لندن: الصحف البريطانية الصادرة الخميس تناقش وتحلل إنعكاس دخول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض على الأزمات العالمية من وول ستريت إلى مخيم جباليا. ففي مقاله بعنوان quot;أوباما تجاهل غزة حتى الآنquot; يقول روبرت فيسك: كان يفترض أن تتوفر لدى أوباما الشجاعة للحديث عما يشغل بال الجميع في الشرق الأوسط، وهو حاليا ليس الانسحاب من العراق، فهذا أصبح معروفا، ولا إغلاق معسكر غوانتاناموquot;. لم يذكر أوباما غزة في خطابه، وهو تجنب أيضا ذكر إسرائيل، فهل كان هذا بدافع الخوف أو عدم الاكتراث ؟ يتساءل فيسك.
ويتساءل أيضا: ألم يخطر ببال من كتب خطاب أوباما أن الحديث عن الحقوق المدنية للسود أو بالأحرى حرمانهم منها سابقا، سيجلب الى أذهان العرب ما يعانيه شعب لم يحصل على حق الانتخاب الا منذ ثلاث سنوات، وحين مارس هذا الحق تعرض لعقوبات بسبب خياره ؟ ويضيف فيسك قائلا: quot; الرسالة الودية التي وجهها أوباما للعالم الإسلامي لم تتعامل مع صور حمام الدم في غزة التي كان العالم يحدق فيها بغضب شديدquot;.
ويختم فيسك مقاله قائلا: نعم، أعطوا الرجل فرصة، ربما تحدث جورج ميتشل الى حماس، ولكن ماذا سيقول دنيس روس وهيلاري كلينتون ورام ايمانويل وروبرت غيتس ؟ الكلمتان فلسطين وإسرائيل كانتا ساخنتين، يقول فيسك، وفي ذلك اليوم البارد في واشنطن لم يكن باراك أوباما يرتدي قفازا.
رحلوا مطمئنين
وفي الغارديان نطالع مقالا بعنوان quot;لا نظرة للوراء باتجاه جوانتاناموquot; كتبه عزيز حق. يقول الكاتب: حتى قبل أن يتجرع أوباما آخر رشفة من الشمبانيا في حفل تنصيبه فقد مضى قدما في طريق إيقاف المحاكمات العسكرية ووضع مسودة قرار ينص على إغلاق المعسكر.
يلاحظ الكاتب ان الرئيس المنصرف جورج بوش لم يستخدم امتيازا يمنحه الدستور الأميركي للرؤساء، وهو الحق في العفو عن أي متهم سواء صدرت بحقه لائحة اتهام أو لم تصدر. يقول الكاتب ان احجام بوش عن استخدام هذا الامتياز لاستباق إمكانية تقديم زملائه في الادارة كدونالد رمسفيلد وديك تشيني على خلفية اتهامات بانتهاك حقوق الانسان ينم عن اطمئنانه الى ان خطرا كهذا لا يحدق بهم في عهد إدارة أوباما.
ويختم الكاتب مقاله بلهجة ساخرة، فيقول ان شعار أوباما في حملاته الانتخابية كان quot;التغيير الذي نستطيع الإيمان بهquot;، ويقول انه يبدو أن تغيير أركان النظام القضائي بحيث يجعل تقديم إشخاص بثقل تشيني ورمسفيلد للمحاكمة يبقى خارج النطاق الذي يمكن الإيمان بإمكانية تحقيقه.
أما في صحيفة التايمز فنجد مقالا بعنوان quot;المهمة الأولى لباراك أوباما هي إعادة اختراع الراسماليةquot;. لفت انتباه الكاتب تكرار عبارة محددة في الكثير من الصحف والمجلات الأمريكية، ومنها النيويورك تايمز والواشنطن بوست ويو اس ايه توداي وغيرها، العبارة هي quot;إعادة تشكيل أمريكاquot;.
ويقول الكاتب انه من أجل أن يكون هناك أمل في إمكانية إصلاح الركام الذي تركه جورج بوش على أوباما أن يقنع أولئك الذين لم يصوتوا له، ونسبتهم تبلغ 45 في المئة من الناخبين، بأن أميركا مفلسة.
ويعرض الكاتب المأزق الذي يعيشه المجتمع الأميركي: القيم التي كان يقوم عليها المجتمع والتي كفلت له السيطرة في العالم، قيم الاقتصاد الحر والفردية وكذلك الحكومة الصغيرة يبدو أنها قد تحطمت. والا كيف يمكن وصف افلاس المؤسسات المالية الرئيسية والعديد من كبريات المؤسسات الصناعية؟
ويلاحظ الكاتب كيف تحولت قناعات العالم من النقيض الى النقيض في غضون أقل من عشرين سنة، فيقول انه حين هوى جدار برلين كان لا يختلف اثنان من الصين الى البرازيل ومن الهند الى روسيا انه لا بديل عن اقتصاد السوق كوسيلة لتنظيم النشاط الانتاجي. الآن، يقول الكاتب، يبدو أن العالم توصل الى استنتاج معاكس تماما.
وصفة معروفة
أما افتتاحية الفاينانشال تايمز التي حملت عنوان quot;ركام غزة quot;، فبدأت بعرض الوضع الحالي في غزة: جزء كبير منها تحول الى ركام، حماس تدعي أنها انتصرت، وهناك وقف لإطلاق النار معلن بشكل أحادي من الطرفين المتحاربين ولكنه لا يرقى الى مستوى الهدنة، وان كان يفسح مجالا للتفكير في الوقت الذي ينتقل فيه باراك أوباما الى البيت الأبيض.
يقول كاتب الافتتاحية: الخطوات أحادية الجانب التي اتخذتها إسرائيل سابقا لم تؤد الى نتيجة، فانسحابها أحادي الجانب من غزة عام 2005 لم يحل أي مشكلة، ولا يمكن التخلص من حزب الله وحماس، وكلاهما نشأ لمقاومة الاحتلال، لا يمكن التخلص منهما بالتمني. ان قوة المنظمتين سببها العجز عن التوصل الى تسوية قائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام.
ان ما تذهب اليه اسرائيل وادارة بوش من أن ايران وراء كل شيء في المنطقة هو مضلل. حماس كانت ستوجد حتى لو لم توجد ايران: فعجز اتفاق أوسلو عن أن يؤدي الى خلق دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وفساد فتح وتدمير اسرائيل للسلطة الفلسطينية كل ذلك ساهم في النصر الذي حققته حماس في انتخابات عام 2006، حسب الصحيفة.
وعرضت الافتتاحية تصور الصحيفة للخروج من المأزق الذي يعيش فيه الفلسطينيون والاسرائيليون، وذلك بتأسيس دولة فلسطينية على جميع الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 تقريبا، ومن أجل أن يحدث هذا لا بد من وحدة القيادة الفلسطينية التي تأخذ على عاتقها تحقيق هذا الهدف، وعلى الاسرائيليين أن يكونوا راغبين بالسلام أكثر من رغبتهم ببناء المستوطنات، وكذلك على أوباما أن يكون قويا في انتهاز ما قد يكون الفرصة الأخيرة للوصول الى حل قائم على دولتين تعيشان جنبا الى جنب في حدود آمنة، حسب الصحيفة.
التعليقات