بنديكتوس السادس عشر قبل دعوة لزيارة العراق لدعم السلام فيه
المالكي طمأن البابا على أوضاع المسيحيين واكد ضمان أمنهم

أسامة مهدي من لندن: طمأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر على اوضاع المسيحيين في العراق واكد حرص حكومته على امنهم وسلامتهم وقدم له دعوة لزيارة العراق quot;مهد الانبياءquot; حيث وعد البابا بتلبيتها بأسرع وقت وبحسب ظروفه .. فيما اشار الحبر الاعظم الى ان السيئين موجودون سواء كانوا مسلمين او مسيحيين وقال quot; نحن نعلم ان الارهابيين قاموا بنفس الاعمال الاجرامية ضد المسلمين والمسيحيين quot; .

وبحث المالكي مع البابا بمقره في حاضرة الفاتيكان اليوم العلاقات بين العراق والفاتيكان واستعرض تطورات الاوضاع السياسية والامنية في بلاده . واشار الى ان الارهابيين لم يستهدفوا المسيحيين وحدهم وانما جميع ابناء الشعب العراقي بجميع اطيافهم . وشدد على الحرص على استمرار تعايش المسيحيين مع بقية اخوتهم من العراقيين كما قال الناطق الرسمي بأسم الحكومة علي الدباغ في تصريحات في ختام الاجتماع . واشار الى ان اللقاء كان مثمرا واستغرق وقتا اطول من الذي كان محددا له .

وقد اطلع المالكي البابا على تطورات الأوضاع في العراق والتحسن الأمني الذي تعيشه بغداد والمحافظات كما قدم له دعوة لزيارة العراق وطمأنه بان الحكومة اتخذت إجراءات حازمة لحماية المسيحيين في العراق . وقد قبل البابا الدعوة ووعد بتلبيتها بأسرع وقت وبحسب ظروفه وعبر عن حبه للشعب العراقي . كما عرض المالكي على البابا الخطوات والإجراءات التي تتبعها الحكومة العراقية لنشر قيم التسامح والمساواة والعدالة والمصالحة الوطنية بين كل العراقيين وسعيها لبناء عراق ديمقراطي تتشارك فيه كل مكونات الشعب العراقي .كم قدم دعوة الى البابا لزيارة العراق وطمأنه بان الحكومة اتخذت إجراءات حازمة لحماية المسيحيين في العراق .

ومن جهته جدد قاسة البابا اهتمامه بالعراق ومتابعته للتطورات الايجابية التي حققتها حكومة الوحدة الوطنية لصالح جميع ابناء الشعب وقال quot; ان السيئين موجودون سواء كانوا مسلمين او مسيحيين ونحن نعلم ان الارهابيين قاموا بنفس الاعمال الاجرامية ضد المسلمين والمسيحيينquot; . واضاف quot;ادعو الله ان يعم الامن والسلام والاستقرار في ارض الرافدين ويعيش ابناء العراق في سلام ومودة وتعاون وأن يعمروا بلدهمquot; كما نقل عنه بيان صحافي لمكتب اعلام المالكي الى quot;ايلافquot; .

وبعد لقائه البابا ابلغ المالكي الصحافيين قائلا quot;كانت فرصة طيبة ان نلتقي قداسة البابا الذي وجدته مهتما بالعراق وداعما لحكومة الوطنية والنجاحات التي حققتها من اجل احلال الامن والسلام ومستنكرا للجرائم الارهابية التي يتعرض لها العراقيون على مختلف انتماءاتهم الدينية . ووصف كلام البابا بأنه يمثل ردا على ادعاءات اضطهاد الحكومة للمسيحيين . وقال quot;طلبنا من قداسة البابا تشجيع الاخوة المسيحيين المهاجرين على العودة الى العراق من اجل لم شمل الشعب العراقي ووجهنا له دعوة لزيارة العراق لدعم السلام والمحبة بين العراقيينquot; .

ودعا البابا دوما الى انهاء العنف في العراق ودان القتل والخطف في وقت سابق من العام الحالي لاسقف الموصل الكلداني الكاثوليكي باولوس فرج رحو. ولقاء المالكي هذا هو الثاني من نوعه لمسؤول عراقي رفيع حيث كان البابا قد استقبل في الخامس والعشرين من آب (أغسطس) عام 2005 وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري.

وقال المالكي لوكالة انسا الايطالية quot;اعرف ان البابا بنديكتوس السادس عشر يكن محبة كبيرة للعراق وهو يتألم لما يحصل في بلادناquot;. واضاف ان لقاءه مع البابا هو quot;احد الدوافع الرئيسيةquot; لزيارته الى ايطاليا. ومن جانبه اشار المتحدث باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي الى quot;الاهمية الكبيرةquot; التي ينطوي عليها هذا اللقاء نظرا الى quot;اشكالية السلام في العالم وفي هذه المنطقة التي تتمتع بأهمية قصوى في الشرق الاوسطquot; وquot;المشاكل الصعبة التي يعيشها الكاثوليك والمسيحيون عموماquot; في العراق. وتحدث لومباردي عن الهجرة quot;الاضطرارية الى حد ما لكثير من المسيحيين في العراقquot; .. واكد ان العراق quot;حاضر كل يوم في صلوات الباباquot;.

وتأتي زيارة المالكي هذه لحاضرة الفاتيكان ضمن جولته اوربية بدأها الاثنين الماضي بزيارة المانيا تبعها امس باخرى لايطاليا في اطار نشاط دبلوماسي عراقي واسع بعد ان تحركت الدول الاقليمية مؤخرا لتعزيزعلاقاتها ببغداد وشطب ديونها والحديث عن اعادة بناء العراق حيث عينت الامارات والبحرين والاردن والكويت سفراءها في بغداد . واستقبل العراق مسؤولين اجانب كبار مؤخرا بينهم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ورئيس الوزراء التركي طيب اردوغان والسياسي اللبناني رئيس الاغلبية البرلمانية سعد الحريري.
ويضم الوفد المرافق للماكي في جولته وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والزراعة والصناعة والمعادن والبلديات والاشغال العامة ومستشار الامن القومي ورئيس هيئة الاستثمار والناطق الرسمي بإسم الحكومة ومستشاري رئيس الوزراء السياسي والاعلامي اضافة الى عدد آخر من المسؤولين .

والجولة الاوربية الحالية هي الثانية لرئيس الوزراء العراقي خلال هذا العام بعد زيارته الى بلجيكا ومقر المفوضية الاوربية في بروكسل وهي تأتي في اطار الانفتاح الدولي والاقليمي على العراق . ويتفاوض الاتحاد الاوروبي على اتفاق للطاقة مع الحكومة العراقية وهو جزء من جهود الاتحاد لتقليص الاعتماد على النفط والغاز الروسيين حيث ان في العراق ثالث اكبر احتياطيات مؤكدة في العالم من النفط . وخلال الشهر الماضي فتح العراق حقولا رئيسية منتجة للاستثمار الاجنبي. وإلى جانب النفط تقول وكالة الاستثمار العراقية الجديدة ان المستثمرين قدموا مقترحات تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات في قطاعات مثل الاسكان والانشاءات والفنادق فيما يعد مؤشرا على ان البعض يري على نحو متزايد ان المخاطر الامنية يمكن ادارتها.

وتشير المعلومات الى ان حوالي نصف عدد المسيحيين العراقيين البالغ عددهم مليون و200 الف نسمة قد هربوا إلى الخارج بسبب أحداث العنف حيث تعرض قسم منهم لعمليات إجرامية كالخطف والتعذيب والقتل .

وتكررت عمليات اختطاف واغتيال رجال الدين المسيحي كما حدث عام 2005 عندما وقع بولص اسكندر أحد قساوسة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بيد جماعة مسلحة في أحد شوارع الموصل وطالب الخاطفين حينها بفدية دفعتها لهم أسرة القس إلا أن جثة الأخير وجدت بعد فترة ملقاة في شارع مقطوعة الرأس والأطراف. وفي مطلع عام 2005 خطف باسيل جورج القس موسى مطران كنيسة السريان الكاثوليك في العراق وأخلي سبيله فيما بعد. وفي كانون الأول (ديسبمر) عام 2006 اختطف في بغداد سامي الريس الكاهن في الكنيسة الكلدانية وأطلق أيضاً . وبعد أيام من اختطاف الأخير أعلن عن مقتل القسيس البروتستانتي منذر الدير البالغ من العمر 69 عاماً. وفي الثالث من حزيران (يونيو) عام 2007 تعرض قسيس كلداني يدعى رغيد كني لإطلاق نار من مجهولين قتل على إثره مع ثلاثة من الشمامسة بعد خروجهم من الكنيسة في مدينة الموصل.

وتعود اسباب استهداف رجال الدين المسيحيين الى عوامل عديدة منها : الدافع الديني للمتطرفين الذين يريدون إخلاء العراق من العناصر غير المسلمة .. ثم الدافع المالي الذي تعمل بناءً عليه عصابات إجرامية باستخدام الدين كذريعة لها في اختطاف رجال الدين وطلب فديات كبيرة لإطلاق سراحهم مستغلين الوضع المالي الجيد الذي تتمتع به الطائفة المسيحية العراقية .. اضافة الى أن المسيحيين لا يحظون كنظراءهم العراقيين من السنة والشيعة والأكراد بعلاقات عشائرية واسعة أو مليشيات مسلحة توفر لهم الحماية والأمن . كما لم تسلم الكنائس العراقية التابعة لمختلف الطوائف هي الأخرى من الهجمات الإرهابية والتفجيرات بين الحين والآخر.