خسرو علي أكبر من طهران:اذا كنت مسرعا للوصول في الوقت المعين لموعد هام أو لقضاء عمل يتطلب التنقل من مكان الى أخر في العاصمة طهران، حينها سيكون التنقل بدراجة نارية للآجرة خيارا مغريا ازاء ازمة السير المروري، وطوابير السيارات التي قد تتوقف لدقائق عن السير نهائيا، فهي الوسيلة الوحيدة لنقل المسافرين الراغبين في الوصول الى مقاصدهم.


ويزداد اقبال المسافرين على هذه الوسيلة على الرغم من المخاطر وحوادث السير التي وقعت في بدايات انتشار هذه الظاهرة، ولعل حرص سائقي هذه الوسيلة على رعاية بعض الضوابط المرورية واستخدام القبعة الواقية وعدم الاقدام على مجازفات ومغامرات اثناء السيارة قد ساهم في اقبال المسافرين على استخدام هذه الوسيلة.

تنقلتُ من تقاطع حافظ وسمية الى شارع فخر رازي مقابل جامعة طهرات، وهي مسافة لاتتجاوز 2 كيلو متر،بدراجة أجرة، كان سائقها يطلب مني أحيانا أن أضم ساقي تجنبا للاصطدام بالسيارات التي كان يمر من بينها رغم المسافة الضيقة، وأحيانا كنت أظن أننا سوف نسقط في ساقية الماء، طلبت منه أن يخفف من السرعة وان يتوخى مزيدا من الحذر، فاستجاب شاكرا، حينها استفسرت عن سبب تشكره، فقال أننا نجازف في اغلب الأحيان بضغط من المسافرين ونتعرّض للخطر للسبب نفسه، يظن بعض المسافرين أن الدراجة النارية بمثابة صاروخ عابر للقارات يوصله الى مقصده خلال ثوان. كلما أعود الى البيت تحمد زوجتي الله على عودتي سالما.

ولم تنجح محاولات شرطة المرور في القضاء على هذه المهنة المستحدثة في العاصمة طهران، خصوصا وأنها توفر فرص عمل للعاطلين ومنهم حاملو شهادات دراسية عليا.

وحسب سيامك فأنه يحصل على مايعادل 400 دولارا في الشهر الواحد من هذه المهنة وهو يفضلها على العمل منذ السابعة صباحا الى السابعة مساء في تنظيف الفنادق مقابل نصف هذا المبلغ quot; في الشتاء ينخفض عدد المسافرين، فأضطر الى اجراء تعديلات بسيطة على دراجتي لتكون مناسبة لنقل البضائع، هذه المهنة هي بمثابة محطة للعاطلين عن العمل، انها تنقذك من اهانة الافلاس ولكنها لن توفر الثراء أبدا quot;

بعد انتهاء موعدي في شارع فخر رازي، استاجرت دراجة اجرة نحو محطة الجنوب للباصات quot;ترمينال جنوبquot;، وهي مسافة طويلة وفرت لي فرصة التحادث مع السائق، حسين شاب في العشرينات من عمره، كان يقود الدراجة بطريقة معقولة،قال انه يقود الدراجة بجنون حينما يكون وحده، المغامرة حسب حسين ضرورة لابد منها في طهران في كل الاعمال والمهن، quot;نحن هنا في ماراثون، النيران وراءنا، والمتهاة أمامنا، لسنا وحدنا من يغامر، مع ذلك فاصحاب سيارات الأجرة ساهموا في تشويه سمعة مهنتنا وحذروا المواطنين منها، يضاف الى ذلك ترسبات النظرة السلبية لسائقي الدراجات في المجتمع الايراني، أعرف زملاء مهنة يجملون شهادة الماجستير وفي غاية التهذيب quot;
قلت لحسين : لقد رأيت سيدات يعملن سائقات سيارات أجرة، فهل من المحتمل أن تمارس السيدات المهنة ذاتها، فأجاب quot; هذه مشكلة أخرى، فلحد الآن لم يتم السماح للسيدات بقيادة الدراجة لسبب مضحك هو نظرة الرجل الشهوانية للمرأة التي تقود الدراجة، استبعد هذا الاحتمال لأنه يستدعي جلوس الرجل خلف المرأة وأن يتشبث بها أحيانا الى حد الاحتضان، وثمة تلامس بين جسدي السائق والمسافر لايمكن تجنبه وهذا يسبب في اشكالات شرعية حسب فقهاء الدين.

مجيد، شاب يعمل سائق اجرة امام احد الفنادق الكبيرة في ميدان توبخانة quot; أعمل في مطعم من الساعة الحادية عشرة الى الساعة الثالثة ظهرا، وأحصل على مائة الف تومان quot; مائة دولار quot; لاتكفي لامرار المعاش، لذا أعمل سائقا قبل وبعد فترة العمل في المطعم quot;.

أحد المسافرين الذين التقيتهم في شارع فاطمي قال ان طلب ذات مرة من سائق الدراجة أن يسرع بسبب ضيق الوقت فرفض السائق وقال انه لايجرؤ على ذلك فطلبت منه ان أقود بنفسي الدراجة النارية وأن يجلس خلفي، فوافق السائق وقدت الدراجة بسرعة وطريقة جنونيتين، ومع ذلك تأخرت على موعدي.

وقد سبق ان كتبت صحيفة quot;همشهريquot; التابعة لبلدية طهران عن مشروع ينظم نشاط وعمل دراجات الأجرة ويحول هذه المهنة الى صنف معترف به وتكون له نقابة تعنى بشؤون اعضائها، خصوصا وأن بلدية طهران كانت الرائدة في مزاولة هذه الطريقة حينما بادرت لنقل الطرود البريدية عبر الدراجات النارية، ولم ينجح هذا المشروع اذ لا أحد يريد أن يخضع لضوابط لمهنة هجينة، فأغلب سائقي دراجات الأجرة يمقتون هذه المهنة، جمال فرزاد يصفها بالوسيلة الوحيدة التي تنقذه من التكدي في شوارع طهران، أما حميد رضا فيقول انها مهنة غير قانونية، الدراجة النارية صنعت لنقل شخص واحد واستخدامها من قبل المسافرين يعد جنحة من الناحية القانونية، وفي حال وقوع حادث مروري يتسبب بالأذى للمسافر فان القانون لن يحميه ولن يعوضه عن الخسائر التي لحقت بهquot;.