب هؤلاء ضربا مبرحا لإرسالهم إلى المستشفيات لا إلى السجون، لأن القضاة سيخلون سبيلهم عاجلا أم آجلاquot;، وأشار إلى أنه quot;ينبغي ضربهم بقسوة هم وأساتذتهم الذين يحركونهم، ولا أقصد بهذا كبار السن بل المعلمات الشابات، فهل من يدرك خطورة الموقف الذي نحن فيه؟ فهناك معلمات تلقن الأطفال وتخرجهن إلى الشارع وهذا عمل إجرامي حقيقيquot;، حسب رأيه، وختم مؤكدا أن quot;هذه وصفة ديمقراطية، ألا وهي إخماد ألسنة النار قبل أن تتحول إلى حريق مدمرquot;.