العراق: نقص المياه الآمنة يشكل خطراً على حياة السكان في ميسان


العمارة: يضطر سكان محافظة ميسان لسحب مياه نهر دجلة الملوثة لتلبية احتياجاتهم
أفادت المنظمات الإنسانية أن نقص المواد الكيميائية الخاصة بتعقيم مياه الشرب يؤثر بشكل سلبي على نوعية المياه في محافظة ميسان ذات الأغلبية الشيعية والتي تقع على بعد 380 كلم من العاصمة بغداد. وأشارت المنظمات إلى هذا الأمر يشكل خطراً صحياً على السكان الذين يلجؤون لسحب مياه نهر دجلة الملوثة لتلبية احتياجاتهم.

ويعد النهر وروافده المصدر الوحيد للمياه في المحافظة، ويتم ضخه إلى شبكات المياه الرئيسية في المدن بواسطة منشآت معالجة المياه. ولم يتم معالجة مياه شبكة التوزيع الرئيسية في مدينة العمارة، عاصمة المحافظة، منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول بسبب نقص مواد التعقيم.

وتزداد المشكلة تعقيداً بسبب النزوح اليومي للعائلات إلى المحافظة، حيث توافد الآلاف من النازحين من المناطق الوسطى والشمالية من البلاد إلى ميسان منذ فبراير/شباط 2006 لكونها تعد منطقة آمنه نسبياً. وقد شكل هذا النزوح ضغطاً كبيراً على مصادر المياه المحدودة هناك.

ووفقاً لتقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، لا تلبي مصادر المياه أكثر من 60 بالمائة من احتياجات مدينة العمارة والمدن الرئيسية الأخرى في المحافظة. وجاء في التقرير أن quot;المناطق الريفية تعتمد على المستنقعات للحصول على مياه الشرب التي تكون مالحة جداً وغير معالجة وفي الكثير من الأحيان ملوثة بسبب انعدام أنظمة الصرف الصحي.

كما أظهرت دراسة حديثة أعدتها مديرية المياه والصرف الصحي بأن 5 بالمائة فقط من المنازل في المحافظة تحصل على مياه جارية و60 بالمائة منها تستخدم مضخات بينما تعتمد باقي المنازل على الأنهار للتزود بالماء.

مخاوف من انتشار الكوليرا

وأفاد علي سعيد، الناطق الرسمي باسم مديرية المياه والصرف الصحي في ميسان بأن quot;مياه الشبكات [في العمارة] لم تعقم منذ أوائل شهر سبتمبر/أيلول بسبب عدم توفر المواد الكيميائية [اللازمة لذلك] ونهب الشاحنة الوحيدة المحملة بهذه الموادquot;.

وأضاف سعيد أن quot;العائلات تخشى من انتشار الكوليرا في مدنهم وقراهم. ففي العمارة [مثلاً] ارتفعت حالات الإصابة بالإسهال 30 بالمائة خلال الشهرين الماضيينquot;.

من جهتها قالت ميادة عبيد، الناطقة باسم منظمة سلام الجنوب، وهي منظمة غير حكومية محلية، بأنه quot;لم يكن هناك نظام صرف صحي جيد في ميسان قبل الغزو عام 2003، كما أن العديد من مراكز تعقيم المياه تعرضت للتدمير وتحتاج إلى تصليح. وتحتوي العديد من المناطق في مدينة العمارة على خدمات صرف صحي رديئة ويمكن شم الروائح الكريهة على بعد كيلومترات من شبكات المجاري المفتوحة...وفي بعض مناطق المحافظة تختلط المياه التي يفترض بأنها خاصة بالشرب بمياه المجاري ولا تملك العائلات خيار آخر سوى شرب هذه المياه غير الآمنةquot;.

وأضافت عبيد أن quot;بعض السكان يستخدمون مياه نهر دجلة التي وُصفت بأنها مياه غير آمنة للشرب بعد اكتشاف بكتيريا مضرة وطفيليات على ضفاف النهرquot;.

وتعد العمارة مركزاً تجارياً معروفاً بنتاجه من الزراعة والصوف والجلود، كما تعتبر مركز اتصال بين بغداد والبصرة، ولذلك تبقى مخاطر انتشار الأوبئة المنقولة واقعاً جلياً.

وعن ذلك قال حسين لطيف، خبير الأوبئة في مديرية الصحة في العمارة: quot;إن التجارة منتعشة [هنا] ويتوافد علينا الناس من المحافظات الأخرى. وقد يتسبب أحدهم في نقل المرض إلى السكان. نحن نحتاج المواد الكيميائية على وجه السرعة لتعقيم المياه، خصوصاً وأن معظم السكان غير ميسورين ولا يستطيعون شراء المصافي لتصفية المياه أو استعمال الغاز الذي يطبخون به لغلي المياه وتعقيمهاquot;.

النازحون مهددون

وأضاف لطيف بأن quot;أكثر من 40،000 شخص قد نزحوا إلى المحافظة، ولا يحصل سوى 15 بالمائة منهم على المياه التي تقوم المنظمات الإنسانية بتعقيمها. وإذا أصيب شخص واحد ممن يشربون المياه غير الآمنة، فإنه قد ينقل المرض إلى الآخرينquot;.

وقالت رباب محمد، البالغة من العمر 8 سنوات، وهي نازحة في مخيم الرحمن بضواحي ميسان: quot;نحضر المياه يومياً لأمي كي تطبخ وتغسل منازلنا وأغراض المطبخ. يبعد النهر ثلاث كيلومترات عن خيمتنا وقد أخبرتنا الشرطة بأنه علينا أن نغلي الماء للشرب إلا أن أمي قالت بأن ذلك مكلف فأصبحنا نحضره من النهر الذي يعتبر طبيعياً وآمناًquot;.

ووفقاً لإحصاءات مديرية ميسان، وصل عدد سكان المحافظة إلى حوالي 790،000 نسمة خلال عام 2006، ويعيش حوالي 25 بالمائة منهم في فقر مدقع.

وتجدر الإشارة إلى أن منظمة أوكسفام ولجنة تنسيق عمل المنظمات غير الحكومية في العراق أصدرتا تقريراً في 30 يوليو/تموز يفيد بأن حوالي 8 مليون عراقي بحاجة ماسة للمياه والصرف الصحي، وبأن 70 بالمائة من العراقيين لا يحصلون على ما يكفيهم من مياه. وهذا ارتفاع بنسبة 50 بالمائة عما كان عليه الوضع عام 2003.