طلال سلامة من روما: يسجل عدد المهاجرين الأجانب، المقيمين على الأراضي الإيطالية، رقماً قياسياً. إذ ان 7 من أصل 100 مواطن بإيطاليا أجنبي. ويجمع quot;جاك باروquot;، المفوض الأوروبي في شؤون العدالة، سوية مع الإيطالي quot;أنتونيو تايانيquot;، نائبه ببروكسل في شؤون العدالة، على أن محاربة الهجرة غير الشرعية ينبغي أن تقودها دول الاتحاد الأوروبي(27 دولة) معاً وفي وقت واحد. ومن المنطقي أن تتقسم مسؤولية استقبال المهاجرين بين هذه الدول، وفق قواعد التوازن التي لا تطال الأكلاف فحسب إنما تذهب الى حد غير مسبوق لبناء مراكز لاستقبالهم ورعايتهم اعتماداً على حصص متساوية تتوزع بين جميع الدول الأوروبية.

في هذا الصدد، يشدد نائب المفوض الأوروبي للعدالة على ان المفوضية الأوروبية عليها ألا تتأخر في زرع سياسيات التنمية في تلك الدول، المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين، لمواجهة الأسباب الرئيسية لمشكلة هروبهم من وطنهم الأم. ومن المفترض أن يشمل التدخل الأولي للاتحاد الأوروبي دولاً، برزت على وسائل الإعلام الدولي نتيجة ملفات سوداء ما تزال عالقة بشأن الهجرة غير الشرعية، كما ليبيا وأثيوبيا والصومال.

في الحقيقة، فان تدفق المهاجرين، شرعيين كانوا أم غير شرعيين، لم يكن متوقعاً أبداً. هذا ما يفيده البروفيسور quot;أنتونيو غولينيquot; المتخصص في العلوم الديموغرافية، خلال مقابلة أجراها معه طلال سلامة، مراسل صحيفة quot;ايلافquot; الإلكترونية العريقة من روما. وفي ما يلي نص الحوار:

من هي ايطاليا من دون مهاجرين؟
من دون المهاجرين لكان سكان ايطاليا أقل ما يقارب 4.5 مليون نسمة مقارنة بعددهم الكلي اليوم. في أي حال، لم نتوقع أن تشهد ايطاليا زحفاً أجنبياً بهذه الأبعاد الضخمة. يكفي النظر الى إحصائيات منظمة الأمم المتحدة التي قام خبرائها بتغييرها أربع مرات في ما يتعلق بإيطاليا وحدها. تتمحور مهام هؤلاء الخبراء حول تقويم عدد السكان في كل دولة حول العالم. على صعيد ايطاليا، وخلال ست سنوات فقط، كان الفارق بين عدد السكان في عام 2002 وما هي الحال عليه الآن 12 مليون نسمة! في عام 2002 أِشار تقويم هؤلاء الخبراء الى كثافة سكانية هنا تحوم حول 45 مليون نسمة تقريباً. لكننا اليوم تجاوزنا سقف 57 مليون نسمة.

هل تعزون ذلك الى تدفق المهاجرين بصورة غير قابلة للتحكم بها؟
ان معدل تدفق المهاجرين الى ايطاليا يرسو الآن على 442 ألف مهاجر سنوياً. وهذا أمر لم نتصوره يجلب معه ضغطاً لا يمكننا تحمله كثيراً.

في أي اتجاه يسير هذا الضغط الذي لا يطاق؟
انه يسير باتجاه العبء الاجتماعي ولا سيما الصحي التقاعدي.

هل يمكنكم إيضاح رأيكم بالتفصيل؟
نعم. صحيح أن المهاجرين يساعدون في quot;نزعquot; ايطاليا والإيطاليين من مخالب الشيخوخة. وفق سيناريوهات عام 2050، فان 36 في المئة من سكان ايطاليا كان من المفترض أن تكون أعمارهم 65 عاماً وما فوق. بيد أن رياح المهاجرين تخفض هذه النسبة المئوية الى 33 في المئة. كما أن المهاجرين يساعدون الناتج الإجمالي المحلي كثيراً. من دونهم، ودوماً اعتماداً على سيناريوهات عام 2050، فان هذا الناتج، الذي يعكس بالطبع مدى درجة الغنى هنا، لكان تراجع 32 في المئة. لكن وجود المهاجرين هنا يساهم في تقليصه 15 في المئة فقط. علينا ألا ننسى أن للشيخوخة صلة وصل مباشرة مع تآكل هذا الناتج الوطني.

مع ذلك، أنا لا أعتقد أن المهاجرين الأجانب يستطيعون حل المسألة الديموغرافية المتعلقة بتراجع عدد الإيطاليين إجمالاً، على المدى الطويل. بين عامي 2002 و2008 وصل الى ايطاليا أكثر من 3 مليون مهاجر. واغلبهم ينتمي الى عمر يرشحهم للعمل بسهولة مما يجلب معه المنافع للناتج الإجمالي المحلي. لكن الأوضاع ستتغير بعد 30 عاماً.

لماذا؟
بعد 30 عاماً، سيضحي هؤلاء العمال الأجانب متقاعدين بدورهم. لذلك، ولاعادة التوازن السكاني هنا، بين شباب عمال ومسنين متقاعدين، فان على حكومة روما التخطيط ثانية لرأب الشرخ المسجل عن طريق استيراد دفعة جديدة من المهاجرين. بيد أن هذه الخطط قد تصطدم بسياسات لا تتجانس مع الدمج الاجتماعي السليم لهؤلاء المهاجرين في أنسجة المجتمع.

إذن ما هو الحل برأيكم؟
ينبغي أن يأتي هذا الحل من ايطاليا وليس من الخارج. على سبيل المثال، يمكننا توفير فرص عمل أكثر للمرأة ولتلك الفئة من quot;الشباب المسنينquot; الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و65 عاماً. بإيطاليا، فان 30 في المئة منهم فقط يعمل. أما بالسويد، فان 60 الى 65 في المئة منهم يعمل. ان تحسين وتطوير السياسات التقاعدية يعتمد على مدى جدية الأطراف الحكومية المختصة، التي تحاول رأب الشرخ السكاني بواسطة استقطاب المهاجرين وإنعاش فقاعتهم، من دون المبالاة لما يتوافر هنا من قوى شبابية وأنثوية تبحث عن وظيفة لسنوات عدة من دون أن ترى بصيص أمل! وهذا ما يختلق تذمر عنصري اجتماعي حيال الأجانب المتهمين بسرقة وظائف كان على حكومة روما إعطائها للإيطاليين.. أولاً!