السليمانية: quot;أنتحرت أختي قبل سنوات. أحرقت نفسها بالنفط وتركت وراءها خمسة أطفال وندمت على فعلتها في المستشفى قبل أن تموت, لا أعرف كيف جاءتها الفكرة الا أنها كانت تعاني من مشاكل كثيرة مع زوجها وأنتهى الحال بها ميتةquot;.
هذا ما تقوله بمرارة نسرين، كردية من محافظة السليمانية، وهي تتذكر أختها التي أحرقت نفسها بالنار في مشهد تقول الناشطات النسائيات بالاقليم وبعض المنظمات المدنية النسائية انه يتكرر 400 مرة في السنة.
وتموت الضحايا على الأغلب قبل ان تصل المستشفى ومن لم يكتب لها الموت تظل تعيش حياة مريرة ومعاناة اضافية اشد مرارة.
تحاول س 29 سنة، من قضاء جومان بأقصى شمالي العراق ان تخفي وجهها المشوه بالحروق بوشاحها الأسود وهي تقول للوكالة المستقلة (أصوات العراق) quot;ليتني مت آنذاك (...) كنت اتمنى الموت، كانت معاناتي كبيرة مع زوجي وأهله حتى لم يعد لدي أي أمل في أن اعيش حياتي فلجأت الى الموتquot; لكن س كتب لها ان تعيش بعد ان رقدت في المستشفى اياما..
quot;وبعد خروجي من المستشفى مشوهة الوجه والجسد طلقني (...) ليتني طلبت الطلاق بدلا من احراق نفسي أو ليتني مت بدلا من تشوهي هكذاquot; تقول س وبصوت محتبس والدموع تترقرق في عينيها.
وتأتي معظم هذه الحوادث نتيجة انهيار لعلاقات اسرية من دون ان يخلو ذلك من استجابات آنية غير محسوبة تنتاب احداهن في لحظة غضب كما في حالة تارا (34 عاما).
تقول quot;أنا مدينة بحياتي لزوجي، فقد دخلنا قبل ثلاث سنوات في مشادة عنيفة أنتهت بي بأخراج خزان النفط من المدفأة لاسكبه على رأسي دون تفكير. وقد كان هو في اشد اوقات غضبه وللحظة احسست أنه سيخرج الولاعة من جيبه ليضع حدا لكل شيء لكنه أمسك بي وأخذني الى الحمام وسكب الماء علي ليزيل النفط عني (...) ومنذ ذلك اليوم انتهى الخلاف بينناquot;.
وتمضي تارا وهي تحاول ان تسترجع تلك اللحظات quot;لقد كانت لحظة رهيبة كنت مرعوبة من ان ييشعل ولاعتهquot; وتعترف بأن تصرفها كان quot;طائشاquot;.
وتفسر مديرة مركز نوا للنساء في السليمانية هذه الحالات بالياس الذي يصيب بعض النساء.
تقول ديمن محمد بايز quot;ليست هناك أمرأة تقرر انهاء حياتها أذا كانت تملك بصيصا من الأمل فهي تحرق نفسها حين تفقد اخر بصيص من النورquot; ولا يتبقى لها أي علاج آخر.
وتعتبر بايز القضية مرتبطة بمسألة السلطة فحين quot;تفقد المرأة كل السلطة على حياتها وتفقد الأمل تلجأ للنار كمنقذ لهاquot;.
وحسب كزال 19 سنة من اهالي بلدة جبلية صغيرة في محافظة اربيل، فان هذه الظاهرة موجودة اكثر في المدن من الارياف.
quot;فمنذ صغري لم اسمع سوى بفتاة واحدة أحرقت نفسها لأن حبيبها تقدم لأختها وحين تزوجا أحرقت نفسهاquot; تقول كزال وهي تدافع عن الضحية بحماس quot;لا أحد يستطيع لومها، فهذا مؤلم وهي محقةquot;.
ويشاطرها الرأي، ازاد محمد دزيي معتبرا ان ظاهرة انتحار النساء بحرق انفسهن تندر بالقرى وتجلب الخزي لعائلة الضحية.
quot;لقد قضيت فترة طويلة من عمري في القرية ونحن ننظر دائما لهذه الظاهرة كظاهرة معيبة ووصمة عار على العائلة التي تحرق احدى نسائها أو بناتها نفسها، كما أن الدين حرم قتل الذات وهي بذلك تلحق العار بعائلتها و تحرم نفسها من رضا الله quot; يقول ازاد في لهجة مستنكرة وهو يفرك مسبحته السوداء بين يديه.
ومن الناحية النفسية يرجع المشرف التربوي المختص بعلم النفس نبيل محسن الانتحار عموما الى بلغ حالات الاكتئاب.
ويقول ان قتل النفس آخر مرحلة من الاكتئآب. فالمرأة التي تقدم على هكذا عمل quot;تفعله عن غير وعي خاصة عندما تفقد الأمل في أن يفهمها أو يصدقها الآخرون ويلاحظ غالبا أنها تندم على فعلتها أذا ما كتب لها النجاةquot;.
وتوافقه الطبيبة فينوس 30 عاما من السليمانية، قائلة ان أغلب النساء اللواتي يحرقن أنفسهن يندمن على فعلتهن قبل ان يتمكن منهن الموت أو أذا ما كتب لهن البقاءعلى قيد الحياة ألا أن هناك نساءا يفعلن ذلك بقناعة تامة ويتمنون الموت حتى لو لم ينجحوا في الانتحار بل يعدن الكرة اذا استمرت الضغوط.
أما قانونيا فت تبعات انتحار النساء لا تتعدى حسب القانونية أوزدن حسين رحمن quot;بعض الأجراءات الشكلية التي يتعرض لها الزوجquot;.
التعليقات