عبد العظيم بدران منطهران: تشهد العلاقة الإيرانية بالدول المجاورة تقاطعات وتحالفات متشابكة، فثمة الوجود الأمريكي في العراق، واتهام بغداد لطهران بدعم الميليشيات المسلحة مادياً وعسكرياً والتدخل في الشؤون الداخلية. وهناك الإعلان الرسمي الإيراني بدعم جهود العراق في استقرار الوضع الأمني، فضلاً عن ذلك ثمة الوجود الأمريكي في العراق، وموقف إيران المعادي له، ثم اتهام العراق لسورية، الحليف الأبرز لإيران، بتسهيل دخول المتسللين إلى الأراضي العراقية لتنفيذ هجمات انتحارية، والعلاقات الإيرانية الخليجية المتوترة بسبب قضية الجزر الإماراتية، والحديث عن ضربة عسكرية إسرائيلية أو أمريكية لمفاعل إيران النووي.
وعلى مستوى الساحة المحلية هناك حساسية الرقابة في مؤسسات الدولة الإيرانية من نقل التجاذبات السياسية المتعلقة بالشأن الداخلي. أضف إلى ذلك الآثار النفسية والاجتماعية لحرب الثماني سنوات بين العراق وإيران. كل هذه الخريطة السياسية الملبدة والمعقدة كيف يتعامل معها الصحفي العراقي المقيم في إيران؟
يقول مدير مكتب قناة quot;العراقيةquot; في طهران وجيه عباس هادي في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;السياسة التي ترسمها الدولة العراقية ملزمة لعمل مكتبه، بما فی ذلك الابتعاد عما تفرزه تجاذبات الأحداث اليومية في المجتمع الإيرانيquot;.
ويوضح هادي quot;بصفتنا قناة الدولة الرسمية العراقية علينا التحرك وفق ما ترسمه سياسة الدولة وعدم إطلاق الآراء الشخصية التي يتم تأسيسها من خلال الإحداث اليومية في المجتمع الإيرانيquot;.
ويضيف مدير مكتب قناة quot;العراقيةquot; quot;نحن نسير في منطقة عبور إعلامي غير آمن وسط تجاذبات إقليمية، الكل فيها يريد تنفيذ أجندته السياسية على أرض العراقquot;.
وحول تفاعل الشارع السياسي الإيراني مع الإعلامي العراقي يصف هادي الشارع الإيراني بأنه quot;شارع مسالم، لا يعير انتباها لمن لا يعرف لغته معرفة حقيقيةquot;، مشيرا إلى انه quot;يتفاعل مع الشارع الإيراني أكثر مما يتفاعل الشارع الإيراني معهquot;.
وقناة quot;العراقيةquot; تابعة لشبكة الإعلام العراقي تأسست بعد سقوط النظام في التاسع من نيسان العام 2003.
لا توجد مشكلات!
من جانبه يبدى مراسل قناة quot;آفاقquot; الفضائية مزهر الكنعاني ارتياحه للعمل في أجواء المجتمع الإيراني، لافتا إلى أن quot;العمل لا يحمل أية مشكلات، لأن التوجه الذي تتبناه القناة التي يعمل لصالحها توجه إسلامي، وهو ينسجم إلى حد كبير مع توجه الحكومة الإيرانيةquot;.
ويوضح الكنعاني في حديثه لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;التعليمات التي تردنا، دائماً، من مركز القناة هو الابتعاد عما يثير حساسية الطرفين العراقي والإيراني ومحاولة التركيز على الروابط وعلاقات حسن الجوارquot;.
ويضيف quot;نسعى جاهدين لتطبيق ذلك دون التطرق إلى الأمور الحساسة وتجاذبات السياسة الإيرانية الداخليةquot;.
ويقول مراسل قناة quot;آفاقquot; الفضائية إن quot;السبيل إلى العمل في إيران واضح فهناك مؤسسة رسمية يمكن الحصول من خلالها على تصاريح بالعمل وبعد ذلك يمكن لأي شخص إعداد ما يحلو له من التقارير وفق السياسات العامة للبلادquot;.
ويلفت الكنعاني إلى أن quot;مساحة الحرية للعمل الصحفي في إيران قد لا يجدها آخرون في بلدان عربية، فهناك قنوات تناولت شؤونا داخلية إيرانية وعادات وتقاليد المجتمع الإيراني، وأبرزت جملة أمور قد تمس الحكومة وما تزال تعمل حتى اليوم دون أن يتعرض لها احدquot;.
وتعود قناة quot;آفاقquot; الفضائية لحزب الدعوة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وكانت بدأت بثها التجريبي أواسط العام 2007، قبل أن ينطلق بثها الرسمي لاحقا، وهي قناة منوعة ذات طابع إسلامي.
ذاكرة الحرب
يعتبر مراسل قناة quot;السلامquot; الفضائية هاني الخاطر، في حديثه لـquot;نيوزماتيكquot; العمل quot;على الساحة الإيرانية أمراً صعباquot;، معللاً ذلك quot;بالحرب بين العراق وإيران وآثارهاquot;.
ويصف الخاطر الصعوبة التي يواجهها المراسل العراقي في إيران بأنها quot;طبيعية ولها مبرراتهاquot;، مشيراً إلى أن quot;المراسل لو كان في بلد آخر لواجه تهمة الانتماء إلى إيران، وهي أطروحة لها جذورها في الشارع السياسي العراقيquot;.
ويقول الخاطر إنquot;هناك من يتقبلنا في الشارع الإيراني ويتعاون معنا لأننا من بلد بأكثرية شيعية، وهناك من يرفض وجودنا تماماًquot;.
ويوضح مراسل قناة quot;السلامquot; quot;نحن نسعى إلى أن نختط لنا منهجا بين إرادة الحكومة العراقية والشارع الإيراني الأمر الذي يفرض علينا تجنب نقاط الخلاف، أو ما يثير الحساسيةquot;.
ويشير إلى أن من quot;الأمور الممنوعة في علمنا التطرق إلى انقسامات وخلافات الشارع الإيراني ونقل حيثيات الصراع السياسي، لذا نهتم بنقل حضارة وثقافة الشعب الإيراني وايجابيات السلوك المجتمعي بما يخدم مجتمعنا ويقدم له صورة للتواصل مع المجتمعات الأخرىquot;.
ويلفت مراسل قناة quot;السلامquot; إلى أن quot;العمل في الساحة الإيرانية يتطلب ترخيصا من الجهات المختصة إذا أردنا تصوير مكان ما وهي حالة جيدة لتنظيم العمل لكنها تكبل حرية العملquot;.
قناة quot;السلامquot; الفضائية، قناة إسلامية ذات برامج منوعة، يديرها ويشرف عليها عضو الجمعية الوطنية السابق حسين هادي الصدر.
تقاطع في التسميات
يقول مراسل قناة quot;الفرات الفضائية زين العابدين الحيدري لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;المشكلة التي تواجه العمل الصحفي في إيران تتمثل بطبيعة التمسيات التي قد تتقاطع بين سياسات العراق وإيران، فهناك تسميات كالخليج العربي والخليج الفارسي، تمثل تقاطعاً بين سياسات البلدين ربما تضع المراسل في حيرة من أمره بين أتباع سياسات البلد الرسمية أو الخضوع لسلطة البلد الذي يقيم ويعمل فيهquot;.
ويوضح الحيدري quot;التوجيهات التي وصلتنا من الجهات العراقية مفادها عدم إثارة الأمور التي من شأنها تأكيد العنصرية التقليدية العربية والفارسية، والتي ربما كانت سبب التقاطع الرئيسي السابق بين العراق وإيرانquot;.
ويذكر مراسل quot;الفراتquot; الفضائية أن quot;الشارع الإيراني يحترم أداء عملنا ربما بشكل اكبر مما يقدمه لنا الشارع العراقي بغض النظر عن الهوية لدرجة أكاد أقول فيها إن الشارع الإيراني يحترمنا أكثر مما يحترم المراسل الإيرانيquot;.
وتتبع قناة quot;الفراتquot; الفضائية للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة عبد العزيز الحكيم، وهي قناة منوعة ذات طابع إسلامي ولها مكتبان في إيران أحدهما في العاصمة طهران والآخر في قم.
يذكر أن وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية تهتم، ضمن دائرة خاصة لشؤون القنوات الأجنبية العاملة في إيران، بتنظيم عمل ما يقارب 115 مكتباً لقنوات من مختلف أنحاء العالم تعمل على الساحة الإيرانية. وتصدر الوزارة باجات خاصة بالإعلاميين لا يحق لغير حامليها ممارسة العمل الصحفي في مدينة طهران. أما خارج طهران فحتى الصحفيين الحاصلين على بجابات العمل يتطلب منهم الحصول أذن مسبق من الوزارة يوضح طبيعة المهمة خارج حدود العاصمة.
التعليقات