طلال سلامة من روما: تتجه المدن الواقعة شمال ايطاليا الى تبني نموذجاً أمنياً على غرار ما يحصل بمدينة quot;تريفيزوquot; الذي قام رئيس بلديتها quot;جان كارلو جينتيلينيquot;، المنتمي الى التيار المتعصب في حزب رابطة الشمال، بتطوير هذا النموذج منذ عام 1997. فالمتطوعون في مدينته كانوا يتجولون ليلاً لابلاغ السلطات الأمنية حول أي وضع خطر في تلك الأماكن أين يتم بيع المخدرات أو تلك المليئة بالدعارة المثلية. وكان يكفيهم هاتفاً محمولاً من أجل عمليات الإبلاغ quot;التجسسيةquot; هذه.

ويبدي رؤساء بلديات هذه المدن، وعلى رأسهم رئيس بلدية quot;تريفيزوquot;، ترحيبهم بإقرار مجلس الشيوخ بتحسين قانون أمني إضافي يخول المؤسسات المحلية تجنيد المتطوعين للحفاظ على الأمن في المدن. وتكمن مهمة المتطوعين quot;غير المسلحينquot; بإبلاغ الشرطة عن أحداث تخل بالأمن العام أو بالبيئة. ويعرف رئيس بلدية مدينة quot;تريفيزوquot; بأنه أول من قرر تسيير دوريات المتطوعين في شوارع مدينته ليلاً لإسكات أي حركة مشبوهة أم تجارة غير شرعية من رأسها. لذلك، تم انتخابه للمرة الرابعة على التوالي باسم مدينة لا تريد لا المهاجرين غير الشرعيين(وربما الشرعيين أيضاً) ولا المومسات (اللواتي يستقطبن زبائن من نفس حزب رابطة الشمال) ولا الجوامع التي يعتبرونها quot;وكراً للجماعات الإسلاميةquot;.

برغم أن هؤلاء المتطوعين لن يحق لهم تقاضي رواتب شهرية إلا أن أجهزة الشرطة ومحافظات المدن الإيطالية(من المتوقع أن تتفشى عادة تسيير دوريات المتطوعين الأمنية كبقعة الزيت من شال البلاد الى جنوبها) ستقدم لهم سلة من الضمانات. وربما سيستطيع جيش المتطوعين، المتعطشين لابلاغ الشرطة عن كل شاردة وواردة، رأب الفراغ الذي تعاني منه الشرطة من حيث العناصر. فموازناتها لا تخولها لا تجنيد جدد ولا التعويض عن من يتقاعد أم يستقيل أم يُقتل.

وربما يفسر البعض ما أقر به مؤخراً بطابع العنصرية. إذ لا يكفي أن يكون متطوعو الحفاظ على الأمن عمالاً نظاميين لا بل ينبغي عليهم أن يكونوا إيطاليين. هكذا، يتم استثناء كل من هو أجنبي من المشاركة في هذه الدوريات. وبدأت مدن شمال ايطاليا الرزوح تحت وطأة الأزمة المالية العالمية الخانقة. فالتقاعد المؤقت quot;الجبريquot; طال طبقات عمالية برمتها وبدأت عقود العمل لفترة زمنية غير محدودة التآكل تدريجياً. على الأرجح، ستصيغ رابطة الشمال قانوناً أمنياً يمنع دخول الأجانب غير الأوروبيين الى ايطاليا. وهذه بشرى غير سارة لمخططات الآلاف الذين يريدون مواصلة سيرتهم الطلابية أم العمالية هنا. إذن، لن يتبقى أمامهم إلا الانتساب الى جيوش المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون ايطاليا بحراً من دون فيزا على أمل أن ينجحوا في الحصول على طلب اللجوء السياسي!