جيش صغير بتمويل محتشم و التسلح ليس على سلم الأولويات
تونس تُخيّر علاقات وثيقة مع قوى عظمى على التسلّح

إسماعيل دبارة من تونس: على الرغم من أنّ الحكومة التونسية تتابع باهتمام شديد quot;تهافتquot; جيرانها المغاربة على شراء الأسلحة من الدول العظمى، إلا أنها لم تفكر يومًا في النسج على المنوال الليبي أو الجزائري أو المغربي في تكديس السلاح. وكيف يمكن للجمهورية التونسية الفقيرة من حيث الثروات الطبيعيَّة، على عكس أشقائها المغاربة، توفير المال الكافي لشراء السلاح بالقدر ذاته أو الثمن؟اختارت تونس منذ حصولها على الاستقلال في العام 1956 حصر القوات المسلحة في الدور الدفاعيّ البحت الذي يمكن ملاحظته من خلال تواضع قطعها العسكرية وعدد جنودها ودور الجيش الوطنيّ والميزانية التي تصرف لفائدته. وعلى الرغم من التكتم الشديد الذي تنتهجه الحكومة على موضوع السلاح والتسليح فإنّ جل المتابعين أجمعوا على أنّ البلاد كوّنت قوّاتها العسكرية تحديدًا لهدف الحفاظ على الحدود والأمن الداخلي لا أكثر ولا أقلّ، مقابل السعي قدر الإمكان من أجل ربط علاقات قوية ووثيقة مع القوى العظمى في العالم درءا لأي خطر خارجيّ غير متوقّع و الذي يظلّ مستبعدا بكلّ الأحوال.

ارتفعت ميزانية وزارة الدفاع الوطني التونسية من 340 مليون دولار سنة 2001 إلى 520 مليون دولار سنة 2005، قبل أن تتراجع إلى 669.136 مليون دينار تونسي في العام 2008 أي ما يعادل 481.05 دولارا أميركيا. وارتفع عدد جنود الجيش التونسي الذي تأسس في العام 24 يونيو 1965 من 35000 رجل سنة 2004 علاوة على قوات شبه عسكرية تقدر بـ 12000 رجل إلى 50000 جندي سنة 2005.

وتشير إحصاءات قديمة نسبيّاً تسرّبت عبر عسكريين متقاعدين إلى أنّ الجيش التونسي ضمّ لوقت غير بعيد قوات برية متكونة من 27000 جنديّ يستعملون 84 دبابة حربية فقط أغلبها m60a1;3 بالإضافة إلى 117 مدفعية مُوجهة و191 قاذفة هاون. ووفقًا للتسريبات ذاتها، تمتلك القوات الجوية وعديدها 3500 رجل 29 طائرة حربية من نوع فـ 5 الأميركية والميراج فـ1 إضافة الى أعداد أخرى من طائرات التدريب مجهولة العدد و12 طائرة من نوع F-5E Tiger II/F-5F Tiger II.

تضم القوة البحرية التونسية 4500 جندي

وبالنسبة إلى القوات البحرية، فتضمّ 4500 جنديّ وتمتلك 6 سفن حربية تعززت مؤخرا بأسطول من السفن الحديثة وقاذفات للصواريخ علاوة على 20 خافرة سواحل وعدد غير معروف من السفن الدعم والتموين من طراز Salambo Conrad ويرى متابعون أنّ تونس تحرص على تسويق صورة خارجية قوامها انها بلد مسالم لا يملك جيشا قويا أو مسلحا بالعتاد الكافي للهجوم، و إنما الموجود هو عبارة عن قوّة محلية صغيرة بأسلحة قديمة نسبيا هدفها الاول تعطيل العدوّ في حالات الغزو الخارجيّ لبضع ساعات في انتظار التدخل السريع من الحلفاء أي القوى العظمى التي تحاول ربط علاقات مميزة معها في مجال الدفاع. هذا وتطغى المهمّات المدنية والمساعدات خلال الكوارث الطبيعية و إسناد مهمات حفظ السلام تحت غطاء الأمم المتحدة على وظائف الجيش في تونس.

واستنادا إلى الخطاب الرسميّ فإنّ للجيش مهمة quot;تقليدية تتمثل في الدفاع عن استقلال الوطن وسيادته ومراقبة حدود البلاد وحماية حرية الشعب ومؤسسات الدولة ويتولى الجيش الوطني ووفق السياسة التي رسمها الرئيس زين العابدين بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة تنفيذ مهام تكميلية توافقا مع متطلبات التنمية وتأتي على رأس هذه المهام مساهمة الجيش في انجاز عديد المشاريع المهمة الممولة من قبل صندوق التضامن الوطني 26/26 المخصّص للمساعدات الإنسانيةquot;.

وللقوات المسلحة في تونس دور كبير في مجابهة الكوارث الطبيعية عبر ما تقوم به من تدخلات بفضل الوسائل اللوجستية والتجهيزات والمعدات بما ساهم في أكثر من مناسبة في إنقاذ الأرواح و التخفيف من معاناة الضحايا ومحو أثار ومخلفات الكوارث كالفيضانات.

وساهم الجيش التونسي في 17 عملية لحفظ السلام في كل من كمبوديا والكونغو ورواندا وبورندي والبانيا والكوت ديفوار وغيرها. وبخصوص الدول التي تزوّد تونس بهده الكميات القليلة من السلاح ، تظلّ كل من الولايات المتحدة و ايطاليا وفرنسا من الدول التي تتعامل معهما تونس في هذا السياق.

طائرات من سلاح الجو الليبي

والتقى في مارس الماضي وزير الدفاع التونسي كمال مرجان مع الفريق أول الدو تشينالي الكاتب العام الايطالي للدفاع خلال زيارة رسمية أداها للبلاد و استمرت أربعة أيام،وتطرق الجانبان إلى quot;دور التعاون الثنائي على الصعيد العسكري في مزيد تعزيز هذه العلاقاتquot; ولم يكشف خلال المحادثات هل ستشتري تونس أسلحة إضافية من ايطاليا أم لا ، لكن المحادثات أقرت مكان وزمان احتضان الدورة الحادية عشرة للجنة العسكرية المشتركة التونسية الايطالية التي تنعقد سنويا بالتداول بين البلدين. ومن المنتظر أن تبحث اللجنة في أوجه التعاون الثنائي العسكري بين البلدين و يرجح أن يعقد الجانبان صفقة أسلحة صغيرة.

الولايات المتحدة تربطها أيضا علاقات عسكرية مع تونس و تحديدا على صعيد سلاح الجوّ. وعرف التعاون بين سلاحي الجو الأميركي والتونسي تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة ، و يتمثل ذلك في المناورات الدورية المشتركة و التي تشرف عليها قيادة سلاح الجو الأميركي بأوروبا وتقدم خلالها دعما تقنيا ولوجستيا و تدريبيا لعناصر الجيش التونسي .

وتعتبر الزيارة التي أداها الجنرال وليام هوبينز قائد القوات الجوية الأميركيةفي أوروبا إلى تونس في العام 2006 والتقى خلالها كبار المسؤولين العسكريين في البلاد - و تم الاتفاق خلالها على تجهيز سلاح الجو التونسي بأجهزة و تكنولوجيات حديثة - أبرز محطات التعاون بين البلدين.يرى متابعون أنّ المال القليل الذي تصرفه تونس على الجيش لم يجعل الحكومة محلّ انتقاد الأوساط المعارضة كذا الشأن في دول مجاورة ، حيث تتعرض الحكومات إلى تهم إهدار المال في شراء الأسلحة على حساب مشاريع التنمية وتوفير فرص الشغل لآلاف المعطلين عن العمل.

طائرات تابعة لسلاح الجو التونسي