القدس: كشفت المواجهات الاخيرة في النزاع حول باحة الحرم القدسي حدة الانقسام بين الاسرائيليين والفلسطينيين مع القاء كل طرف على الاخر المسؤولية عن اندلاع هذه الاحداث التي تهدد بانفجار في المدينة المقدسة. ويرى الفلسطينيون ان الجناح اليميني المتشدد في الحكومة الاسرائيلية يشعل الفتيل بتشجيعه ضمنا اليهود المتشددين والمستوطنين على افتعال الاستفزازات في هذا المكان المقدس.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات محذرا quot;إن إسرائيل تقوم بإشعال الكبريت آملة في إيقاد النار وتعمل عمدا على تصعيد التوتر في مدينة القدس المحتلة عوضا عن اتخاذ خطوات لتهدئة الوضعquot;. واعتبر في تصريح صحافي الاربعاء ان quot;إسرائيل تقوم بالتصعيد وتكثيف قمعها لمقاومة الاحتلال، بهدف إفشال الجهود الدبلوماسية الرامية لإحلال السلام. فإسرائيل لا ترغب في الحديث عن القدس كاحدى قضايا الوضع النهائيquot;.

وأضاف عريقات quot;هذا الوضع خطير جدا، وأكثر ما نخشاه هو قيام إسرائيل بتكثيف أعمالها القمعية والاعتقالات وحشد كامل قوتها العسكرية ضد شعبنا الأعزلquot;. وتعتبر القدس من اهم قضايا مفاوضات الوضع النهائي. في المقابل ترى اسرائيل ان المسؤولية تقع على عاتق جماعات من عرب اسرائيل مثل الحركة الاسلامية التي تقول انها تتحرك بالتنسيق مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة.

وقال ايال زيسر الباحث السياسي في جامعة تل ابيب ان quot;احداث الايام الاخيرة، التي لا ينبغي التضخيم من شانها، دليل على ان حماس تمسك بزمام معركة القدس باعطائها بعدا دينياquot;. واعتبر ان حماس تسعى الى quot;التعبئة من اجل الانتخابات الفلسطينيةquot;، التي قد تنظم العام المقبل، لكسب نقاط على منافستها حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفسلطيني محمود عباس.

والموقع الذي يضم قبة الصخرة والمسجد الاقصى، هو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما انه اكثر الاماكن قداسة لدى اليهود الذين يقولون انه يضم الهيكل اليهودي الذي دمره الرومان في العام 70. وفي عام 1929 اجتاحت فلسطين في عهد الانتداب البريطاني موجة من الاضطرابات الدامية باسم الدفاع عن الحرم الشريف.

وفي 1996 اثار قرار بلدية القدس اليهودية التي كان يراسها آنذاك رئيس الوزراء ايهود اولمرت فتح نفق تحت الباحة يؤدي الى حي المسلمين، اضطرابات دامية في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة (اكثر من ثمانين قتيلا بين الفلسطينيين والاسرائيليين).

وفي 28 ايلول/سبتمبر 2000 كانت الزيارة التي قام بها زعيم اليمين الاسرائيلي ارييل شارون الى باحة المسجد الاقصى، واعتبرت استفزازية الشرارة التي فجرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وبدات الموجة الاخيرة في 27 ايلول/سبتمبر عندما دخلت مجموعة الحرم الشريف خلال الوقت المصرح فيه للسياح بزيارة الموقع. وعلى الاثر تجمع عشرات المسلمين داخل الموقع اثر انتشار اشاعات بان الشرطة سمحت للمستوطنين بدخول المسجد الاقصى.

وتقول الشرطة ان المجموعة كانت من السياح الفرنسيين الا ان الفلسطينيين يصرون على ان مجموعة من اليهود المتطرفين كانت تريد الدخول وبداوا في القاء الحجارة. وخلفت هذه الصدامات 30 جريحا. وبعد اسبوع وقعت صدامات متفرقة عندما اغلقت الشرطة مداخل الباحة بعد دعوة من المساجد عبر مكبرات الصوت الى التجمع في الحرم القدسي الشريف اثر اشاعات جديدة بعزم يهود متشددين على دخوله. وفي الوقت الذي تتساءل فيه وسائل الاعلام عما اذا كان التوتر الجديد قابل للسيطرة تبادل المسؤولون الفلسطنيون والايرائيليون الاتهامات.

وقال الوزير سيلفان شالوم الذي ينوب عن رئيس الحكومة للاذاعة العامة ان quot;المعركة بدأت لفرض السيادة (الاسرائيلية) على القدس وبشكل خاص جبل الهيكلquot; التسمية التي تطلقها اسرائيل على موقع المسجد الاقصى. من جانبه اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني زياد ابو عمر ان quot;ما يحدث في القدس الشرقية هو رد فعل على سياسات اسرائيل العدوانية التي تتجلى في التوسع الاستيطاني اليهودي وهدم المنازلquot; الفلسطينية.

واضاف ان quot;هذه الاعمال ليس من شانها سوى تعزيز الشكوك ليس فقط لدى الفلسطينيين والعرب وانما في العالم الاسلامي كلهquot; في نية اسرائيل quot;السيطرة على لمدينة المقدسة لارضاء اليهود المتطرفينquot;. وقال الباحث السياسي موشي ماعوز ان quot;التوتر يخدم مصالح المتطرفين في الجانبين ويهدد بالتحول الى نزاع دينيquot;.