لندن، وكالات: لقد تُركت وهي تمتقع خجلا. فهي لم تستطع في نهاية المطاف أن تصوِّت لصالح القرار الذي سهرت عليه وأعدته وهيَّأت له كل الترتيباتquot;. عندما تفوَّه رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بهذه الكلمات خلال خطاب ألقاه أثناء زيارته التفقدية يوم أمس الاثنين لمدينة عسقلان في جنوب إسرائيل، والتي تتعرض لصواريخ حركة حماس المنطلقة من قطاع غزة، لم يكن يقصد بها سوى وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كوندوليزا رايس.

أما تفاصيل الحكاية، فترويها لنا صحيفة الديلي تلغراف الصادرة اليوم من خلال تقرير تنشره على موقعها على شبكة الإنترنت ويرصد ما جاء في كلمة أولمرت تلك وهو يكشف تفاصيل مكالمة آخر الليل التي أجراها مع الرئيس الأميركي المنصرف، جورج دبليو بوش، وحصد بنتيجتها ضمان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع القرار 1860 الذي صدر يوم الخميس الماضي بشأن الوضع في غزة.

ينقل تقرير الديلي تلجراف عن أولمرت قوله إن الرئيس الأميركي أمر في اللحظة الأخيرة الوزيرة رايس بعدم التصويت على مشروع القرار الذي دعا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة الذي شهد مقتل أكثر من 920 شخصا وإصابة أربعة آلاف آخرين على الأقل بجروح منذ بداية الجيش الإسرائيلي لعملية quot;الرصاص المسكوبquot; على القطاع في السابع والعشرين من الشهر الماضي.

ويضيف التقرير إن ذلك وضع رايس في موقف لا تُحسد عليه ومحرج للغاية بالنسبة لها أمام زملائها الوزراء المشاركين في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، والتي انتهت بتصويت 14 عضو لصالح القرار المذكور وامتناع الولايات المتحدة، التي كانت وراء الإعداد للقرار وضمان تمريره، عن التصويت.

ويردف التحقيق، الذي ترفقه الصحيفة بصورة كبيرة لبوش ومن ورائه وزيرة خارجيته السمراء وقد أطرق الاثنان أرضا وراحا يفكران مليًّا بأمر يبدو أنه يشغل بالهما كثيرا، إن التوقع المبدئي كان هو أن تصوِّت الولايات المتحدة لصالح القرار المذكور، مثلها مثل بقية أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرين، لكن امتناع رايس المفاجئ عن التصويت أدهش المجلس والعالم معه.

ونعود إلى أولمرت، الذي يروي بفخر وزهو ما فعله في تلك الليلة وأدى إلى تغيير الموقف الأميركي بشكل جذري، إذ يقول: quot;أثناء الليل بين الخميس والجمعة، وعندما كانت وزيرة الخارجية (الأميركية) تعتزم قيادة عملية التصويت لصالح وقف إطلاق النار عبر مجلس الأمن، لم نكن نحن نرغب بأن تصوت واشنطن لصالح القرار.quot; ويضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل قائلا: quot;قلت: اطلبوا لي الرئيس بوش على الهاتف. فقالوا لي إنه (أي بوش) في وسط إلقاء خطاب له في فيلادلفيا. فقلت: هذا لا يهمني، فأنا أريد أن أتحدَّث إليه الآن. فترك (الرئيس الأميركي) المنبر وتكلَّم معي.quot;

ويتابع أولمرت بالقول: quot;لقد قلت له إنه ليس بوسع الولايات المتحدة أن تصوِّت لصالح (القرار)، نعم لا يمكنها أن تصوِّت لصالح هكذا قرار. فكان أن اتصل (بوش) بوزيرة خارجيته في الحال وأخبرها بأن تمتنع عن التصويت.quot;

ولم يفت الصحيفة التذكير بأن بوش دأب دوما على إلقاء اللوم على حركة حماس في الصراع الدائر حاليا بينها وبين إسرائيل، إذ عاد للتأكيد في آخر لقاء رسمي له مع الإعلاميين في البيت الأبيض يوم أمس الاثنين بقوله إنه رغب على الدوام برؤية quot;وقف دائم لإطلاق النار قابل للاستمرار والتطبيقquot; في غزة، لكن الأمر يعود لحماس بأن تختار بين إيقاف إطلاق صواريخها على إسرائيل من عدمه.

الصحف البريطانية الصادرة اليوم حفلت أيضا بطيف واسع من التقارير والتحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية والصور التي تتناول الأوضاع في غزة وترصد انعكاسات الهجوم الإسرائيلي على القطاع. فتحت عنوان quot;إسرائيل تواجه دعوات التحقيق بوقوع جرائم حرب في غزةquot;، تنشر الجارديان تحقيقا لمراسلها في القدس، كريس ماكجريال، جاء فيه أن إسرائيل باتت تواجه مطالب متزايدة من قبل مسؤولي الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان العالمية والإسرائيلية لإجراء تحقيق دولي بمزاعم تتحدث عن ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وذكر التحقيق أن من بين تلك الجرائم التي يجري الحديث عنها: quot;القصف غير المتناسب والمتهور للمناطق السكنية واستخدام العائلات الفلسطينية من قبل الجنود كدروع بشرية.quot; وتدلل الصحيفة على وجود مثل تلك الدعوات بتقارير تتحدث عن موافقة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان يوم أمس الاثنين على قرار يدين الهجوم الإسرائيلي على غزة بسبب quot;الخروقات الجماعية لحقوق الإنسان.quot;

كما ينقل تقرير الجارديان عن مسؤول رفيع في الأمم المتحدة قوله إن الوكالات والهيئات الإنسانية التابعة للمنظمة الدولية بدأت بالفعل بجمع الأدلة التي تشير إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب في غزة، وأخذت بتمرير ما تتوصل إليه من نتائج ومعلومات إلى أعلى المستوياتquot; من أجل استخدامها والاستفادة منها في حال كانت كافية او مناسبة.

وتعدد الصحيفة بعضا من التهم الموجهة إلى إسرائيل في هذا المجال ومنها:

استخدام قذائف قوية على المناطق المدنية، رغم أن الجيش الإسرائيلي كان يعرف أنها ستوقع عددا كبيرا من الضحايا الأبرياء

استخدام الأسلحة المحرَّمة دوليا مثل قنابل الفوسفور

احتجاز العائلات الفلسطينية واستخدامها كدروع بشرية

مهاجمة المنشآت الطبية، بما في ذلك قتل 12 رجلا من طواقم الإسعاف كانوا يحملون إشارات واضحة لهيئات إسعافية

قتل عدد كبير من رجال الشرطة الذين لم تنط بهم أي مهمة عسكرية

وتشير الصحيفة إلى أنه يمكن أن يقوم مجلس الأمن الدولي باستصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة تحقيق، وحتى إنشاء محكمة لجرائم الحرب في غزة. إلا أنه من المحتمل أن تستخدم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا حق النقض الفيتو لإفشال مثل تلك الخطوة في حال الإقدام عليها فعلا.

quot;القبضة الحديديةquot;

وفي التايمز نطالع اليوم تحقيقا بعنوان quot;غزة: إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة القبضة الحديدية إلى حماسquot;، وترفقه بصورة كبيرة لمجموعة من الإسرائيليين يسيرون بسلاحهم الميداني الكامل استعدادا للانخراط في المرحلة الثالثة من عملية quot;الرصاص المسكوبquot; التي تعني دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدن والمراكز السكانية المكتظة بالسكان في قطاع غزة بغية تعقب مسلحي حماس هناك.

يقول تحقيق التايمز، الذي أعده مراسلا الصحيفة في القدس، مارتن فليشر وشيرا فرينكيل، إن إسرائيل ماضية بتنفيذ المرحلة الثالثة من هجومها على غزة، وذلك ما لم تقبل حماس بإيقاف إطلاق صواريخها من قطاع غزة على إسرائيل، وهو أحد الشروط الرئيسية التي تضعها إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار.

quot;انقسام في إسرائيلquot;

أما الإندبندنت، فتنشر اليوم تقريرا جاء بعنوان quot;مجلس الوزراء الإسرائيلي منقسم على نفسه بشأن تطوير الهجوم في غزةquot;، ويتحدث عن تقارير بشأن حدوث شرخ ضمن الحكومة الإسرائيلية بشأن العملية العسكرية الراهنة. يشير التقرير إلى وجود إشاعات تدور حول ضغط كل من وزيرة الخارجية وزعيمة حزب كاديما الحاكم، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع إيهود باراك، لإنهاء العملية العسكرية بشكل مبكر، بينما يصر أولمرت على مواصلة القتال حتى النهاية.

ومن التقارير والتحقيقات الأخرى في صحف اليوم عن الوضع في غزة تقرير مصوَّر في التايمز يتحدث عن تحول quot; تلة باراشquot; المطلة على بلدة سديروت القريبة من غزة من مقصد سياحي إلى وجهة مفضلة للصحفيين والفضوليين وغيرهم من الإسرائيليين ممن تدفعهم quot;الرغبة بالانتقامquot; لحمل مناظيرهم المقرِّبة بغرض استخدامها لمراقبة ورصد القوات الإسرائيلية وهي تدك المدن والبلدات الفلسطينية في قطاع غزة بالقذائف والصواريخ.

وفي الجارديان نطالع أيضا تحقيقا بعنوان quot;جماعة لحقوق الإنسان تقول إن الهجوم الإسرائيلي أرغم 90 ألف شخص على الرحيل عن منازلهمquot;، بينما يصوِّر لنا تقرير آخر كيف أن مقابر غزة قد ضاقت بجثث الموتى، إذ لم يعد فيها من متسع لمزيد من القبور.

خلافات داخل حماس أيضا

في سياق متصل ذكرت مصادر رسمية مصرية لصحيفة quot;الأهرامquot; الحكومية أن خلافات داخل قيادة حركة حماس هي التي تعطل الاتفاق معها بشأن تنفيذ بنود المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار في غزة. ونقلت الصحيفة المصرية الحكومية عن المصادر اليوم الثلاثاء أن هناك انقساما داخل صفوف حماس بين quot;من يقيمون خارجها، بخاصة الموجودين في سوريا ...rlm;rlm; بينما يصر القادة المقيمون داخل غزة على التجاوب مع المبادرةquot;. وأضافت المصادر إن قادة حماس الموجودين في سوريا يتعرضون للضغوط من جانب إيران وسوريا لرفض المبادرة المصرية أو محاولة تعطيلها.

وتابعت أن أعضاء وفد حركة حماس الذين شاركوا في حوار القاهرة لا يزالون ينتظرون ردا من رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، والمقيم في دمشق، على المبادرة المصريةrlm;. وكانت مصادر رسمية مصرية ابلغت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية الاحد ان المباحثات المكثفة التي أجراها رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان مع وفد حماس كانت إيجابيةrlm;.

وكان القياديان في حماس محمد نصر وجمال ابو هاشم عادا من دمشق ليلة الاثنين بعدما قطعا مباحثات يجريها وفد حماس للتشاور مع قيادة الحركة في سوريا بشأن المبادرة المصرية. ومن المقرر ان يستأنف سليمان لقاءاته مع وفد حماس اليوم الثلاثاء في محاولة لردم الهوة بين الموقفين.

وتتكتم مصر وحماس على تفاصيل المباحثات، الا ان مصادر مصرية ذكرت ليونايتد برس إنترناشونال أن خلافات هامة بين الطرفين تتعلق بتفاصيل المقترحات المصرية الخاصة بشروط وقف اطلاق النار وربط ذلك من حماس بانسحاب إسرائيلي فوري من القطاع اضافة الى طريقة ادارة المعابر بعد فتحها وضرورة مشاركة حماس فيها. كما تتحفظ حماس على وجود قوات دولية قتالية في القطاع وتريد مناقشة جنسية القوات ومهامها ومناطق نشرها.

ووفقا للمصادر ذاتها، فإن حماس تسعى كذلك الى الاتفاق بشأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية قبل الموافقة على استئناف الحوار الفلسطيني-الفلسطيني وجهود المصالحة. وتوقعت المصادر ان تماطل حركة حماس في المباحثات الجارية في القاهرة حتى نهاية الاسبوع المقبل بانتظار احتمال انعقاد قمة عربية طارئة طلبتها quot;حليفتيهاquot; قطر وسوريا، وكذلك تسلم الرئيس الاميركي الجديد باراك أوباما السلطة في 22 يناير/كانون الثاني الجاري.

جو السبَّاك مراسلا في إسرائيل

ونختم رصد تغطية الصحف البريطانية لأحداث غزة بتحقيق يعيدنا إلى الوراء قليلا، وتحديدا إلى معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية، فهو يدور عن جو السبَّاك الذي طالما استخدم المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين اسمه مرارا بغرض إحراج منافسه الديمقراطي حينذاك باراك أوباما. فقد اكتسب جو السبَّاك شهرته من مجادلته لأوباما ذات مرة بأن من شأن خططه الاقتصادية أن تودي بحلمه بشراء الشركة التي يعمل بها، طالما أن دخله سيكون أكثر من 250 ألف دولار أميركي، وبالتالي سيتعين عليه دفع المزيد من الضرائب.

أما علاقة جو بأحداث غزة، فيكشفها لنا تقرير مصوَّر تنشره الجارديان وجاء بعنوان: quot;جو السبَّاك يوبِّخ الصحافة الإسرائيلية بعنف لعدم تمتعها بروح كافية من الوطنية.quot;

وفي التفاصيل نقرأ كيف أن الأمريكي ساموئيل وورزيلباتشر (جو السبَّاك) قد بدأ أول يوم له كمراسل حربي لصالح موقع quot;باجاماز ميديا الإلكترونيquot;، حيث آثر أن تكون نقطة انطلاقه في مهنته الجديدة هي بلدة سديروت الإسرائيلية التي كانت هدفا دائما لصواريخ حماس خلال السنوات الماضية. وتنقل الصحيفة عن المراسل الجديد وورزيلباتشر، الذي يظهر في الصورة المرفقة وبيده مايكروفون وهو يقف في منزل مهدم استهدفه على ما يبدو أحد الصواريخ، قوله: quot;يدور بذهني الآلاف من الأسئلة، لكنني لا أستطيع أن أفكر بالسؤال الصحيح منها.quot;