عبد الخالق همدرد من إسلام آباد: شهدت باكستان لأول مرة في تاريخها انتخابا لرئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية والرئيس بدون أي تنافس ومع إجماع النواب من جميع الأطياف السياسية، في ضوء الرغبة من الجميع في التواصل بروح المصالحة مع السمو فوق الحزبية والمناطقية.

رغم ذلك لم تكشف تلك الجهود عن النتائج المرجوة وبدأت الصراعات الحزبية القديمة ترفع رأسها من جديد، بعد وضع زرداري قدميه في قصر الرئاسة ، خلال شهر سبتمبر من العام الماضي. وكان الجميع يتوقع أنه سوف يشطب صلاحيات الرئيس الزائدة التي حرزها الجنرال مشرف عن طريق تعديل دستوري اتفق الجميع على كونه quot;غير دستوريquot;، في حين قد أكد زرداري قبل نزوله بقصرالرئاسة أن الأمر الأول الذي سيوقع عليه رئيس ينتخبه حزب الشعب، شطب صلاحيات الرئيس المنافية للنظام البرلماني ؛ بيد أن الرئيس زرداري لا يزال متشبثا بها لأسباب بدأت تنكشف من خلال ممارسته الأخيرة. ولولا تلك الصلاحيات لما قام الرئيس بإصدار الأوامر التي أخذت تجر البلاد مرة أخرى إلى اضطراب ولا استقرار سياسي.

يرى محللون أنه لم يكن أي حاجة إلى فرض الحكم المباشر في إقليم البنجاب بعد صدور قرار المحكمة بسحب الصلاحية السياسية من رئيس الوزراء السابق نواز شريف وشقيقه؛ لأن هناك سعة ليدعو حاكم الإقليم الحزب الأكبر في المجلس الإقليمي إلى انتخاب رئيس حكومة جديد، كما هو الحال لدى وفاة أو استقالة رئيس أي حكومة إقليمية. وفي حالة فشله في ذلك يدعو الأحزاب الأخرى لتقوم بنفس العمل؛ إلا أن حزب الشعب وعلى رأسه الرئيس زرداري وحاكم إقليم البنجاب المثير للجدل سلمان تأثير- والذي قال خلال أول كلمة له ألقاها بعد تولي منصب الحاكم أنه quot; سيجعل من لاهور، لاركاناquot; في إشارة إلى تحويل عاصمة البنجاب إلى مسقط رأس بينظير بوتو أي معقلا لحزب الشعب- انتهزا فرصة فرض الحكم المباشر، بدلا من سلوك الطريق المباشر لتغيير الحكم في الإقليم.

كما أن معظم المحللين يرون أن ذلك الإجراء كان يهدف إلى قمع المسيرة الطويلة التي أعلن عنها المحامون وأيدتها الكثيرة من الأحزاب السياسية والتي سوف تبدأ اعتبارا من 12 من شهر مارس الجاري؛ إلا أن ذلك القرار قد تسبب في إشعال نار ضد الحكومة الفدرالية. ومن المتوقع أن المسيرة الطويلة سوف تكون أقوى من جميع النواحي بعد فرض الحكم المباشر في البنجاب.

كما أن هناك مخاوف من أن المسيرة الطويلة المخططة قد تلجأ إلى العنف إذا حاول الصقور في إسلام آباد ولاهور ممارسة القوة ضدها، في حين لا يستبعد المحللون الاعتقالات في صفوف المعارضة وحركة المحامين تفاديا للمسيرة قبل انطلاقها.

والأمر الذي يزيد الطين بلة هو أن الرئيس قد وافق على إنشاء محاكم متجولة في البلاد. وهي ستكون قادرة على إصدار الأوامر على موقع الحادث مباشرة بعد قيامها بجلسة استماع مختصرة. ويقول الخبراء أن تلك المحاكم تهدف أصلا إلى قمع المسيرة الطويلة واحتجاجات حزب الرابطة نواز شريف.

على صعيد آخر بدأ نطاق احتجاج حزب الرابطة نواز شريف يتوسع في طول البلاد وعرضها، بينما تشير تقارير إلى إدراك الرئيس زرداري بالوضع المتأزم، في حين بدأ حلفاء الرئيس محاولات المصالحة مع نواز شريف. وقد جرى لقائين بين وفد متكون من حزب الشعب والحزب الشعبي القومي مع نواز شريف، لإقناعه بإبداء مرونة في موقفه؛ إلا أنه قد أكد وجدد تأكيده بأنه لا يمكن العودة إلى المفاوضات مع الرئيس زرداري قبل عزل حاكم إقليم البنجاب سلمان تأثير وإعادة القضاة المعزولين.

وفي هذا الوضع بدأت الأوساط السياسية تتخوف من تقدم الجيش إلى الأمام quot; لإنقاذ باكستانquot; مرة أخرى؛ إلا أن نواز شريف أكد أنه سيعارض أي تحرك غير ديموقراطي من شأنه تحريف مسار قطار الديموقراطية في البلاد.