تفاصيل مثيرة في دراسة عن الحالة الدينية في أميركا
تراجع المسيحية وصعود (اللادينية) و44% يغيرون عقائدهم!

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: أكدت دراسة عن الاتجاه الديني قامت بها هيئة كنسية أميركية عن الدين والحياة العامة ونشرت تفاصيلها صحيفة quot; النيويورك تايمز quot; ، أن أكثر من ربع الأميركيين الراشدين قد تركوا عقيدتهم الدينية التي تربوا عليها في طفولتهم واعتنقوا دينا آخر ،أو لم يعتنقوا أي دين على الإطلاق. وقد أظهرت دراسة بعنوان quot; الحياة الدينية في الولايات المتحدة الأميركيةquot; تنوعا كبيرا في الحياة الدينية داخل الولايات المتحدة الأميركية.

وإذا أضيف التحول الذي يحدث بين البروتستانت فإنه يبدو أن 44 في المائة من الأميركيين قد غيروا اتجاهاتهم الدينية. فقد لاحظ العلماء عبر جيل كامل ،أن أكثر الأميركيين قد غيروا عقائدهم الدينية و تضاءل الانتماء إلى طائفة دينية معينة. حيث أظهر التقرير أن كل دين يفقد أتباع ويكتسب آخرين ، ولكن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية هي التي شهدت أكبر الخسائر في أتباعها كنتيجة لتغيير الاتجاه الديني. كما يشير المسح أيضا إلى أن الطائفة التي تعد أكبر الجماعات اكتسابا للأتباع هي الطائفة التي لا تدين بدين ما. حيث يقول أكثر من 16 بالمائة من الأميركيين أنهم لا يتبعون أي دين معروف مما يجعل طائفة اللادينيين هي رابع أكبر الطوائف في البلاد.

ويقول ميشيل لندسى ،مساعد مدير مركز أبحاث العرق والدين والحياة الحضرية في جامعة رايس :إن الدين هو أكثر العوامل أهمية في توجيه الاهتمامات والسلوكيات العقائدية للأميركيين. إنه مؤشر قوي يشير إلى أين ستنتهي أميركا بسياستها وثقافتها والحياة الأسرية بها. وإذا أردت أن تفهم أميركا ،فيجب عليك أن تفهم الدين في أميركا.

وفي بداية فترة الثمانينات من القرن العشرين ،أشارت دراسة مسحية اجتماعية قام بها مركز أبحاث الرأي العام الوطني ،بأن من 5 إلى 8 بالمائة من السكان الأميركيين يصفون أنفسهم بأنهم لا يتبعون دينا معينا. أما الدراسة الحالية فتوضح أن 7.3 بالمائة من السكان يقولون بأنهم لا ينتمون إلى أي دين. وقد تزايد أولئك إلى نسبة 16.1 بالمائة من السكان الراشدين. وهؤلاء الذين لا يتبعون دينا معينا معظمهم من الرجال الذين هم دون الخمسين من أعمارهم. كما ذكرت الدراسة أن تقريبا حوالي واحد من كل خمسة رجال يقولون بأنهم لا يعتنقون دينا معينا ،مقارنة بحوالي 13 بالمائة من النساء.

وإن زيادة نسبة من لا يتبعون دينا معينا لا تعنى أن الأميركيين أقل تدينا. فعلى العكس من الافتراضات التي تقول بأن اللادينيين ملحدين ،فإن أغلبهم يقول أنهم لا يعتقدون في شيء محدد. ويقول الباحثون بأن الدراسات القادمة سوف تبحث بشكل أعمق في معتقدات وممارسات هؤلاء اللادينيين من أجل محاولة تحديد ما إذا كانوا سيظلوا على ما هم عليه الآن أم لا عندما يتقدم بهم العمر.

كما وجدت الدراسة أنه مع تزايد أعداد اللادينيين ،يتناقص أتباع المسيحية البروتستانتية. ففي السبعينيات من القرن العشرين ،كان المسيحيون البروتستانت يبلغون ثلثي السكان ،ولكن الدراسة الحالية وجدت أنهم يمثلون الآن 51 بالمائة من نسبة السكان. أما المسيحيون الأنجليكان فيمثلون أغلبية قليلة من البروتستانت ،كما أن أولئك الذين تركوا الاتجاه الأنجليكاني فقد انتقلوا إلى اتجاه آخر أكثر من اتجاههم إلى الخط الرئيسي للكنيسة.

وكما يقول ستيفن بروزيرو ،رئيس قسم الأديان في جامعة بوسطن: فإن العدد الأكبر من الأميركيين الذين يتركون الدين المعترف به ،والعدد الأكبر الذي يظل يعتنق المسيحية الإنجليكانية متساويان تقريبا. كما أن الاتجاه يكون ناحية اعتناق دين ما يتوافق وهوى الشخص ،وهذا ما يوفره الاتجاه الأنجليكاني. حيث أن الكنائس الأنجليكانية قد خففت من العديد من الممارسات الدينية عن الشباب. حيث أن الاتجاهات الدينية التي يتركها الأشخاص يقدمون دينا غير شخصي ،أما الاتجاهات التي تجتذب الأشخاص فتقدم ما يمكن تسميته بمعايير أقل صرامة والتي نجحت في استقطاب العدد الأكبر بسبب أنها لا تحتوي على رتب كهنوتية كثيرة بداخلها.

من المعروف أن نسبة المسيحيين الكاثوليك من الأميركيين كانت ثابتة لعدة عقود عند 25 بالمائة من السكان. وقد حدث الانحدار بين الأميركان الكاثوليك الأصليين ،حيث أن معظم الكاثوليك هم من المهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية. كما فقدت الكنيسة الكاثوليكية كثيرا من أتباعها أكثر من أية طائفة أخرى ،فحوالي ثلث من شملتهم الدراسة أجابوا بأنهم لم يعودوا كاثوليك. وقد أظهرت الدراسة أن هذا يعني أن 10 بالمائة من الأميركان من الكاثوليك.

وقد وجدت الدراسة أيضا أن الهجرة مازالت تؤثر بشكل كبير في ديانة الأميركان. حيث أن أغلب المهاجرين مسيحيين نصفهم كاثوليك. أما طائفة المسلمين فتمثل الطائفة المنافسة لكونها تضم عائلات كبيرة. أما الهندوس فهم أكثر الطوائف الدينية تعليما وثراء.

ويقول البروفيسور بروزيرو: اعتقد أن السياسيين سوف ينظرون إلى هذه الدراسة من أجل معرفة الطائفة الدينية الأهم التي يجب أن يتوجهوا إليها بأهدافهم. فإذا كانت الطائفة الهندوسية غير ذات أهمية ،فلن يشغلوا أنفسهم بها. ولكن إذا كانت الأكثر ثراء فسوف يهتمون بها. ويقول الخبراء أن التنوع الكبير في الاتجاهات الدينية يمكن أن يؤدي إلى صراعات بشأن الأمور الأخلاقية والسياسية أو وجود تكتلات جديدة على قضايا معينة ،كما حاول الدينيون التغيير أو كما يفعل اليهود والهندوس في علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل والهند. إن هذا الأمر يعد أساسا للجدل ،كما أنه قد يؤدي إلى بعض أنواع التحالف ،ولكن التنوع يقطع الطريق على كلا الاتجاهين.