ذكرت وكالة سويس انفو السويسرية أن دوريس لويتهارد ستترأسالكنفدراليةالسويسريةوتصبح بالتالي ثالث إمرأة تشغل هذا المنصب في التاريخ.

جنيف: ستترأس دوريس لويتهارد الكنفدرالية السويسرية في عام 2010، وستكون الديمقراطية المسيحية القادمة من كانتون أرغاو في سن الـ 46، ثالث امرأة تشغل هذا المنصب، بعد أن انتخبها المجلس الفدرالي (المتركب من أعضاء غرفتَـي البرلمان) صبيحة الأربعاء 2 كانون الأول\ ديسمبر بـ 158 صوتا على 183.

يُـتوِّج الانتخاب لرئاسة الكنفدرالية، مسيرة سياسية يُـمكن اعتبارها صاروخية، أقلّـه بالنظر للمقاييس السويسرية. فبعد دخولها في عام 1997 إلى البرلمان المحلي لكانتون أرغاو، قامت دوريس لويتهارد بعد عامين فقط بالقفزة الكُـبرى نحو السياسة على المستوى الوطني، حيث نجحت في انتخابها لعضوية مجلس النواب، بحصولها على أفضل نتيجة مقارنة بجميع المرشحين في الكانتون الذي تنتمي إليه.

قيادة الحزب الديمقراطي المسيحي، التي انتبَـهت بسُـرعة إلى الإمكانيات التي تتوفّـر عليها هذه المرأة الشابة، المعروفة أيضا بابتسامتها العريضة والمُـغرية، قلّـدتها في عام 2001 مهمة نائبة رئيس القيادة السياسية للحزب على المستوى الوطني.

بعد أقل من عامين، وجد هذا الحزب، الذي ينتمي إلى تيار الوسط، نفسه في أزمة عميقة على الساحة الفدرالية. ففي أعقاب خسارته المُـستمرّة لأصوات الناخبين منذ عام 1979، اضطُـر الحزب الديمقراطي المسيحي إلى التخلّـي عن أحد مقعديْـه في الحكومة الفدرالية وتمّ انتخاب كريستوف بلوخر، زعيم حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) لعضوية الحكومة محل السيدة روت ميتسلر، وهي صفعة تلقّـتها القيادة الوطنية للحزب وأدّت إلى استقالة رئيسه آنذاك فيليب شتاهلين.

شخصية تواصُـلية

بعد محاولات أربع رؤساء في غضون عشرة أعوام، لم يتمكّـنوا من وضع حدٍّ للتراجُـع المستمرّ لهذه التشكيلة السياسية العريقة، كلّـف مندوبو الحزب الديمقراطي المسيحي دوريس لويتهارد بمهمّـة وقفِ نزيف الأصوات والعودة بالحزب إلى سكّـة النجاح. وبالفعل، شعُـر الجميع بسرعة بنتائج ما أصبح يُـسمّـى quot;العامل دوريسquot;.

الرئيسة الجديدة للحزب لم تكُـن شخصية حيوية تشعّ نضارة فحسب، ولكنها كفؤة وذكية أيضا، والأهم من كل ذلك، قُـدرتها على الإبلاغ والتواصل. ففي عام 1999، أثبتت قُـدرتها على استخدام وسائل اتّـِصال سياسية حديثة وجلبت الأنظار إليها، عندما قامت بتوزيع 20000 عُـلبة لشامبو الاستحمام، مكتوب عليها quot;أرغاو مُـنعِـشةquot; لإقناع الناخبين في الكانتون الذي تنتمي إليه، بانتخابها لعُـضوية مجلس النواب.

هذه السيدة التي تُـحسِـن التواصل مع وسائل الإعلام، بل المُـستعدّة، إذا ما اقتضى الأمر ذلك، للسماح للصحف الشعبية بتصويرها في بيتها وهي تستعرض مجموعة أحذيتها أو تُـمارس رياضتها اليومية للحفاظ على رشاقتها. وهكذا، توفّـرت للحزب الديمقراطي المسيحي، وبعد سنوات من الإنتظار، شخصية تنجحُ في اجتذاب المسنّـين والشبان على حدّ السواء، وتقدر على إبلاغ رسالتها إلى كل فئة اجتماعية وإلى الرجال والنساء.

إرادة التجديد

في وقت وجيز، اتّـضح أن تأثير السيدة دوريس ناجِـعٌ على المستوى الإنتخابي، حيث تمكّـن الحزب الديمقراطي المسيحي من استعادة نِـسبة من الأصوات التي خسرها في بعض الكانتونات ونجح في الانتخابات العامة التي أجريت عام 2007 من إعادة الإستقرار للمرة الأولى إلى قاعدته الإنتخابية، بعد 20 عاما من التراجع المستمرّ.

في الأثناء، تمكّـنت المرأة السياسية القادمة من كانتون أرغاو، من إنجاز قفزة أخرى في مسيرتها. ففي عام 2006، وبعد أن قدّم جوزيف دايس (وزير الخارجية السابق) استقالته، لم يكُـن هناك بنظر قيادة الحزب سوى شخص واحد لشغلِ المقعد المتبقّـي للحزب في الحكومة. وهكذا، التحقت دوريس لويتهارد بالحكومة الفدرالية في سن الثالثة والأربعين، أي بأقل من 20 عاما من المعدّل التقليدي لأعمار أعضاء السلطة التنفيذية.

وفي الواقع، تُـجسِّـد الوزيرة الشابة رِفقة كريستوف داربولي، الرئيس الجديد للحزب، إرادة التجديد للحزب الديمقراطي المسيحي، الذي يريد أن يكون أكثر انفتاحا وحداثة، لاكتساب المزيد من الأصوات في المراكز الحضرية وأكثر التصاقا في الوقت نفسه بالقِـيم التقليدية للإحتفاظ بقاعدته المحافظة في المناطق الريفية.

ويُـمكن القول أن دوريس لويتهارد تُـبدي مهارة فائقة في ممارسة هذه الرُّؤية السياسية، ذات العناوين المتعارضة، مدافِـعة على سبيل المثال، على دور العائلة في المجتمع وعلى حقوق المِـثليين في الوقت نفسه، أو مؤيِّـدة لسياسة اقتصادية ليبرالية ولتعزيز المساعدات المقدَّمة إلى الشبان العاطلين عن العمل في فترات الأزمة الاقتصادية.

محترمة وذات شعبية

كالمعتاد، تراجعت العديد من الصِّـفات الإيجابية للوزيرة الشابة، منذ التحاقها بالحكومة الفدرالية بوجه الحدود والضوابط التي يضعها نظام التوافُـق الحكومي وأمام تعقُّـد وطول عملية اتخاذ القرار. لذلك، لم تنجح دوريس لويتهارد في ترك بصمات مُـلفِـتة أو قوية.

في هذا السياق، لا زالت العديد من الملفات الشائكة مثل تحرير الأسواق في إطار منظمة التجارة الدولية، تتعثر بالرغم من الإرادة التي تبديها وزيرة الإقتصاد. أما في بعض الملفات الأخرى المهمة، وخاصة إنقاذ مصرف يو بي أس والدفاع عن السر المصرفي، فقد ظلت في خلفية الصورة وراء زميلتيها إيفلين فيدمر شلومبف (العدل والشرطة) وميشلين كالمي - ري (الخارجية).

في المقابل، سجلت دوريس ليوتهارد حضورا متميزا في عدد من المجالات وخاصة في التصدي لارتفاع الأسعار في سويسرا ويمكن القول أنها عرفت - إجمالا - كيف تكتسب احترام النقابات وأرباب العمل الذين يعترفون لها بامتلاك مستوى رفيع من الكفاءة في المجال الإقتصادي رغم ارتكابها لبعض الأخطاء مثلما حدث في خريف العام الماضي، عندما صرحت بأنها لا ترى مؤشرات لكساد اقتصادي قادم.

بعد الأعوام الثلاثة التي قضتها في الحكومة، أصبح لدوريس ليوتهارد عدد محدود من الأعداء من بينهم المزارعون المنضوون في منظمة Uniterre الذين رشقوها مؤخرا بالأحذية احتجاجا على بعض توجهاتها. لكنها نجحت في المقابل في الإحتفاظ بشعبيتها العريضة (حيث تتصدر في كل مرة استطلاعات الرأي الخاصة بترتيب الوزراء والسياسيين الأكثر قبولا من طرف الشعب) وبابتسامتها المشرقة.