& &
&
تنحو الفلسفة الى ان تكون موضوعاً جافاً أقرب صلة بالرياضيات أو المرافعات القانونية منها الى الفن. &ولكن بعض الفلاسفة يبدون روحاً عابثة أو حساسية شعرية تجاه اللغة أو شكل السرد ، وكان البعض حتى تأمليين بالمعنى الأدبي وبمعنى المخلية الأدبية. &وجان بودريار مثلا هو الذي نحت مصطلح "الرواية ـ النظرية" وتأمل في سيناريوهات عوالم حقيقية مستقبلية تفوق الخيال العلمي. &وكان هذا في اطار مسعى هدفه ان يفاقم غياب المبرر للاشارات والمعنى. ولكن الشك ما بعد الحداثي ليس الطريقة الوحيدة التي لجأ اليها بعض الفلاسفة لاستخدام استراتيجيات الرواية في خدمة مشاريعهم. &فان عمل هيغل الكبير "فينومنولوجيا الروح" يمكن ان يُقرأ كرواية ضخمة يتحرك فيها شخوصها على مسار صاعد عبر التاريخ والعالم. &وقال مترجمه الفرنسي جان ايبوليت انها "رواية فلسفية". &وكان نيتشة كاتباً اسلوبياً كثيرا ما يظهر عمله "هكذا تكلم زرادشت" على قوائم الروايات التي كتبها فلاسفة كبار. &فهو عمل فيه بطل وحبكة، حيث يتعلم البطل التراجيدي المعلم دروساً في الحياة من خلال اخفاقاته. وعندما جاءت الرأسمالية الصناعية لتهز اوروبا بحروبها ومعاملها أصبح الشكل الأدبي قضية بالغة الأهمية عند الفلاسفة الساخطين عليها ، وخاصة الذين كانوا في المانيا المنكسرة بالحروب ، حيث رضعوا التقليد الهيغلي بحسه بالتاريخ العالمي ومنهجه الديالكتيكي. &وكان عمل جورج لوكاش "نظرية الرواية" الذي كتبه وسط لهيب الحرب العالمية الأولى ، وصف الشخصيات المنهارة للحياة الحديثة بأنها مشردة تشرداً سامياً ، وممنوعة من المعاني الأكبر. &
وطورت الرواية اشكالها في عالم تتلاطم فيه حياة الأفراد الداخلية والثورة والنقمة ثم تتداخل فيما بينها. &وأوصى الماركسي لوكاش الروائيين بخلق عوالم عقلانية وعاملة كتلك التي تجسدها اعمال بلزاك أو والتر سكوت. &وباختصار ، كان الخيار عند لوكاش بين توماس مان وفرانز كافكا لصالح الأول. &وعمد آخرون هم الشعراء الفلاسفة الذين "مَنْتَجوا" هيغل وماركس ونيتشة وأوجدوا النظرية النقدية ، الى الجمع بين الشكل الأدبي والسياسة والفلسفة بصورة مختلفة. &واستندوا الى المبالغات والأصداء العاطفية للتعبيرية أو لعب الدادائية أو قصص الجن وابهامات الترميز والبديهة الحادة للموضوعية الجديدة. &ومن هؤلاء فالتر بنيامين الذي نبدأ به روايات عشرة كتبها فلاسفة كبار استعرضتها ايستر ليسلي في صحيفة الغارديان.

1 ـ "الحكواتي" لفالتر بنيامين
بنيامين معروف بفلسفته الماركسية والخلاصية المعقدة التي تستخدم احياناً الحكايات الرمزية والاستعارة والتوصيف الشعري. &ولكن ما ليس معروفاً عنه تجريبه اشكالا أدبية حيث كتب العديد من المسرحيات الاذاعية والسوناتات والمعالجات السينمائية والروايات الشعبية والروايات القصيرة. &ولدية حكايات رمزية كافكوية ومسرحيات هزلية تسخر من ظروف وجوده وحكايات سوريالية وفنطازية واسطورية للأطفال وقصص واقعية من الناحية النفسية. & ومما تتناوله هذه الأعمال السفر واللعب والقمار والحب والمصير والتقليد الأدبي والعلاقات بين الأجيال والفعل واللافعل ، على غرار كتاباته الفلسفية. &ومن اول قصصه قصة بعنوان "شيلر وغوته: رؤية شخص اعتيادي". &وهي هلوسة غريبة في تاريخ الأدب الالماني.
&
2 ـ "تجاذبات اختيارية" ليهوهان فولفغانغ غوته
غوته مبدع متعدد المواهب والقدرات. &فهو شاعر واداري ورجل دولة وكاتب مسرحي وروائي وكاتب قصص قصيرة. &وكان غوته مدفوعاً برؤية فلسفية تتخلل كتاباته الأدبية بقدر ما تتخلل تجاربه الفلسفية ـ الطبيعية في نظرية اللون والبصريات وعلم النبات والنشوء والارتقاء. &وتجمع رواية "تجاذبات اختيارية" اهتماماته المتعددة باستطلاعها الكيمياء البشرية وتجاذباتها وتنافراتها واواصرها وتفاعلاتها.&
&
3 ـ &"العقرب وفيلكس" لكارل ماركس
كتب ماركس هذا القصة عام 1837 حين كان في التاسعة عشرة كجزء من عمل روائي أوسع. &والقصة نص نزوي ينتمي الى اللامعقول ويزخر بالتورية والتلاعب بالكلمات ، متأثر باسلوب تريسترام شاندي للكاتب الايرلندي ستيرن لورنس. كما انها كُتبت في اطار السجال الذي بدأه ماركس مع الفلسفة المثالية الالمانية ، بحس مرهف في ادراكه الحاجات المادية للفرد وانقسام المجتمع الى طبقات. &ويكتب ماركس في قصته عن الانسان المسحوق الذي يقاتل عواصف الحياة ويرمي نفسه في لجة بحر هائج ليصطاد لؤلؤ الحقوق البروميثيوسية من اعماقه ، ثم يظهر أمام عينيه الشكل الداخلي "للفكرة" بكل بهائها.
&
4 ـ "آثار" لايرنست بلوخ
لم يجرب بلوخ فن الرواية ولكن بعض كتاباته الفلسفية الأولى مثل مجموعته الموسومة "آثار" تستخدم قصصاً وحكايات خيالية تبقى نهاياتها مفتوحة لملاحقة "ما لا يوجد بعد" ولتسليط الضوء على عتمة اللحظة المعاشة. &وهكذا تكون الفلسفة شعرا.
&
5 ـ "غينستر" لزيغفريد كاركاور
رواية لسيرة حياة صاحبها بمقاطع سينمائية هزلية كأنها مستعارة من افلام تشارلي شابلن واحساس تهكمي مرير بالعالم ، يحكيها غريب من جيل ضائع. &وتقدم الرواية بشكل كوميدي على نحو سوداوي التشظي المعاصر لجسم الانسان وفقدان الفردية في مجتمع الاستهلاك الجماهيري. &لا تتوفر إلا بالالمانية.
&
6 ـ "الدكتور فاوستوس" لتوماس مان & &
اشتغل توماس مان وثيودور ادورنو على هذه الرواية الضخمة وهما يستجمان تحت شمس "كاليفورنيا الالمانية". &ويروي هذا النص عن الهمجية والعقلانية قصة مؤلف موسيقي يشبه ارنولد شونبيرغ. &ويُوصف عمل بطل الرواية الشيطاني المصاب بمرض السفلس ادريان ليفركون بعبارات مستلة من كتاب ادورنو "فلسفة الموسيقى الجديدة". &ويظهر ادورنو نفسه في الرواية بدور الشيطان متقمصاً شخصية "منظّر وناقد هو نفسه يؤلف الموسيقى بقدر ما يسمح له التفكير".&
&
7 ـ "كنز جو الهندي" لثيودور ادورنو
كتب ادورنو نص هذه الاوبرا في اوائل الثلاثينات متأثرا بعمل ريتشارد هيوز "رياح عالية في جمايكا". &ويروي العمل قصة صداقة بين صبيين في الريف الاميركي إبان القرن التاسع عشر ولكن موضوعاتها هي الخوف والذنب. &وفي الرواية جريمة قتل وبيوت مسكونة بالاشباح وعملية اعدام ، وهي تستعير هاكلبري فن وتوم سوير من مارك توين لاستطلاع موضوعة "نزع الأسطرة" الأثيرة عند ادورنو. &ولا تتوفر هذه الرواية ألا بالالمانية. &
&
8 ـ "مخطط رواية عن نيفل تشامبرلين" لماكس هوركهايمر
ينتمي السوسيولوجي والمفكر هركهايمر الى مدرسة فرانكفورت وكتب ايضا "الفجر والانحدار" ، وهي دراسة شعرية للمجتمع الالماني ومؤسساته المعادية للثورة مستخدما الترميز والمقالات القصيرة. &ولكن الأشد اثارة للاهتمام هو "مخطط رواية عن نيفل تشامبرلين" لأنه نص غريب للغاية. &فهو عمل ساخر يتابع وصول تشامبرلين الى العالم الآخر ولقاءه الخالق. &وعلى الضد من توقعاته يكون الله امرأة ولكنه انسجاماً مع تبكيت ضميره ذو ميول اشتراكية وديمقراطية.

9 ـ "كل خيول الملك" لميشيل برنشتاين &
كانت برنشتاين أممية موقفية وبالتالي متضلعة في فلسفة هيغل وماركس. &ويُقال ان هذه الرواية كُتبت لجمع التبرعات واستخدمت الأشكال الأدبية الشعبية الهابطة لرومانسية المراهقة في فترة ما بعد الحرب. &وفيها نقرأ "نحن جميعاً شخصيات في رواية ، أو لم تلحظ ذلك؟ &أنت وأنا نتحدث بجمل صغيرة جافة. &وهناك حتى شيء ناقص فينا. &وهكذا هي الرويات ، لا تعطيك أي شيء. &انها قواعد اللعبة ، وحيواتنا معروفة بوصفها رواية ايضاً".
&
10 ـ "حديقة حيوانات دادلي: &قصة فيل" لالفريد سون ريثيل

كان الاقتصادي والفيلسوف الماركسي الالماني المولود في فرنسا الفريد زون ريتيل معروفا بابستمولوجيته في التجريد الحقيقي أكثر من كونه صاحب هذه الرواية القصيرة للأطفال التي تدور احداثها في وسط انكلترا. &وتدور القصة حول فيل هارب يسحق سيارة ميني براقة تحت اقدامه. & وتتسم هذه القصة التي تحولت من حكاية عن الجن الى نص عن نكد الحظ ، بالطرافة والسخرية. &ونُشرت الرواية عام 1987 بالالمانية حين كان زون ريتيل في الثامنة والثمانين من العمر. وتضم الرواية صورة جميلة للكاتب الفيلسوف وهو يقرأ جريدة ذي صندي تايمز مع تخطيطات مختلفة لما يكون عليه المشهد إذا جلس فيل على سيارة ميني.&