برلين: يشعر السياسيون الألمان بضيقٍ متزايدٍ عند الحديث عن قبول نزلاء من معسكر خليج غوانتانامو في بلادهم لدواعٍٍ أمنية. طلبت واشنطن من ألمانيا استقبال تسعة نزلاء ينتمون إلى أقلية إسلامية من الصين. وجاء الطلب بعد إشارة صدرت عن وزير الخارجية الألماني فرانك ndash; وولتر شتاينماير عن استعداد عام لمساعدة الولايات المتحدة على إغلاق معسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو في كوبا عن طريق منح لجوء محتمل لبعض هؤلاء النزلاء.

يريد الرئيس باراك أوباما إغلاق معسكر غوانتانامو بحلول نهاية العام الحالي، وهو لذلك طلب من حلفاء أميركا استقبال بعض نزلائه الذين يعتقد بأنهم أبرياء ولكن لا يمكنهم العودة إلى بلادهم لأنهم قد تساء معاملتهم أو يخضعوا للتعذيب فيها، أو لأن حكوماتهم غير مستعدة لإرجاعهم إلى بلادهم. هناك حوالي 60 شخصاً من بلدان مثل ليبيا والصين والجزائر هم من ضمن هذه الفئة، وتأمل واشنطن في أن تتم عملية إعادة إسكان معظم هؤلاء في أوروبا.

وافقت بريطانيا في الآونة الأخيرة على استقبال ثمانية من هؤلاء النزلاء، فيما وافقت فرنسا على استقبال واحد فقط منهم. دفع العرض الألماني بالدبلوماسي الأميركي دانيال فريد المكلف بمهمة إيجاد بلدان مضيفة لهؤلاء النزلاء لإرسال لائحة بأسماء تسعة من المعتقلين من طائفة quot; الييغورquot; إلى وزارة الخارجية الألمانية. الييغور هم مجموعة عرقية تركية تعيش بشكل أساسي في الصين بمقاطعة كسنيانغ في شمال غرب البلاد. شكل هؤلاء مجموعة انفصالية اسمها quot;حركة شرق تركستان الإسلاميةquot;. ردّ بعض الييغور على القمع الديني الصيني لهم بشن هجمات مسلحة. تعتبر الولايات المتحدة هذه الحركة منظمة إرهابية.

تقول بيجينغ إنها لا تقمع الاقلية الييغورية ولكنها تحاول مكافحة التطرف الديني. بعض المراقبين في بيجينغ مقتنعين بأن الولايات المتحدة أدرجت هذه الحركة ضمن لائحة المنظمات الإرهابية مقابل تخفيف الصين لاعتراضها على الحرب التي تقودها واشنطن في العراق. ومع أن المحافظين في ألمانيا أظهروا دائماً قلقهم من عرض شتاينماير إلا انهم يتحدثون الآن صراحة عن رفضهم لاستقبال الييغور في بلادهم.

وذكرت أسبوعية quot;فرانكفورتر أوليماين سونتاغ زايتونغquot; إن وزير الداخلية الألماني وولفيانغ شوبيل من حزب المحافظين الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعث برسالة إلى وزير الخارجية شتاينماير جاء فيها quot;ليس واضحاً لماذا يتعين على ألمانيا استقبالهم؟quot;.

وقال شوبيل لصحيفة quot;بيلدquot; يوم الأحد الماضي إن واشنطن لم تبلغ ألمانيا بشكل ملائم عن خلفية هؤلاء النزلاء.وأضاف quot; إن المعلومات التي زودتنا بها واشنطن ليست كافية حتى الآنquot; من أجل تقرير ما إذا كان يتعين على ألمانيا قبول الييغور أو لا.

أبدى عدد من وزراء الداخلية في ولايات ألمانيا معارضتهم لمساعدة الولايات المتحدة على إغلاق معسكر غوانتانامو. وفي هذا السياق قال وزير داخلية ولاية ساكسوني- أنهالت لصحيفة quot;أليماين سونتاغ زايتونغ quot;:quot;خلق الأميركيون هذه المشكلة بأنفسهمquot;، مضيفاًquot; إذا نظرنا إلى حجم بلادهم ( أميركا ) فإن توفير السكن لهؤلاء النزلاء الأبرياء في الولايات المتحدة يجب ألا يسبب مشكلة لهمquot;. هناك ثلاثة أسباب رئيسية لمعارضة السياسيين الألمان لاستقبال السجناء الييغور في ألمانيا.

أولاً هناك بعض السياسيين الذين لا يعتقدون أن من واجب ألمانيا الأخلاقي مساعدة الولايات المتحدة.( يقول آخرون إن برلين تريد مساعدتها (أميركا) لأن جواسيسها زاروا معسكر الاعتقال من أجل استجواب المشتبهين وفي بعض الحالات، بحسب بعض المزاعم، تعاونوا مع الاستخبارات الأميركية ( السي أي أيه) في حالات ترحيل المعتقلين عبر دولة ثالثة).

ثانياً، يشعر مسؤولون ألمان بشيء من الضيق بسبب التوتر السياسي الذي قد يجلبه استقدام هؤلاء النزلاء إلى ألمانيا، فالصين لن تكون سعيدة مطلقاً إذا منحت برلين الملجأ لمجموعة تعتبرها إرهابية. ثالثاً يخشى كثيرون إن تستقبل ألمانيا سجناء ليسوا أبرياء وأن يشكل ذلك تهديداً أمنياً لها.

إن ثمانية من هؤلاء الييغور كانوا أعضاء أو كانت لهم علاقة مع quot; حركة شرق تركستان الإسلاميةquot;، وبعضهم تلقى تدريباً على استخدام السلاح في أفغانستان وباكستان بحسب ما ذكرت وسائل إعلامية ألمانية.

مقابل ذلك تقول منظمات غير حكومية أن الييغور لا يشكلوا أي ضرر وبأن بيجينغ أرسلت معلومات خاطئة إلى الغرب من أجل شرعنة قمعها للأقليات في الداخل، ولكن المسؤولين الألمان على الرغم من ذلك يشعرون بالقلق بسبب الماضي الإرهابي المحتمل لهؤلاء النزلاء. قال وزير داخلية بافاريا يواكيم هيرمان، وهو عضو في حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ميركل quot; يجب عدم السماح لهؤلاء بدخول ألمانياquot;.

حتى لو لم ينتم هؤلاء إلى quot; حركة شرق تركستان الإسلاميةquot;، فإن وزراء داخلية الولايات الألمانية يخشون من أن بقاء هؤلاء في غوانتانامو لسنوات قد جعلهم أكثر راديكالية أو تطرفاً.

يعكس الجدال الجاري هشاشة السلطة في برلين، فشتاينماير وميركل خصمان يتنافسان على منصب المستشارية ، وهذا يعني أنه قد تمر فترة توتر قبل أن تتقرر نتيجة السباق في الانتخابات العامة المقررة في الخريف المقبل. يقول مراقبون إن وزارة الداخلية الألمانية قد تحاول شراء الوقت من أجل اتخاذ قرار بهذا الشأن ولكن فقط بعد الانتخابات.

لا يوافق الجميع على أن تأخير اتخاذ قرار شيء جيد.وقال حزب الخضر الألماني خلال مؤتمره الذي عقده في عطلة نهاية الأسبوع الماضي ان على ألمانيا استقبال الييغور، وبأنه يجب عدم إعاقة إغلاق غوانتانامو quot; عن طريق رفض أو إطالة النظرquot; في الموضوع.