الشخصية السياسية الثانية للعام 2006

إعداد: إيلي الحاج:كان عام 2006 مفصلياً للأمين العام لquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله الذي تحمل مسؤولية قرارين تاريخيين اختلفت النظرة إليهما بين مؤيديه ومنتقديه، لكنهما جعلاه الوجه الأبرز في لبنان، بعد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وفق الإستفتاء الإيلافي . القرار الأول هو شن هجوم quot;الوعد الصادقquot; الذي مهّد لعدوان إسرائيل واسع على لبنان استمر 33 يوماً وانتهى إلى ما اعتبره نصرالله وأنصاره وحلفاؤه quot; انتصاراً إلهياًquot; بالإستناد إلى عدم تمكن الجيش الأقوى في منطقة الشرق الأوسط والذي صوّر على أنه quot;لا يقهرquot; من تحقيق أهدافه المتمثلة بالقضاء على سلاح الحزب ولا سيما صواريخه وقدرته القتالية، وذلك خلافاً لآراء معارضي رأيه الذين لم يروا في حرب الصيف سوى كارثة على لبنان تسببت بها خطوة غير محسوبة مما يبرر المطالبة بحسم موضوع سلاح الحزب الذي يتفرد به وحده بين بقية الأحزاب اللبنانية محتفظاً معه بقرار السلم والحرب مع إسرائيل، واستندوا إلى قول نصرالله في لحظة بوح صادق وشفافية quot;لو كنت أعلم بما سيفعل الإسرائيليون ويتسببون به من ضحايا ودمار واسع لما وافقتquot; على عملية خطف الجنود الإسرائيليين لمبادلتهم بأسرى لبنانيين.
لكن جمهور الحزب الذي يثق بالسيد نصرالله ثقة عمياء لم يتراجع عن تأييده، لا بل لبى نداءه بكثافة عندما اتخذ قراره الثاني الحاسم العام الماضي بالنزول إلى الشارع والتظاهر والإعتصام مع حلفاء الحزب ، ولا سيما منهم quot;التيار العونيquot; الذي جمعته به وثيقة تفاهم. وكما في قراره الأول واجه نصرالله عاصفة من الهجمات الكلامية والسياسية صوّرت مواقفه موحى بها أو تنفيذاً لأوامر يتلقاها من طهران لإيمانه بولاية الفقيه، ومن دمشق التي يرتبط الحزب بحلف وثيق مع النظام الحاكم فيها. واتخذ الصراع السياسي صورة مذهبية حولت المطالبة بإسقاط الحكومة التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة اعتداء شيعياً على موقع السنة في الدولة اللبنانية ، مما جعل التطورات السياسية في لبنان متعلقة بوقع الأحداث الإقليمية، ولا سيما المواجهة بين إيران وسورية وأميركا والغرب ومن يواليهما . وأضيف إلى ذلك موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري وتهمة السعي إلى عرقلة إنشاءها التي وصم بها الموالون لحكومة السنيورة quot;حزب اللهquot; . وكل هذه التهم تسيء إلى صورة السيد نصرالله في العالم العربي خصوصاً ، بعدما وصل فيه إلى مرتبة توازي صورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعلقت صوره في صدور المنازل من المحيط إلى الخليج .
ولد السيد حسن نصر الله في بلدة البازورية القريبة من مدينة صور عام 1960 واضطر وهو صغير بسبب الفقر وضيق الحال للنزوح إلى مدينة بيروت ، حيث أقامت العائلة في منطقة الكرنتينا احدى أطراف العاصمة، وفي تلك المنطقة أمضى نصر الله طفولته، وعمل أول أيام حياته بمساعدة والده عبد الكريم نصر الله في بيع الخضار والفاكهة. أتم دراسته الابتدائية في مدرسةquot;حي النجاحquot; ودرس في مدرسة سن الفيل الرسمية، ثم اندلعت الحرب الأهلية في لبنان فهرب وعائلته إلى بلدته البازورية وهناك تابع دراسته في مدرسة ثانوية صور الرسمية للبنين، وخلال وجوده في البازورية التحق بصفوف حركة quot;أملquot; التي أسسها الأمام المغيب في ليبيا موسى الصدر وأصبح مندوب الحركة في بلدته، وفي صور تعرف إلى محمد الغروي الذي حرضه على ترك quot;أملquot; والانضمام الى quot;حزب اللهquot; الذي كان نواة كبرت بدعم الثورة الإسلامية في إيران. درس في النجف وعاد إلى لبنان عندما طالت حملات استخبارات صدام حسين رفاقه هناك ، وعند ولادة quot;حزب اللهquot; مطلع الثمانينات لم يكن نصر الله عضوا في القيادة ولم يكن قد تجاوز الـ 22 سنة، وكانت مسؤولياته الأولى تنحصر بتعبئة المقاومين وانتشار الخلايا العسكرية التي شكلت فيما بعد العنوان الأبرز في لبنان، بعد فترة تسلم نصر الله منصب نائب مسؤول منطقة بيروت الذي كان يشغله ابراهيم أمين السيد أحد نواب quot;حزب اللهquot;السابقين في البرلمان اللبناني.
واستمر نصر الله في الصعود داخل سلم المسؤولية في الحزب فتولى لاحقا مسؤولية منطقة بيروت ثم استحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى فشغله ثم غادر بيروت لمتابعة درسه في إيران. لكن التطورات على الساحة اللبنانية خصوصا النزاعات بين حزب الله وأمل اضطرته للعودة إلى لبنان.وبعد أشهر قليلة على اغتيال الأمين العام السابق الموسوي مطلع تسعينات القرن الماضي شغل نصرالله منصب الأمين العام، ثم قرر الحزب دخول للمعترك السياسي فشارك في الانتخابات البرلمانية وحصد عددا من المقاعد عن محافظتي الجنوب والبقاع، وهذه الكتلة كبرت وازدادت وهي تعرف حاليا بكتلة الوفاء للمقاومة. وعندما تمكن الحزب من إخراج القوات الإسرائيلية المحتلة من جنوب لبنان في 25 أيار /مايو2000 اكتسب السيد الخطيب المفوّه شعبية هائلة، خصوصاً بين أفراد طائفته المهمشة تاريخياً في لبنان والتي باتت تؤدي أدواراً سياسية مقررة فيه . ودانت لنصرالله رئاسة مجلس النواب عبر رئيس حركة quot;أملquot; نبيه بري، وكذلك رئاسة الجمهورية عبر الرئيس إميل لحود الباقي في قصر بعبدا على ما يبدو حتى نهاية ولايته الممددة قسراُ بدعم السيد نصرالله.