البعثيون العراقيون على سندان القوانين
قانون المساءلة والعدالة في صراع البرلمان والحكومة
أحزاب عراقية تبحث الإخاء بين القوميات والمذاهب
سيف الخياط من بغداد: لم يكن متوقعًا أن يتحول السيد نوري المالكي أشد صقور كتلة الإئتلاف العراقي الموحد quot;الكتلة الشيعية صاحبة الغالبية في البرلمانquot; الى جانب الحمائم ويحمل بيده غصن الزيتون، عقب توليه رئاسة الوزراء، ويتضمن مشروعه في الحكم المصالحة الوطنية، والذي عرف بصوته العالي الداعي إلى مناصرة هيئة اجتثاث البعث واحكام القبضة على كل المتعاونين مع النظام السابق.
وتعتبر بقايا تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي، أحد أبرز المسؤولين عن اعمال العنف في العراق والمناوئين للحكم الديمقراطي فيه الذي تكون عقب الاطاحة بنظام صدام حسين في 9/4/2003 على يد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والذي حكم العراق لأكثر من 30 عام بشكل شمولي.
وتأسست لمطاردة عناصر البعث هيئة خاصة حملت اسم هيئة اجتثاث البعث بقرار من رئيس الادارة المدنية في العراق السفير الاميركي بول بريمر والتي عدت فيما بعد من القرارات الخاطئة لأنها دفعت بعناصر هذا التنظيم الى العمل المسلح لاسترداد مناصبهم السابقة في الدولة العراقية.
وبعد سنتين من حكم المالكي لم يشهد مشروع المصالحة الوطنية وجودًا عمليًا على ارض الواقع، على الرغم من تشكيل اكثر من مؤسسة حكومية وتشريعية لتنفيذه، ابرزها كانت الهيئة السياسية العليا لاجتثاث البعث والتي تضم عدد من القادة السياسيين العراقيين واعضاء الكتل البرلمانية، كما تم استحداث وزارة خاصة للدولة معنية بالحوار الوطني.
وقال السيد اياد جمال الدين عضو الهيئة السياسية العليا لاجتثاث البعث لـ quot;إيلافquot;، إن الهيئة قدمت مشاريع مهمة تصب في صالح انجاح المصالحة الوطنية وعقدت مشاورات واجتماعات عديدة لكن تعاون الحكومة كان ضعيفًا، كما كنا نعاني من نقص حاد في الدعم المادي لتغطية نشاطاتنا ومسوحنا الميدانية التي قررنا العمل عليها لبلورة الافكار والخروج بنتائج عمليةquot;.
مسؤول مطلع تحفظ على الكشف عن اسمه قال لـ quot;ايلافquot;، quot;ان القادة الاميركيين قدموا معونة قدرها 150 مليون دولار لمشروع المصالحة انفقت بشكل اساس على مؤتمرات قام بها رئيس الحكومة للعشائر والعسكريين السابقين في فندق بابل وسط بغداد لم تقدم شيئا يذكر في انجاح المشروعquot;.
واضاف المسؤول quot;ان وزير الدولة للحوار الوطني السيد اكرم الحكيم قد اضطر إلى لملمة حقيبته والعودة الى لندن التي يقيم فيها منذ اشهر بعد ان عجز عن تطوير الميزانية المخصصة لوزارته والتي تقدر بلميون دينار عراقي أي ما يعادل 700 دولار اميركي، على الرغم من ان هذه الوزارة على اهميتها تمثل مشروع الحكومةquot;.
ويقول حسام العزاوي عضو البرلمان عن الكتلة العراقية quot;ان السيد اكرم الحكيم وزير الدولة للحوار والمصالحة الوطنية هو شخص مرموق واستطاع فعل شيء في تقريب وجهات النظر لكن لم يوجد تعاون ملموس مع هذه الوزارة التي انشأت لوضع الحلول والاسس للمصالحةquot;.
فيما يرى الدكتور علاء مكي عضو البرلمان عن كتلة جبهة التوافق السنية العربية، quot;ان المصالحة الوطنية حتى الان جامدة ولا حراك فيها ووجدت اشكاليات واضحة منها اصرار الحكومة على جوانب معينة هي تعد مهمة في المصالحة ويوجد ضغط عليها لزحزحة مواقفهاquot;.
وفي مخرج للازمة قرر المالكي استحداث هيئة جديد تحل بديلاً لهيئة اجتثاث البعث باسم هيئة المساءلة والعدالة تعيش الان حالة الشد والجذب بين مقررات الحكومة واعضاء البرلمان، بعد ان صوت مجلس الوزراء بالموافقة على تقديمها الى البرلمان بموافقة 18 وزيرًا من اصل 37، يمثلون الحاضرين منهم عقب استقالة بقية الوزراء.
وستضم الهيئة الجديدة quot;رئيسًا بدرجة وزير ونائب له اضافة الى سبعة اعضاء بدرجة مدير عام من ذوي الخبرة السياسية والقانونية ويراعى فيها التوازن في تمثيل مكونات المجتمع العراقي، وتحل حسب قرار البرلمانquot;، حسب نص قانون الهيئة.
وستعتمد هيئة المساءلة والعدالة على قوانين حددت لها تسمح بموجبها احالة جميع اعضاء حزب البعث الذين هم بدرجة عضو شعبه فما فوق الى التقاعد ويستثنى منهم اعضاء الفرق الذي لا يتمتعون بدرجات خاصة، وسمح القانون باحالة جميع منتسبي الاجهزة الامنية السابقة الى التقاعد او العمل في الدوائر المدنية، في حين منع القانون اعضاء منظمة فدائيي صدام من أي حقوق تقاعدية ناشئة عن عملهم في الجهاز المذكور.
وحدد القانون عدد من الاجراءات باثر تقدمي منع بموجبها اعضاء الفرق من العمل في الاجهزة الامنية الحالية والخارجية والمالية واشغال منصب بدرجة مدير عام فما فوق، كما منع الاعضاء السابقين الذين حصلوا على اللجوء السياسي او الانساني في أي دولة في العالم من أي حقوق.
ومنح القانون فترة اقصاها 60 يومًا لتقديم طلبات العودة للعمل او التقاعد لمن هم داخل العراق و90 يومًا للذين هم مقيمين في خارجه من تاريخ نشر القانون في الصحيفة الرسمية، وتلغى كافة الدرجات الوظيفية والعسكرية والاوسمة والالقاب لمن هم بدرجة عضو فرقة فما فوق بسبب انتمائهم الى حزب البعث، وستقوم الهيئة باحالة جميع من تثبت ادانته في قمع وقتل واضطهاد المواطنين ونهب ثروات البلاد.
وجاء القانون بلغة حادة وصارمة بحق البعثيين لم تكن اقل قساوة من هيئة اجتثاث البعث ولم تقدم تنازلات على هيئة اجتثاث البعث الا حق العودة للاعضاء غير القياديين وحق التقاعد لبعض منهم، إلا ان معارضة حادة جوبه بها هذا القانون من قبل بعض اعضاء البرلمان.
يقول فلاح شنشل عضو البرلمان عن التيار الصدري وعضو لجنة اجتثاث البعث quot; ان قانون المساءلة والعدالة جاء مخالفا للدسور في مواده 35 و7 و13 وعليه فإن أي سن لقانون يخالف الدستور غير معترف به، كما ان اعطاء حق العودة للوظيفة والتقاعد هو بحد ذاته يعتبر براءة لهم من جرائمهم في مقابل عدم منح ضحايا البعث في العراق أي تعويضاتquot;.
quot;ان هذا القانون يعتبر مخالفة دستورية واخلاقية ويجب تحقيق العدالة عبر انصاف الضحايا والابرياء الذين انضموا الى حزب البعث بالقوة اذا ما ثبت عدم ارتكابهم لجرائمquot; كما قال.
واضاف شنشل quot;ان القانون سوف لن يصوت عليه وسوف يرد الى مجلس الوزراء لاجراء التعديل فيهquot;.
وتعتبر المسودة النهائية هي الثانية بعد اجراء التعديل وبعد رفض لجنة اجتثاث البعث في البرلمان احالتها الى المناقشة والتصويت.
التعليقات