الأمير تركي الفيصل

اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: أكد الأمير تركي الفيصل، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية والمدير السابق لجهاز الاستخبارات السعودي وسفير المملكة السابق بالولايات المتحدة، انّ هناك عدة أسباب تدفع المملكة العربية السعودية إلى التقيد بأعلى معايير العدالة والقانون فيما يتعلق بالضغوط الأميركية والغربية التي تتعرض لها بغية تقديم إيماءات تقارب إلى إسرائيل. وأوضح الفيصل من خلال مقال رأي كتبه في صحيفة quot;نيويورك تايمز الأميركيةquot; أنّ من ضمن هذه الأسباب هو أن المملكة تعتبر مهدا ً للإسلام، وموطنا ً للحرمين الشريفين، فضلا ً عن اعتبارها قوى عظمى في مجال الطاقة، وزعيما ً فعليا ً للعالمين العربي والإسلامي.

ومن ثم ، فقد رأى الفيصل أن على المملكة العربية السعودية أن ترفض التحاور مع إسرائيل قبل أن تنهي احتلالها غير الشرعي للضفة الغربية، وقطاع غزة، ومرتفعات هضبة الجولان السورية وكذلك مزارع شبعا في لبنان. وأشار إلى أن السعوديين يعتبرون اتخاذ خطوات بشأن التطبيع الدبلوماسي مع إسرائيل قبل أن تعود الأراضي التي تحتلها لأصحابها الشرعيين، سيكون تقويضا ً للقانون الدولي وغضا ً للطرف عن الممارسات اللأخلاقية. وذكّر هنا الأمير الفيصل بالقرار الذي مرره مجلس الأمن في أعقاب حرب الستة أيام عام 1967 ، التي احتلت خلالها إسرائيل تلك المقاطعات وكذلك القدس الشرقية وشبه جزيرة سيناء، وهو القرار الذي ورد بنصه ما يفيد :quot; ينبغي على إسرائيل أن تنسحب من تلك الأراضي المحتلة حديثا ً من اجل إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط quot;. وفي ذات السياق، جاءت أيضا ً اتفاقية جنيف الرابعة.

في غضون ذلك، قلل الأمير من قيمة الاقتراح الذي ألمح إليه مسؤولون إسرائيليون مؤخرا ً بإعادة أجزاء من الأراضي المحتلة للسيطرة العربية شريطة الحصول على تنازلات عسكرية واقتصادية أولا ً، حيث قال إن قبول العرب لذلك الاقتراح سيشجع على وقوع اعتداءات مماثلة في المستقبل. بعددها، يمضي الفيصل ليتحدث عن بعض مراحل العلاقات العربية ndash; الإسرائيلية، مثل المرحلة التي تلت اتفاقية أوسلو عام 1993، وما اتضح وقتها من عدم توافر النية الحسنة لدي إسرائيل بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدول العربية التي بادرت حينها باتخاذ بعض الخطوات لتحسين العلاقات معها. وتجلى ذلك وقتها في مواصلتها لأعمال بناء المستوطنات.

ثم ينتقل الفيصل ليشير إلى مبادرتي السلام التي سبق وأن تقدمت بهما المملكة إلى إسرائيل، عامي 1982، و 2002،اذ حظيا حينها بموافقة من جانب العالم العربي، وتجاهل تام من جانب إسرائيل. وهنا، أكد أن على إسرائيل أن تكون على استعداد للتعامل وفق سياسة quot;هات وخذquot;، من أجل تحقيق السلام والتوصل لحل نهائي بشأن إقامة الدولتين. وأشار إلى أن الخطوة الأولى في سبيل تحقيق ذلك يجب أن تتمثل في الإزالة الفورية لجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، معتبرا ً أن ذلك سيظهر للعالم جدية إسرائيل في تعاملها مع السلام وأنها غير متوقفة في الوقت الذي تضيف فيه أعداد متزايدة من المستوطنين غير الشرعيين لتلك الأراضي الفلسطينية المحتلة بالفعل.

وفي ذات الوقت، طالب الفيصل المجتمع الدولي بضرورة ممارسة ضغوط على إسرائيل للتخلي عن سيطرتها على جميع الأراضي العربية، ليس باعتبارها وسيلة للحصول على تنازلات غير مستحقة، بل كبادرة على حسن النوايا وإظهار استعدادها للسير على قواعد مجلس الأمن والالتزام بالمعايير العالمية للاحتلال العسكري. كما طالب الفيصل هؤلاء الذين يطالبون بأن يقوم الملك عبد الله بزيارة إلى السعودية على غرار الزيارة التي قام بها الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى إسرائيل، بأن يتذكروا السادات لم يذهب عام 1977 لمقابلة رئيس الوزراء مناحيم بيغين إلا بعد أن أكد وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها، موشيه ديان، لمبعوث الرئيس السادات، حسن التهامي، على أن إسرائيل ستنسحب من آخر شبر من الأراضي المصرية في مقابل السلام. لذا، ليس هناك من داعي للنظر إلى زيارة السادات على أنها نموذج، نظراً لعدم وجود عرض مماثل الآن من جانب إسرائيل على قادة فلسطين ولبنان وسوريا.

وختم الفيصل حديثه في النهاية بالقول إن جميع دول المنطقة لا ترغب في سفك الدماء. وأشار إلى أنه وفي الوقت الذي تسعى فيه جيران إسرائيل إلى السلام، فمن المستبعد أن يظهروا تسامحا ً مع ما قد يرقي إلى السرقة ( في إشارة لاغتصاب أراضي الغير بدون وجه حق ). وإلى أن تلتزم إسرائيل بمطالبة أوباما بإزالة جميع المستوطنات، لا يجب أن يتوهم العالم أن المملكة العربية السعودية ستقدم للإسرائيليين أكثر شيء يتمنوه، وهو الاعتراف الإقليمي. وأكد الفيصل في النهاية على أنهم على استعداد لاحتضان أي شريك في السلام، لكن فقط بعد أن يفرجوا قبضتهم على الأراضي العربية.