مازن عبد الواحد: دخلت القضايا الاجتماعية بقوة إلي حلبة الحملة الانتخابية للمرشحين الجمهوريين والديمقراطيين الطامحين للفوز ببطاقة الترشح للانتخابات الرئاسية. فقد أجرى 6 من المرشحين للفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي مناظرة ساخنة خصصت بالكامل لحقوق الشواذ في أمريكا، وذلك في سابقة تعد الأولي من نوعها في تاريخ الانتخابات الرئاسية في أمريكا. وقد تغيب اثنان فقط من الطامحين الديمقراطيين للوصول للبيت الأبيض هما السناتور جو بيدن (Joe Biden) والسناتور كريس دود (Chris Dodd).
وقد أجريت المناظرة في مدينة لوس انجلوس ( Los Angelis) مع هيئة من الصحفيين وناشطي منظمات الدفاع عن حقوق الشواذ وبثتها شبكة لوجو (Logo) للشواذ التي تبث بالكابل ويشاهدها أكثر من 27 مليون شخص في أمريكا، وكذلك على موقعها على الانترنت.
ويعتبر الشواذ كتلة تصويتيه مهمة في الانتخابات الأمريكية حيث تتراوح نسبتهم ما بين 4% إلي 6 % من الناخبين الأمريكيين، كما أنهم ينفقون أموالاً طائلة على الدعاية للمرشح الذي يَعِدهم بأكبر امتيازات وحقوق في حال انتخابه.
وخلال الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2004 أدت مسألة quot;زواج الشواذquot; إلى انقسام كبير بين الناخبين الامريكيين وإلى مسارعة اليمين الديني الى صناديق الاقتراع للتعبير عن رأيه بالتصويت لصالح الحزب الجمهوري الذي يرفض هذا الأمر.
فيما صوت أغلب الشواذ عادة لصالح الديمقراطيين حيث حصل المرشح الديمقراطي جون كيري (John Kerry) الذي هزم في الانتخابات الماضية على 77% من أصواتهم، مقابل 23% للرئيس الحالي جورج بوش (George W. Bush).

وعود بتقنين أوضاع المثليين
خلال المناظرة أيد 6 مرشحين ديمقراطيين دعمهم لإصدار قانون فيدرالي يحظر التمييز الوظيفي بحق الشواذ، كما أيدوا مشاركتهم في الخدمة العسكرية دون قيود، وما يعرف بالاتحاد المدني بين الشواذ (زواج غير رسمي).
وذكرت هيلاري كلينتون (Hillary Clinton) المرشحة الديمقراطية الأبرز للرئاسة الأمريكية أن موقفها المعارض من زواج الشواذ quot;موقف شخصيquot;. وقالت: quot;أفضل أن يكون تأييدي للاتحاد المدنيquot;. وأضافت: quot;نحن أوضحنا من قبل في بلادنا أننا نؤمن بالمساواة. أما كيفية حدوث المساواة الكاملة هو الأمر الذي نناقشه الآنquot;.
وذكرت كلينتون بالقانون المثير للجدل الذي اعتمد عام 1993 في ظل الولاية الاولى لزوجها بيل كلينتون وينص على امكان مثليي الجنس الخدمة في الجيش شرط التكتم على ميولهم الجنسية، على ان تمتنع القيادة من جهة اخرى عن توجيه الاسئلة الى اي شخص حول هذا الموضوع.
وأقرت بان تلك السياسة قد فشلت، وعبرت عن ندمها لانها لم ترد فورا على مسئول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وصف في الآونة الاخيرة الشذوذ الجنسي quot;بأنه أمر غير أخلاقيquot;.
أما المرشح الديمقراطي الأخر السيناتور باراك اوباما، فعلي الرغم من انتسابه لكنيسة quot;يونايتد تشرشquot; المؤيدة لزواج الشواذ، إلا أنه شدد على ضرورة تمييز مسألة الاتحاد المدني بين الشواذ عن كلمة الزواج، والتي تحمل صفة دينية بالنسبة لغالبية الناس، وقال :quot;الألفاظ من الممكن أن تكون هامة للبعض، ولكن ما أميل إليه هو التأكد أن الحقوق القانونية متوافرة للجميعquot;، في إشارة إلى وجود شكل قانوني يجمع زوجين من الشواذ.
أما المرشح الديمقراطي الثالث جون ادواردز (Johan Edwards) فقد شدد علي رأيه السابق بمعارضته لزواج الشواذ بسبب تدينه. وقال quot;لم يكن من اللازم ان اقول ذلك فلدينا رئيس حاول في السنوات الست الماضية فرض معتقداته الدينية على الشعب الأمريكي وسأحاول ألا افرض معتقداتي الدينية على الأمريكيينquot;، وذلك في إشارة إلي الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش.
وفي المقابل أعلن كل من دنيس كوسينيتش (Dennis Kucinich) والسناتور السابق مايك غرافل (Mike Gravel )، اللذان يحلان خلف اولئك المرشحين في استطلاعات الرأي، انهما يؤيدان زواج الشواذ. وتوقع غرافل (77 عاما) أكبر المرشحين سنا ألا تكون بعد 5 سنوات مسألة مثليي الجنس مطروحة في الحملات الانتخابية.

تحولات جوهرية في المعسكر الجمهوري
في المعسكر الجمهوري أدي إعلان فريد تومسون (Fred Thompson) الممثل المعروف والسناتور الجمهوري السابق عزمه خوض الانتخابات الرئاسية، إلى خلط الاوراق في المعسكر الجمهوري. وكان تومسون يجسد شخصيات في افلامه مستوحاة من الحياة السياسية من خلال تأدية ادوار قضاة يدافعون عن النظام والقانون او رؤساء لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA). وذكرت صحف أمريكية بأن مؤسسة مدافعة عن حق الاجهاض كانت بين زبائن تومسون وهو محام. الا ان مستشاريه غير قلقين على الاطلاق واكد احدهم لصحيفة واشنطن بوست quot;اذا تمكننا من تجاوز الشهر الاول فاننا بالتأكيد سنفوزquot;.
ويأتي إعلان تومسون Thompson ترشحه كمؤشر علي فشل أياً من المرشحين الجمهوريين الاخرين في السباق إلى البيت الابيض في فرض نفسه أما الناخبين مثل تقدم المرشحين الديمقراطيين الرئيسيين هيلاري كلينتون وباراك اوباما في استطلاعات الرأي.
وبين المرشحين الجمهوريين، رئيس بلدية نيويورك السابق رودولف جولياني (Rudy Giuliani)الذي تعرض لانتقادات من قبل قسم من الناخبين الجمهوريين الذين يأخذون عليه دعمه لحق الاجهاض ومواقفه المؤيدة للحد من حق حمل السلاح وquot;تعاطفهquot; مع مثليي الجنس. وخلال المناظرة التي أجرتها شبكة MSNBC في مايو مع المرشحين الجمهوريين اشتبك جولياني حاكم معهم، فيما يتعلق بالإجهاض والهجرة وحقوق الشواذ.
ورغم موقف جولياني إلا أنه بعد هزيمة الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس عام 2006، قرر المحافظون التحرك بشكل برجماتي لدعم جولياني، معتبرين أن بإمكانه جذب الناخبين الوسطيين، حيث اظهر استطلاع حديث أن جولياني بإمكانه هزيمة الديمقراطيين هيلاري كلينتون وباراك اوباما أي مناظرة بحسب MSNBC.
كما يرى المحافظون في الحزب وخصوصا المنبثقون عن اليمين المسيحي الانجيلي أن الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس Massachuetts ميت رومني (Mitt Romney)لا يمكن ان يكون موضع ثقة. ويعارض رومني الاجهاض والزواج بين مثليي الجنس، لكن خصومه ينتقدونه لامتناعه عندما كان حاكما عن الغاء حق الاجهاض.

في المقابل تتراكم العقبات امام سناتور اريزونا Arizona جون ماكين John Maccain الذي نافس جورج بوش خلال الانتخابات التمهيدية الجمهورية في عام 2000 وقد يضطر بحسب بعض وسائل الاعلام الأمريكية الى الانسحاب من السباق الى البيت الابيض. حيث وجد صعوبة في جمع الاموال وساهم هذا الامر جزئيا في تعطيل عمل الفريق المكلف حملته الانتخابية. وأظهرت استطلاعات الرأي أن ماكين لم يتمكن من احراز اي تقدم لانه لم ينجح في الحصول على رضا المحافظين الذين يأخذون عليه بانه دعم خطة لتسوية اوضاع المهاجرين السريين التي رفضها الكونجرس.
ورغم أن المحافظين الاجتماعيين قوة كبيرة داخل الحزب الجمهوري، إلا الحرب فى العراق، واستمرار التهديد الارهابي، والرعايه الصحية، والتعليم أصبحت على رأس اهتمامات الناخبين.
وفي العام الماضي أظهر استطلاع أجراه مركز ابحاث PEW أن القضايا الاجتماعية الكبرى مثل الاجهاض وزواج الشواذ جاءت في اسفل قائمة اهتمامات الناخبين ضمن 19 قضايا هامة أخرى. ويقول توم كاري Tom Curry محرر الشئون القومية في MSNBC quot;إن المحافظين الاجتماعيين ينبغي ان يواجهوا احتمال إلا يكون واحدا من أعضائهم مرشح الحزب الجمهوري، لأن القضايا المحافظة انتقلت إلي القضايا السياسية في السنوات القليلة الماضية.

غير أن مايك لونج Mike Long، رئيس الحزب الجمهوري في نيويورك، اعترض قائلا quot; سيذهب المحافظون للبحث عن انجع المرشح يمكن ان تعزز القيم المحافظةquot;. ويعود تاريخ الزواج المقدس الجمهوري المسيحي إلى عام 1979 عندما بدأ اليمين المسيحي يعي الطاقات الانتخابية الكامنة لدى جمهوره، الذي امتنع في السابق عن الانخراط في السياسة خشية إفساد الكنيسة. وبلغت العلاقة ذروتها في الانتخابات الرئاسية لعامي 2000 و 2004.

زوجات المرشحين يدخلن السباق
وثمة ظاهرة لافتة في الحملات الانتخابية الراهنة، حيث تحتل أخبار زوجات المرشحين للانتخابات الرئاسية مساحات واسعة في الاهتمام الأمريكي، فقد وصفت بعض الصحف جوديت جولياني Judith Guiliani زوجة جولياني بأنها وصولية وتشبه الرجال وسيئة جدا في التعامل مع اولاد زوجها. فيما أشادت صحف أخرى باليزابيث ادواردز Elizbath Edwards، زوجة جون ادواردز، المصابة بسرطان غير قابل للشفاء وتستقطب مناصرين متأثرين. وقد باتت اكثر شعبية من زوجها. الا انها استقطبت الاهتمام ايضا بعد توجيهها سلسلة انتقادات الى هيلاري كلينتون، حيث أكدت أن زوجها يدافع عن قضايا النساء بشكل افضل من هيلاري.
اما ميشال اوباما Michelle Obama، زوجة باراك اوباما، فقد اثارت جدلا واسعا خلال الايام الاخيرة بقولها ان quot;من لا يعرف كيف يدير منزله الخاص، لا يمكنه ان يدير البيت الابيضquot;. وفسرت الملاحظة على الفور على انها تستهدف هيلاري كلينتون التي عانت في السابق من مشاكل مع زوجها، الامر الذي نفاه الزوجان اوباما.
وجميع زوجات المرشحين يعملن، باستثناء آن رومني ِ Ann Romney التي تهتم بمنزلها وبابنائها الخمسة وتنشر على الموقع الخاص بالحملة الانتخابية وصفات الاطباق المفضلة لدى زوجها.
أما جيري تومبسون Geri Thompson زوجة الممثل فريد تومبسون، فهي محترفة في السياسة وتعمل منذ زمن طويل في الاوساط الجمهورية في واشنطن. والمرشحون الجمهوريون الذين يكونون تقليديا في الولايات المتحدة متمسكين بالقيم العائلية، كلهم مطلقون ومتزوجون من نساء اصغر منهم سنا. فجيري تومبسون اصغر من زوجها بـ24 عاما.
أما سيندي ماكين Cindy MacCain التي كشفت اخيرا انها كانت مدمنة على تناول الادوية المهدئة، اصغر من زوجها سناتور اريزونا الجمهوري جون ماكين ب18 عاما. اما اليزابيث Elizbath زوجة المرشح الديمقراطي دينيس كوسينيتش Dennis Kucinich، فهي اول زوجة مرشح استحدثت ثقبا في لسانها!