رشيد صوفي/ نيوزماتيك/ دهوك: يعمل يونس زاهر بيرو، وهو أحد الوجوه الغجرية البارزة في دهوك، على بناء علاقات بين قبائل الغجر وكافة مكونات المجتمع في المنطقة، بهدف فك العزلة عن أبناء قوميته، ودمجهم في المجتمع.
ويقول بيرو لـquot;نيوزماتيكquot;، إنه يحاول، جاهداً، تعريف الغجر بالمجتمع، ويعمل على الأصعدة الثقافية والاجتماعية والإدارية لفتح قنوات للتفاعل بين الغجر والآخرين، ويرى أن جهوده أثمرت إلى حد ما، إذ استطاع مع مجموعة من أصدقائه تأسيس مركز ثقافي خاص بالغجر في منطقة quot;الوكاquot; غرب مدينة دهوك.
ويشير بيرو 42 سنة، إلى أن الغجر مكون من مكونات المجتمع الكردستاني، ساهموا قدر بإغناء تراثه خاصة في مجالي الفن الشعبي والحرف اليدوية، لكنه يضيف، وبحسرة، quot;لحد الآن لازال المجتمع ينظر للغجر بنظرة متدنية كون الغجر من الناس البسطاء والرحل وأغلبيتهم من الأميينquot;.
ويبين بيرو، الذي يعمل الآن على تأليف كتاب خاص بتاريخ الغجر وحياتهم، أن عدداً من الغجر تم تعينهم في المؤسسات الحكومية كالشرطة والدوائر الخدمية الأخرى، ويؤكد أن quot;لهذه التعيينات دور مهم في تغيير نمط حياة الغجر، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمعquot;.
ويقول بيرو إنه quot;لتلك الأسباب بقيت شريحة الغجر مهمشة في العراق، حتى أن العديد منهم لم يحصلوا على الجنسية من جميع الحكومات العراقية المتعاقبةquot; حسب تعبيره.
ويشير بيرو إلى أن معظم الغجر في إقليم كردستان العراق هم من القومية الكردية، بالإضافة إلى عدد قليل من التركمان أيضا، quot;وهم يتواجدون في مناطق دهوك، وزاخو، والسليمانية، وأربيل، وكركوكquot;، ويصل تعدادهم إلى حوالي 3500 عائلة، معظمهم يتمتعون بالجنسية العراقيةquot; حسب قوله.
يونس، 40 سنة، يحبذ تسمية quot;هوستاquot; بدلا من quot;غجرquot;، التي تعني بالكردي quot;قرجquot; إذ يقول إنها كلمة تركية واصلها من quot;قرجquot; وتعني quot;بيت شعرquot;، أي الخيمة المصنوعة من شعر الماعز، والتي غالبا ما يسكنها الغجر.
ويفتخر يونس بكلمة quot;هوستاquot; والتي تعني quot;الصانعquot;، ويقول quot;نحن ساهمنا في إغناء الحرف اليدوية في إقليم كردستان، وصناعة المهد والغربال والمنجل والسلال والأواني الخشبية، من نتاج آبائنا وأجدادناquot;، ويضيف quot;معظم الغجر لا زالوا يمارسون تلك الحرف لحد الآن، إضافة إلى عطائهم في مجالات الفن والغناء والموسيقى الشعبيةquot;.
وتقول سوزان ميرو، 23 سنة، لـ quot;نيوزماتيكquot; إنها تعلمت القراءة والكتابة من خلال دورة خاصة افتتحت لتعليم الكبار وأنها استطاعت أن تطور قدراتها وهي الآن تنوي إكمال المرحلة المتوسطة من دراستها، وتضيف quot;تخليت عن التسول الذي كنت أمارسه لكسب العيش، بعدما تعلمت القراءة والكتابة ما مكنني من الحصول على عملquot;.
أما جانكير قادو، 45 سنة، غجري يعمل سائق تاكسي، فيقول إنه خلال العشرة أعوام الماضية استطعنا ممارسة مهن أخرى بدلاً من الحرف التي توارثناها عن أجدادنا، وهذه الأعمال فتحت أمامنا فرص التفاعل مع المجتمع ولو بشكل محدود، وساهمت في تغيير أسلوب حياتناquot;.
عبد الرحمن موسى، 36 سنة، من سكان قرية quot;الوكاquot; ذات الغالبية الغجرية في دهوك، يقول لـ quot;نيوزماتيكquot; إن quot;السبب الرئيس وراء تخلف الغجر هو ترحالهم المستمر من مكان لآخر ما يؤدى إلى تخلف أطفالهم عن الالتحاق بالمدارس، الأمر الذي ينعكس على الوضع الثقافي العام للغجرquot;.
ويضيف موسى quot;في عهد الدولة العثمانية كانت معظم قبائل المنطقة ومن ضمنها نحن ترحل إلى المناطق الجبلية في فصل الصيف وتعود إلى أماكنها في الشتاء لكون معظمها كانت من رعاة ومربي المواشيquot;.
وبعد سقوط الدولة العثمانية وترسيم الحدود الدولية بين العراق وتركيا، لم يتمكن أبناء قبيلة عبد الرحمن موسى من إيجاد مكان لهم مثل بقية القبائل الموجودة في المنطقة بسبب مواصلة ترحالهم، حسبما يقول موسى، ويضيف quot;وقتها لم نعد نملك أرضا ما اثر سلبا على تطوير أسلوب حياتنا وبقينا شبه معزولين عن القبائل الأخرىquot;.
ويحاول موسى، الذي يعمل الآن في مجال الكومبيوتر، إقامة مركز للانترنت في مدينة دهوك، ويقول إنه ينظر بتفاؤل إلى إمكانية تطوير مجتمعه في المستقبل وأنه لاحظ تطورا بالفعل، خلال السنوات الأخيرة ويضيف quot;خاصة بعدما أسست حكومة إقليم كردستان مدرسة خاصة بأطفال الغجر التي تعد الأولى من نوعها، وقد أدت دورا كبيرا في نشر التعليم بينهم وساهمت إلى حد ما في إحداث تغيير في الجيل الجديد من الغجرquot;.
التعليقات