أبواب العمل تقفل في وجوههم وبعضهم يُسجنون
لبنان محطة العراقيين الهاربين إلى الغرب

الياس يوسف من بيروت: تقدر جمعيات غير رسمية في بيروت عدد العراقيين الهاربين الى لبنان بنحو عشرة آلاف، لكن إحصاءات مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في العاصمة اللبنانية تشير الى أن عدد الذين تقدموا بطلبات لجوء سياسي لديها بين عامي 2002 و 2005 هو 2778 عراقيا، وقد أعيد توطين 2119 منهم خارج لبنان، علماً أن معظم الذين قدموا إلى لبنان هرباً من الجحيم العراقي المتمادي منذ أعوام لم يسجلوا أسماءهم فيه، وكان لهم محطة للإنتقال إلى الغرب.

ويقدر عدد الذين هاجروا من العراق إلى أصقاع العالم منذ تفاقم النزاعات المسلحة وأوجه العنف فيه بدءاً من عام 2003 بنحو مليونين ، وازداد الوضع سوءا العام الماضي مع ارتفاع وتيرة العنف المذهبي. ومعظم هؤلاء غادر عبر دول مجاورة كالأردن وسورية ولبنان وبعضهم بقي فيها، مما يضع لبنان بين الدول المتأثرة بالحرب في العراق.

وتعرض المصادر المعنية بملف اللاجئين غير الفلسطينيين في لبنان معلومات عن وضع هؤلاء وسبل دخولهم الأراضي اللبنانية، أبرزها أن 95 في المئة من طالبي اللجوء يدخلون خلسة، وأكثر من 80 في المئة منهم عراقيون. ومن بين 1600 طالب لجوء من جنسيات مختلفة أحصتهم المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين العام الماضي، نال 176 فقط صفة لاجئ.

وتلاحظ أنه بعد تفاقم الأحداث في العراق منذ عام 90، ارتفع عدد طالبي اللجوء ما دفع السلطات اللبنانية إلى تغيير في مقاربتها للموضوع، فعمدت الى توقيف طالبي اللجوء وسجنهم وحتى إبعادهم، علما ان من حق اللاجئ التمتع بحماية دولية، خصوصا اذا أتى من بلاد تعاني نزاعات مسلحة او عنفا شاملا.

وقد رفضت المفوضية اعادة طالبي اللجوء الى العراق وطلبت الى السلطات اللبنانية تأمين حماية موقتة لحاملي الجنسية العراقية، لكن هذا الطلب لم يلق تجاوبا ملائما من الدولة اللبنانية.

وتعود quot;هجمةquot; اللاجئين العراقيين على لبنان الى رغبتهم في العيش آمنين ولأن أقرباء وأصدقاء لهم يعيشون في لبنان بعدما فضلوه على سورية. وتنقل مصادر الجمعيات غير الحكومية للدفاع عن حقوق اللاجئين عن بعضهم قوله: quot;لا نريد ان نبتعد عن نظام بعثي لنقع في آخرquot;، فهم يدركون انه سبق لسورية ان سلمت معارضين عراقيين ورحّلتهم، تماما كما سلم العراق بعض المعارضين السوريين إلى دمشق. ويعاني عدد من العراقيين اللاجئين صعوبات في لبنان وبعضهم يسجن لفترات طويلة او ينقل الى مراكز توقيف مزدحمة تابعة للأمن العام في انتظار ترحيلهم. وقد بدأت السلطات العراقية منذ مدة متابعة قضاياهم لدى السلطات اللبنانية، الأمر الذي لم يكن يحصل سابقاً.

يذكر أن من يدخلون لبنان خلسة ولا يسوون أوضاعهم غالبا ما تقفل أبواب العمل في وجههم، باعتبار أن القانون اللبناني يحظر على اللاجئين المقيمين فيه الحصول على وظيفة، لذلك يلجأ بعضهم الى المجموعات الدينية او المنظمات غير الحكومية طلبا للمساعدة.

ويلاحظ أن عراقيين مسيحيين، من كلدان وأشوريين وسريان وفدوا الى لبنان وسورية بأعداد أكبر من عراقيي الطوائف والمذاهب الأخرى، مفضلين عدم الإنتقال إلى الإقليم ذي الغالبية الكردية بعد تعرضهم لموجة تفجير الكنائس والأديرة، وتعمل جمعيات كنسية ورابطات مسيحية في لبنان على الاهتمام بأوضاعهم ومساعدتهم، وكثر من هؤلاء يهاجرون لاحقاً إلى الغرب ولا سيما السويد والولايات المتحدة، حيث يلتحقون بأقارب لهم، وتساعدهم في ذلك من هناك هيئات عراقية مسيحية.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الخميس 18 كانون الثاني 2007