نفى البابا، شنودة الثالث، بابا الأسكندريَّة وبطريرك الكنيسة المرقسيَّة ما أثير حول تخزين الأقباط الأسلحة في الأديرة والكنائس، وقال إنَّ هذا الكلام يثار من حين لآخر، ما يؤدي إلى إثارة الجماهير.

القاهرة: أكَّد البابا شنودة أنَّه من غير المعقول أنّْ تدخل الأسلحة إلى الأديرة والكنائس، لأنَّ الدَّولة ليست في غيبوبة، وكل كنائسنا وأديرتنا مفتوحة أمام الجميع، وإخواننا المسلمون يدخلونها ليشاركوننا أفراحنا ويشاطروننا الأحزان، فهل وجدوا فيها يوم ما سلاحًا؟!

وأضاف في الجزء الثاني من حواره مع الإعلامي، عبد اللطيف المناوي، في برنامج quot;وجهة نظرquot; أنَّ القبطي لا يحمل السلاح إلاَّ في حالة التحاقه بالشرطة أو الجيش، ويكون السلاح الذي يحمله سلاح الدولة.

وتساءل: quot;متى استخدم الأقباط السلاح؟ إنَّ الأقباط لم يحملوا السلاح حتَّى وهم في أشد الضيقquot;، مشيرًا إلى أنَّ إثارة هذا الموضوع جاء بعد شراء قس من quot;بورسعيدquot; ألعابًا ناريَّةً من الصين بمناسبة الأعياد، فقالوا إنَّها أسلحة من إسرائيل وسيتم توزيعها على الكنائس.

ووصف إثارة هذه القضية بأنَّها quot;تهييج للنَّاسquot;، متسائلاً من جديد: لمصلحة من إثارة الجو؟ وأجاب نفسه بصيغة استنكاريَّة: quot;لا أعرفquot;.

وحول الربط بين موضوع أسلحة الكنائس، وإعلان أحد القساوسة استعداده للشهادة، أوضح البابا أنَّ الاستشهاد يقصد به أن يموت الإنسان على مبدأ وليس أنّْ يحارب ويموت في قتال، منوِّهًا بأنَّ القس قصد إعلان استعداده لبذل حياته من أجل العقيدة.

وردًّا عما يثار حول وجود رغبة لدى الكنيسة في الإنفصال بدليل استخدامها تعبير quot;الشعب القبطيquot; للإشارة إلى المسيحيين في مصر، أكَّد أنَّ quot;الشعب القبطيquot; تعبير كنسي لا يقصد به الإنفصال، ويعني مجموعة المؤمنين في الكنيسة.

وأعلن البابا أنَّه لا توجد حركات تنصير تقودها الكنيسة على الإطلاق، مشيرًا إلى أنَّه لو هناك شخص تحوَّل للمسيحيَّة، لا يكون عن طريق الكنيسة، ووصف الحديث عن التنصير بأنَّه quot;مبالغة وإختلاقquot;، وإعتبر أنَّه لا معنى لإثارة قضيَّة quot;وفاء قسطنطينquot; بعد ست سنوات من إعلانها أنَّها مسيحية وستموت مسيحيَّة، مؤكِّدًا أنَّ النائب العام نفسه قال ذلك، وأكَّد أنَّها حيَّة ولم تقتل ولم تذبح، وأدان تظاهرات المسلمين بسبب الإعتقاد أنَّ هناك مسيحيَّة أسلمت ثم اختفت، وقال: quot;رد الفعل الإسلامي كان صعبًا، وتأثير التظاهرات والمنشورات صعب للغايةquot;. وأضاف: quot;لا يصح أنّْ نخرب البلد من أجل امرأة لن تزيد الإسلام أو تنقص من المسيحيَّةquot;.

وجدَّد شنودة إحترامه للقوانين وأحكام القضاء بدرجة quot;ألف في المائةquot;، على حد قوله، وذلك تعليقًا على سؤال حول رفضه إنفاذ حكم المحكمة الإداريَّة العليا بشأن إلزام الكنيسة بإصدار تصريح الزواج الثاني، وقال: quot;يحكم، لكن ليس عليه أن يرغم إنسانًا على غير ما نصَّ عليه دينهquot;، مشيرًا إلى أنَّ الشريعة الإسلاميَّة ترفض ذلك، وفقًا لما ورد في قوله تعالى quot;واحكم بينهم بما يدينونquot;، ولفت إلى أنَّ quot;كل شريعة لها خصوصيتها في مسائل الأحوال الشَّخصيَّةquot;، ورفض تنفيذ الأحكام القضائيَّة المتعارضة مع العقيدة المسيحيَّة، وقال: quot;لكن أن يجبرنا قاض على اتباع ما يتعارض مع شريعتنا فهو ما لا نقبله، ولو فعلت ذلك لا أصبح رجل دينquot;، واستطرد: quot;المفروض أن نطبق الشرع الإسلامي الذي يقول: quot;احكم بينهم بما يدينونquot;، وquot;وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله، ومن لا يحكم فهم الفاسقونquot;، وأشار إلى أنَّ الدَّولة شكَّلت لجنة لمراجعة مشروع قانون الأحوال الشَّخصيَّة للمسيحيين، وانتهت من عملها، ومن المنتظر إحالته على مجلس الشَّعب خلال الدورة البرلمانيَّة المقبلة.

ونفى البابا الذي طالما وجِّهت إليه إتهامات باستخدام الكنيسة والأقباط لتحقيق مكاسب سياسيَّة، وأنَّه يتعامل بمنطلق الزعيم السياسي، هذه الإتهامات، وأوضح قائلاً: quot;نحن لا نعمل بالسياسة، وليس عندنا الوقت لذلك، وليس هدفنا ذلك، لكن لايمنع أن نؤدي دورنا كمواطنين، وأنّْ نصوِّت في الإنتخاباتquot;.

وزاد في القول مدللاً على أنَّه في كل الأحوال توجَّه إليه اتهامات: quot;عندما يأتي أحد الأشخاص ويسألني عن رأيي في المشكلة الفلسطينيَّة، لو تكلمت يقال إنَّه يعمل بالسياسة، ولو لم أتكلم يقال متخاذلquot;، مضيفًا أنَّ الكنيسة تشجِّع المواطنين على الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات، وأنَّها لا تضغط على أي منهم لاختيار مرشَّح بعينه.

واستنكر ما يقال حول وجود تنسيق سياسي بين الكنيسة والنظام الحاكم من أجل حشد الأقباط لتأييده، في مقابل الحصول على بعض المكاسب السياسيَّة، معتبرًا أنَّه لو كانت هناك مصالح متبادلة بين الجانبين، فهذا الأمر يوصف بأنَّه تجارة، لا يحكمها ضمير، مؤكِّدًا أنَّ ذلك يتنافى مع عمل رجال الدين.

واتهم شنودة الدولة بالتقصير في الإتصال بالجاليات المصريَّة في الخارج وتوضيح الحقائق لها، وذلك ردًّا على سؤال عن دور الكنيسة في ضبط ردود أفعال أقباط المهجر إزاء بعض الأحداث الداخليَّة، وقال: المؤسسات السياسيَّة عليها المسؤوليَّة الأولى في الاتصال بالجاليات المصريَّة وتوضيح حقيقة ما إذا كانت الأحداث في مصر حقيقيَّةً أم مبالغًا فيها، أما ردود الفعل والتظاهرات فالمؤسسة السياسيَّة والأمن القومي مسؤولون مسؤوليَّة كاملة عن عدم ضبطها والتعامل معها.

وإنتقد رأس الكنيسة المصريَّة غياب الحب والسلام والحوار الطيب بين المسلمين والمسيحيين، مؤكِّدًا أنَّ ذلك أعطى الفرصة للفتنة أنّْ تفرق بينهم، مضيفًا: quot;يعني لو جاء إخواننا المسلمون الغاضبون وتفاهموا وتحاوروا معنا، وشرحنا لهم موقفنا لكان الموقف اختلفquot;، لكنه قال في الوقت نفسه: quot;كثيرًا ما يدور حديث حول المبادئ السامية لكن اللي في القلب في القلبquot;.

ودعا البابا المصريين مسلمين ومسيحيين إلى التهدئة والتعاون ونشر السلام في ما بينهم، والتحاور والتفاهم، بدلاً من إشعال الحرائق، وقال: quot;يا إخواني أبناء الوطن الواحد، مصر لها سمعتها في الخارج بأنَّها بلد سلام، وداعية للسلام، وتبذل كل جهودها من أجل السلام في الشرق الأوسط، فهل يصح أن ندعو للسلام في بلاد العالم، ونفقده فيما بيننا، علينا أنّْ نبحث عن اسم مصر وسمعتها وسلامتها وأمنها، وإذا وجدنا شعلة لا ننفخ فيها، لأنَّ النَّار لا تنطفئ بالنار، بل بالماء، لا يصح أنّْ نخرب البلد من أجل إمرأة لا يزيد بها الإسلام، ولا تنقص بها المسيحيَّة.