عرب لندن ناجحون ونشطاء ولكن غير مؤثرين في الحياة السياسية
صلاح حسن من لندن: لا يأتي العربي إلى لندن دون إن يمر بشارع quot; اجور رود quot; الشارع الذي يطلق عليه مرة اسم الحي العربي أو شارع العرب والى الكثير من التسميات التي ترتبط بالعرب بشكل خاص. كل شيء في هذا الشارع يدل على وجود العرب في بريطانيا ابتداء من اللغة المكتوبة على واجهات المحال التجارية واليافطات والسحنات العربية والملابس وحتى رائحة الطعام التي تتسرب من أبواب المطاعم التي تنتشر على جانبي الشارع. أنها نكهة الطعام العربي المضمخ بالتوابل والروائح الزكية التي تثير شهية العربي مباشرة وخصوصا الطعام اللبناني المعد بعناية فائقة.
يعد هذا الشارع شريان الاقتصاد العربي بشكله المصغر في بريطانيا، اذ يوفر لزواره كل ما يحتاجونه من السلع ابتداء من تصريف العملات وانتهاء بشراء القصور والفلل وعقد الصفقات التجارية الكبيرة. اغلب العاملين في هذا الشارع من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهنود وبعض البريطانيين وقليل من الانكليز، لكن اللغة الطاغية في هذا الشارع هي اللغة العربية دون منازع.
زوار هذا الشارع أيضا من العرب واغلبهم من الشرق الأوسط يجيئون إلى هنا بعد إن يتموا مشاغلهم الأساسية التي غالبا ما تكون لها علاقة بالعلاج أو بالتجارة أو الدراسة. وبالرغم من إن هذا الشارع أو هذا الحي من أهم الشوارع في العاصمة البريطانية اقتصاديا واجتماعيا، إلا إن ما يليه من شوارع وخصوصا من جهته الشمالية التي تقطنها جاليات عربية مثل العراقيين والصوماليين يقدم صورة مختلفة تماما عن الوجود العربي في بريطانيا هذه المنطقة تعد امتدادا لشارع اجور رود واسمها quot; نيو اجور رود quot;. اغلب هؤلاء هم من المهاجرين الجدد إلى بريطانيا من بعض الدول الأوربية المجاورة ومن هولندا بالتحديد. يسمع الزائر لهذه المناطق صوت صفارة الشرطة بلا انقطاع لوجود مشاكل كثيرة في هذه المنطقة التي يطلق عليها البعض المنطقة الرمادية. اذ تنتشر الأوساخ في هذه الشوارع بشكل طاغ وتكثر الفنادق الرخيصة القذرة وبالمقابل لا يشاهد المرء وجوها شقراء أو بيضاء، اذ سائر الساكنين من السود الجامايكيين والصوماليين والعراقيين.
هجرة داخل الهجرة
خلال جولتنا في هذه المنطقة التي رافقنا فيها احد العراقيين الشباب الذي انتقل من هولندا إلى لندن قبل أكثر من سنة من اجل الدراسة ولم ينجح في التوفيق بين الدراسة والعمل.. حدثنا عن الوضع المزعج في هذه المنطقة وقال انه يستأجر غرفة حقيرة في احد الفنادق الرخيصة لأنه لا يستطيع الحصول على سكن ولا يستطيع إن يستأجر غرفة معقولة بسبب ارتفاع الإيجارات غير المتوقع. أضاف انه ترك الدراسة لان الاتحاد الأوربي لم يدفع التكاليف وانخرط في عمل لا يجيده ولا يحبه من اجل إن يواصل العيش فقط وانه نادم على ترك هولندا التي كان يحصل فيها على كل شيء بشكل معقول للغاية بالإضافة إلى علاقاته الاجتماعية المميزة التي يفتقدها ألان.
أثناء تجوالنا في المنطقة شاهدنا سوبر ماركت جديدا يعود لأحد العراقيين القادمين من النرويج يهم صاحبه بتعليق يافطة تحمل اسم المحل وسألناه كيف تسير الأمور فقال: سمعنا من أقاربنا الذين يعيشون هنا منذ فترة طويلة إن مهاجرين عراقيين جددا بدأوا يسكنون في هذه المنطقة لذلك قمنا بافتتاح هذا المحل الذي نوفر فيه أطعمة وخدمات تستفيد منها الجالية الجديدة وهي فرصة لنا كي نجرب حياتنا في لندن بعيدا عن برد وثلوج النرويج التي لا تنقطع طيلة ايام السنة.
عالم أخر
هذا الوجه الكالح ليس هو الوجه الوحيد للعرب في لندن لان هناك أماكن كثيرة يتواجد فيها العرب رغم قلتها إلا أنها تعكس الوجه الآخر للعرب الذين سكنوا في لندن منذ سنوات طويلة وبنوا مستقبلهم بشكل يثير الفضول. فهناك الأستاذ الجامعي اللامع والصحفي المشهور والتاجر الناجح والسياسي الذي بدأ يتسنم المناصب العليا ويشارك في صناعة السياسة البريطانية. محمد الفايد اسم عربي يتكرر على كل لسان ومحلاته الشهيرة مقصد كل سائح، هذه المحلات التي تقع في أهم المناطق اللندنية وتحيط بها شقق كثيرة لأثرياء عرب وساسة تصل أسعارها إلى ملايين الدولارات تعكس وجها أخر للعرب في بريطانيا.
جاليات نشطة وجاليات خاملة
يتميز اللبنانيون في بريطانيا عن باقي الجاليات بالعمل الجاد في كل شيء، فأغلب المطاعم وصالات الترفيه في لندن لهم وأكثر أعمال بيع وشراء البيوت متوقف عليهم. ليس هذا فحسب فهم يقدمون المشورة لكل باحث عن فرصة في التجارة ويعدون الأكثر نجاحا في هذا المجال. يلي ذلك المصريون الأقباط الذين هاجروا إلى بريطانيا منذ زمن طويل وهم نشطون وناجحون في كل شيء تقريبا. إما العراقيون وهم اكبر جالية عربية هناك فمتخصصون في الطب والتدريس في الجامعات بالرغم من تزايد أعداد العاطلين عن العمل فيهم. الجالية اليمنية رغم أنها كبيرة في بريطانيا لكن المرء لا يسمع الكثير عنها كما هو حال الجالية المغربية، ولكن على الأقل فالمغاربة هناك متخصصون في تقديم كل ما يسعد الإنسان الباحث عن السعادة.
التعليقات