أبوظبي: دعت دراسة جديدة صادرة من مركز البحوث والدراسات الأمنية التابع للقيادة العامة لشرطة أبوظبي، إلى إنشاء صندوق خاص لدعم أنشطة مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، وتقديم المساعدات والتعويضات اللازمة لضحاياها.
وأشارت إلى ضرورة أن يتبع الصندوق quot;اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاصquot;، وتكون من بين موارده الغرامات المالية، والأموال المحكوم بمصادرتها في هذه الجرائم، بما يتفق مع الأحكام ذات الصلة والمواثيق الدولية والخليجية، لا سيما في ما يتعلق بمساعدة الضحايا ورعايتهم.
كما دعت إلى إضافة عقوبة الغرامة إلى عقوبة السجن، التي اقتصرت عليها المادة 2 من القانون، بشأن مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، فضلاً عن توسيع quot;وعاء المصادرةquot;، ليشمل، إلى جانب الأموال أو الأمتعة أو الأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة، العائدات الإجرامية المباشرة المتحصلة منها، أو الممتلكات التي حولت أو بدلت تلك العائدات إليها، وذلك بهدف تقليص القوة المالية والاقتصادية للمتاجرين بالبشر وأعوانهم.
وكانت الدولة عزّزت استراتيجيتها لمكافحة الاتجار بالبشر، والحد من تفاقم معاناة ضحايا هذا النوع من الجرائم الوافدة إلى الدولة. خصوصاً بعدما أصدرت في العام 2006 قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي عدّ الأول من نوعه على مستوى العالم العربي.
كما قدّم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دعمه لعقد منتدى فيينا حول محاربة الاتجار بالبشر، الذي نظّمته الأمم المتحدة خلال نوفمبر الماضي.
وتبرّعت الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الشيخة فاطمة بنت مبارك، بقطعة أرض في أبوظبي، لإقامة مركز إيواء لضحايا الاتجار بالبشر.
وأكّد التقرير الوطني للإمارات حول حقوق الإنسان، الذي أعلن إطلاقه مطلع نوفمبر الماضي، أن الدولة تعمل على مواجهة جرائم الاتجار بالبشر، من خلال الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في هذا الاتجاه، والعمل على تطوير التشريعات المعمول بها وتحسينها في الدولة، طبقاً للمعايير العالمية، وإنشاء مؤسسات وأجهزة تعمل لمواجهة هذا النوع من الجرائم، وتدعيم التعاون الدولي مع المنظمات والهيئات الدولية المعنية.
وجاءت الدراسة بعنوان quot;إطلالة على القانون الاتحادي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشرquot;، وأعدّها الباحث القانوني في مركز البحوث والدراسات الأمنية مصطفى طاهر.
وأشارت إلى أن إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، وفقاً للقانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، يعدّ نقطة مضيئة في سجل الإمارات، صاحبة السبق العربي في مجال حقوق الإنسان، وما يتصل به من ممارسات والتزامات، لافتاً إلى أن هذا القانون يمثّل أول قانون لمكافحة الاتجار بالبشر على مستوى العالم العربي.
وطالبت الدراسة، بتغليظ العقوبات المقرّرة لجرائم التعدي على الأشخاص وتحويلها إلى السجن المؤبّد، في حال إنتماء الجاني إلى جماعة إجرامية منظّمة، أو مشاركته في أنشطتها، وذلك لمواجهة الخطورة المتنامية للجماعات الإجرامية المنظمة التي كثيراً ما تنخرط في ارتكاب أعمال تعدي على المكلفين بمكافحتها قانوناً.
وعلى صعيد التعاون الدولي، أوصت الدراسة، بإنشاء قنوات اتصال دائمة ومباشرة بين أجهزة المكافحة في الدولة وبين الأجهزة العربية والدولية المماثلة له، ورأت أنه ضمان لتحقيق تقدم في الجهود الرامية إلى القضاء على هذه الجريمة الخطرة، إضافة إلى توفير الحماية الكافية للشهود والمصادر السرية للمعلومات والخبراء والمترجمين في القضايا المهمة، خاصة تلك المتعلقة بعناصر الجريمة المنظمة وجماعاتها، التي لا تدّخر جهدا في استخدام أقصى درجات العنف والترهيب لتحقيق مصالحها وحماية أعضائها.
كما شجّعت الدراسة على عقد المؤتمرات والندوات الدولية المتخصصة، والمشاركة الإيجابية في أعمالها داخل الدولة وخارجها، بما يكفل التبادل المثمر للمعلومات والخبرات، والوقوف على كل ما هو جديد ومستحدث، سواء في ما يتعلق بأبعاد ظاهرة الاتجار بالبشر ومتغيراتها، أو بوسائل وأساليب المكافحة ومستجداتها.
وأثنى الباحث على جهود الدولة الرائدة في المنطقة على صعيد مكافحة هذه الجريمة، والتعاون الذي تقدمه الأجهزة المختصة، مشيرا إلى أن التشريعات الإماراتية تعتبر متقدمة في مجال حماية حقوق الإنسان، حيث تعكف وزارة الشؤون الاجتماعية حالياً على إعداد مشروع قانون اتحادي بشأن حقوق الطفل، يشارك في صياغته عدد من الجهات الاتحادية والمحلية المختصة، وذلك على ضوء القوانين المقارنة والتجارب الناجحة في بعض الدول العربية والأجنبية، واسترشاداً بمبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وأحكامها، التي وافقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1995
ومن المقرر، أن يشتمل القانون المقترح على إطار قانوني متكامل لحماية الطفل، من مختلف صور العنف وأشكاله، والاستغلال التي يتعرض له، فضلاً عن حماية حقوقه الأساسية في الحياة والهوية ورعاية الوالدين والضمان الاجتماعي.
واختتمت الدراسة عرضها لجهود الدولة في هذا المجال، مؤكدة أن الضجة التي أثيرت حول موضوع سباق الهجن ودعارة النساء وأوضاع العمالة المنزلية، كانت أمراً مبالغا فيه، وبأن جهود الدولة لإصلاح الخلل كانت كبيرة وفعالة، وبأن التطور الكبير الذي شهدته الدولة التي تقيم فيها أعداد ضخمة من العمالة الأجنبية التي استلزمتها متطلبات الوفاء باحتياجات الطفرة الاقتصادية والعمرانية غير المسبوقة، أنتج بعض الممارسات السلبية، لكن جهود الجهات المختصة حجّمتها وطوّقت معانيها.
وانتهت الدراسة إلى اقتباس أقوال متعددة لكبار المسؤولين في الدولة، أكّدوا خلالها عدم التساهل أمام مثل هذه القضايا، حيث أكّد وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور محمد قرقاش مراراً أن quot;دولة الإمارات تعمل جاهدة على مكافحة كل أشكال استغلال البشر بصورة غير شرعية، والمعاملات غير الإنسانية تجاه أي شخص كانquot;.
وتختص اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، حسب مواد القانون، بدراسة التشريعات المنظمة للمسائل المتعلقة بالاتجار بالبشر وتحديثها، بما يحقّق الحماية المطلوبة لهم، وفقاً للمقتضيات الدولية.
كما تقوم بإعداد التقارير عن التدابير التي اتخذتها الدولة، ومتابعة ما يستجد في شأنها، والتنسيق بين مختلف أجهزة الدولة المعنية، من وزارات ودوائر ومؤسسات وهيئات، في ما يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، ونشر الوعي المؤسسي والمجتمعي بالمسائل المتعلقة بهذه الجرائم.
التعليقات