ربى أبو عمو:quot;جاية تساوي منخارك؟quot; سؤال يوجهه طبيب التجميل ما إن تطأ قدمٌ شابة عيادته، بعدما تحولت عملية تجميل الأنف إلى موضة. وإذا كان الموضوع في السابق يقتصر على كَسْر الراء (منخارِك)، فاليوم بات يجوز الوجهان (أي الفتحة والكسرة)، لينضم الرجال ببطء إلى قافلة المنكبين على عمليات التجميل. لم يتزوج فؤاد، الرجل الأربعيني، كي لا تفلت منه متعة هذه المرحلة وهو منهمك في مشاكل الأولاد. إذ يعتبر الرجل في أربعينه كالمرأة في ثلاثينها، لذا عليه أن يستغل جميع اللحظات. لم يكن فؤاد من المهتمين كثيرًا بالشكل، نتيجة بيئته المحافظة التي تعتبر ذلك عيبًا ومن الكماليات. لكن الوضع تبدّل بعد تحسّن وضعه المادي. فهو يستعمل اليوم كريمات خاصة لوجهه، ويصبغ شعره من وقت لآخر حين يشعر بحاجة ماسة إلى التغيير، ليخرج من بيته منافسًا للأناقة على حد قوله. كان يزعجه حجم أنفه قليلاً حين يتأمله في المرآة أثناء الحلاقة. وكانت تزداد المشكلة خصوصًا بعد تناوله للبهارات، التي تسبب إنتفاخًا أكبر في أنفه. واستمرّ فؤاد مدة سنتين، يلقّن نفسه يوميًا فكرة ضرورة الخضوع لعملية تصغير أنف، على الرغم من عدم سماعه أي إنتقادات. إلا أنه شعر دائمًا أن الجميع يتهامسون في الخفاء حول أنفه. لكنه فضّل كتمان إجرائه العملية عن محيطة حتى ينعتوه بالـ quot;فوفوquot;، معلقًا بإستهزاء quot;شيمتنا الصبرquot;.
كان الإعتراف هو سيّد الأدلة بالنسبة إلى نانسي عجرم، أصالة نصري، ميسم نحاس، اليسا، وغيرهن من الفنانات اللواتي لم ينكرن خضوعهن لعمليات التجميل مع إخفائهن لبعض التفاصيل.
على الرغم من أن الصور تعتبر دليلاً كافياً على تغير ملامح الكثير من الفنانات والفنانين الذين يصرون على الإنكار(وائل كفوري وعمر دياب من المشكوك بأمرهم.) فقد تحوّل عالم الفن الى صور، والفنان يحب أن يكون قدوة ومَثَل من خلال تقاسيم وجهه المدروسة، فكما يحق للشاعر بيدو انه يحق للفنان ما لا يحق لغيره من عمليات تجميل للوصول الى الكمال. ولو إعتمد المثل quot; القرد بعين أمه غزالquot;، لوجب على الجمهور أن يتحول إلى quot;أمهاتquot; من جهة، ولضاق وضع الجراحين من جهة أخرى.
بدأ ظهور جانو على الشاشة من خلال التمثيل في بعض الإعلانات، والمسلسلات اللبنانية، ثم إنتقل إلى العمل كـ quot; Modelquot;. كما شارك في كليب نانسي عجرم quot;سحر عيونوquot; وكليب quot;ناقس ريشوquot;، وأخيرًا في كليب للفنان غدي. يعتبر جانو أن الكذب على الجمهور هو الطريق الأول لخسارته، لهذا لم ينكر عدد عمليات التجميل التي أجراها. شملت العمليات أنفه الذي كان كبيرًا وquot;مطعوجًاquot;، على حد تعبيره، شفافه، رقبته التي عرضها للشفط من الخلف، خدوده التي كانت تبدو فارغة قبل النفخ. وإن كان عدد العمليات يبدو كبيرًا بالنسبة إلى شاب جامعي، إلا أن جانو لا يعتبر نفسه شخصًا مهووسًا.
التجميل: وسوسة شيطان
غالبًا ما يخضع الرجال من فئة الشباب إلى عملية تجميل الأنف بحسب الدكتور فؤاد البرّي، المتخصّص في جراحة الأنف والأذن والحنجرة وتجميل الوجه، إذ يعاني بعض الرجال من نتوء في عظمة الأنف، يمكن أن تكون وراثية أو نتيجة حادثة معينة في الصغر يتعرض لها الشباب أكثر من الفتيات، نتيجة نوعية الألعاب الصبيانية، من ملاكمة وكرة القدم وغيرها، ما يجعله أكثر عرضة للوقوع على الأرض وبالتالي احتمال تعرض أنفه للكسر.
أما الرجال الأكبر سنًا (فوق الـ 45 سنة)، فيهدفون بالدرجة الأولى إلى إزالة تجاعيد الوجه التي تدل على التقدم بالعمر. ويتم معالجة التجاعيد، التي تؤثر سلبًا على نفسية معظم الرجال، بإستخدام مادة الـ Botox وغرسها في الجبين وحول العيون، أو إستعمال مواد أخرى Fillers)) ليصبح المريض أصغر بعشر سنوات على الأقل.
بالنسبة إلى عملية تعديل الأنف، فيتم كسر عظمة الوسط، وإعادة عظام الانف الجانبية الى مكان أضيق مما كانت عليه للوصول الى الشكل المثالي، أو يتم quot;حفquot; العظمة النافرة، وذلك حسب الحالة. في الحالة الأولى، يحصل المريض على أنف أصغر وأجمل، وذلك على حساب صحته. فللعملية آثارها السلبية التي تتمثل في ضيق في التنفس وquot;شخيرquot; أثناء النوم واحتقان في الجيوب وتغيّر في الصوت مع الأيام بسبب التنفس بوساطة الفم، ما يؤدي إلى تضخّم في الأوتار الصوتية فيصبح الصوت quot;أجشquot; خصوصًا عند النساء، إضافة إلى ضعف حاستي الشم والتذوق. والدليل على ذلك quot;الزكامquot; الذي يؤدي إلى إنسداد داخل الأنف فتضعف حاستي الذوق والشم لدى المريض.
يعبر البري عن وجهة نظرة المضادة لعمليات التجميل، ويعارض ايضًا أشكال تزيين الرجل من الصبغة وغيرها بوجه عام معتبرا أن quot;الشيبة هيبهquot;، ويشير إلى ان العبث المتزايد في quot;خلق اللهquot; هو وسوسة شيطان. فالمرأة تأتي الى العيادة لترفع أنفها فتتسّع فتحتيه، ليغدو شكله كأنف الخنزير وهو ما يعرف علميًا بالquot; Pignoserdquo; أو تشد وجهها فيصبح أشبه بالقرد الذي يتمتع بجبين quot;مجعلكquot; وخدود خالية من التجاعيد، فيحرص على عدم تصحيح أي مشكلة إذا كانت وراثية وغير ناتجة عن حادثة، لكنه يضطر الى قبول حالات من هذا النوع الأول في أيام الشح المادي معتبراً هذا العمل من اللُممْ التي هي أقل درجة من الصغائر حسب الدين الاسلامي.
انطلاقًا من مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، نرى إنتشارا لمراكز التجميل المخصصة للرجال تقدم شتى الخدمات من الـ Fair، الذي ينعم الشعر والديفريزاج، وتطويل الشعر(extension) واستخدام السشوار وتنظيف الحواجب ورسمها بواسطة الشمع والملقط، وتنظيف البشرة على البخار وإستخدام السكر لإزالة الشعر من الجسم. كما أن ماركات التجميل العالمية بدأت تلتفت بشكل اوسع الى الرجل فأصدرت كريمات خاصة بالرجل لإلغاء التجاعيد وشد الوجه إضافة الى قلم لرسم الحواجب و ماسكرا وقلم للشفاه وبودرة للوجه.
فهل ستظل معادلة الجمال لصالح المرأة؟
كادر:
من الناحية النفسية، لا يعتبر الطبيب النفسي أحمد عياش أن اقدام الرجال على عمليات التجميل قد تحولت إلى ظاهرة. ويعتمد على دراسة كل حالة(رجل مقدم على عملية تجميل) على حدة. فهناك بعض الحالات المصابة بالوسواس والسرساب، فيعتقدون على سبيل المثال أن أنفهم قد يشكّل عائقًا أمام نظرة الآخر والعلاقات العاطفية. وغالباً ما تشتكي هذه الحالات من مشاكل أخرى بعد العملية بالرغم من عدم وجود مشكلة أصلاً. ويتوجب على طبيب التجميل أن يحيل هذه الحالات إلى الطبيب النفسي. ويضيف عياش أن التشوه في أي مكان في الجسم يحتاج إلى عملية ترميم. وفي ما يتعلق باهتمام الرجل بشكله من خلال الصبغة والأناقة واستخدام الكريمات لازالة بعض النتوءات من الوجه، بعتبر عياش ذلك ضروريًا لأنه يزيد من تألق الرجل وجماله. وينتقد مفهوم المجتمع الشرقي لأنه لم يعد هناك تقسيم بين المجتمعات بعدما وصلنا إلى الاندماج العالمي. ولا يعتبر ان المجتمع ينظر إلى الرجل الذي يخضع لعملية تجميل على أنه فوفو.
كادر:
تتعدى إهتمامات المرأة التجميلية بحسب فؤاد البري اهتمامات الرجل لتشمل الشفة العليا وتجاعيد الوجه وتعبئة الخدود. وتجسد هذه الإهتمامات الفرق بين المرأة والرجل الذي لا يهتم بتكبير الشفاه ورفع الحواجب، الأمر الذي يعتبره الطبيب مقنعًا، فمن غير المنطقي أن تكون شفاه الرجل كشفاه المرأة محشوة بالسيليكون، وخصوصًا إذا كان لديه شارب فسيكون شكله كاريكاتوريًا. ويختلف هدف المرأة عن الرجل، إذ أن غالبية النساء ينظرن إلى وجوههن ساعين إلى تحقيق الجمال المطلق، فينتقين أجمل العيون التي تتمتع بها النساء العربيات، وأنف الأوروبيات بإعتباره الأنف المثالي المستقيم، أي من دون نتوء في العظمة، إضافة الى صغر رأس الأنف الأوروبي. ويجب أن تكون الزاوية بين الشفة ورأس الأنف 105 درجات لدى المرأة و90 درجة عند الرجل، وهذا ما يراعيه الطبيب أثناء إجراءه العملية.
وعندما تهرم المرأة يتحول تركيزها على إزالة تجاعيد الوجه. ويضيف البري أنه إذا ترهلّت بطنها على أثر الولادة، تستطيع أن تخفيه بالثياب، لهذا تهتم بالوجه بدرجة أكبر.
التعليقات