محكومون بالاعدام وآخرون بالمؤبد في دبكة كردية بسجن في السليمانية
رحمن غريب منالسليمانية: رقص لقمان عثمان، 32 سنة، المحكوم عليه بالإعدام، على صوت المطرب المعروف سامان عمر الذي شارك في حفلة غنائية وموسيقية داخل سجن الإصلاح الاجتماعي في السليمانية، وهو يدعو أصدقاءه الآخرين من نزلاء السجن لمواصلة الرقص، قائلا لهم quot;احتفلوا وكأن هذا اليوم، هو يوم الاحتفال بإطلاق سراحناquot;.
لقمان الذي لم يتوقف عن الرقص، حتى اقترب من quot;نيوزماتيكquot;، وهو يشير بإصبعه إلى الحشد الكبير حوله من الراقصين، وقال quot;انظروا، لست الوحيد الذي يرقص هنا في ساحة هذا السجن، فمن بين هؤلاء الذين يرقصون أكثر من 40 من المحكوم عليهم بالإعدام، وما لا يقل عن 50 من المحكوم عليهم بالسجن المؤبدquot;.
ثم يتوقف عثمان قليلا عن الرقص، ويقول وكأنه يريد تبرير ما يفعل ورفاقه نزلاء السجن quot;مع كل ما نعانيه من وضع نفسي، فها نحن هنا نحتفل بيوم الموسيقى، فالموسيقى هي الشيء الوحيد، الذي يزيح الهم والأحزانquot;.
ولم يفوت لقمان المناسبة قبل معاودته الرقص ليطالب بـquot;إصدار عفو عام يشمل الجميع، بمن فيهم المحكوم عليهم بالإعدامquot; .
وشارك أكثر من 500 سجين في سجن إصلاح الكبار، أكبر سجون مدينة السليمانية، 5 كم جنوب المدينة، يوم السبت 21 حزيران باحتفال فريد من نوعه نظمه المعهد الكردي- الفرنسي في السليمانية، بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى، وشارك فيه المطرب الكردي سامان عمر.
ويقول مدير المعهد الكردي- الفرنسي في السليمانية، آرام سعيد لـquot;نيوزماتيكquot;، إن quot;المبادرة جاءت من أجل الترفيه عن نزلاء السجن والتعريف بهذا اليومquot;، معتبر أن quot;الحفل كان مهما ومفيدا، خصوصا، ونحن نرى المحكومين بالإعدام والسجن المؤبد يرقصون كباقي نزلاء الأقسام الأخرى المحكومين بأحكام خفيفة مقارنة بهؤلاءquot;.
وتزامن مع الحفل في سجن إصلاح الكبار الذي يضم أكثر من 500 محكوم بينهم ما يزيد عن 80 سجينا محكومين إما بالإعدام مع وقف التنفيذ، أو المؤبد، افتتاح معرض للأعمال اليدوية للسجناء، عرضت فيه المئات من الأعمال اليدوية التي بادر زوار المعرض لشرائها.
ويشير مدير سجن الإصلاح الاجتماعي في السليمانية المقدم شوان محمد رشيد أحمد، إلى أن quot;مديرية الاصلاح خصصت للنزلاء مكتبة وقاعات للفعاليات الفنية المختلفة، بالإضافة إلى فتح دورات مهنية لهمquot;، مؤكدا أن quot;التعامل مع المحكومين يجري وفق معايير دولية تراعي حقوقهم الإنسانيةquot;، لافتا إلى أن هذه الفعالية quot;تأتي من أجل ترسيخ حب الموسيقى لدى النزلاء، والترويح عنهمquot;.
المحكوم بالسجن مدى الحياة ياسين محمد، والذي اختار الجلوس، وعدم المشاركة في الحفل يقول لـquot;نيوزماتيكquot;، مفسرا عدم مشاركته بأنها تعود quot;إلى وضعي النفسي، فانا محكوم بالمؤبد، ونظرتي إلى الحياة تختلف عن الآخرينquot;، واستدرك قائلا quot;بالإضافة إلى أنني أعتبر الموسيقى، بالنسبة لي، من المحرماتquot;.
ومع أن أغلب المشاركين في الاحتفال يختلفون عن نظرة زميلهم لحفل الموسيقى والرقص على أنغامها، إلا أن المتفق عليه بين الجميع هو الطلب من الحكومة، بإصدار عفو عام، يشمل الجميع، بمن فيهم المحكوم عليهم بالإعدام والسجن المؤبد.
زاهر رمضان أحد المحكومين بالإعدام، والذي شارك زملاءه الآخرين الرقص الفلكلوري الكردي يقول إن quot;اليوم هو مناسبة كي يصل صوتنا إلى رئيس الإقليم لإصدار عفو عامquot;، معتبرا أن quot;الزمن غدر بحقنا، ونحن ندرك ما فعلناه، ونجني ثمار الأخطاء، على الرغم من أن القرارات التي صدرت بحقنا، كانت مجحفةquot;.
وشاركت في الاحتفال مجموعة من الفنانين الشباب، إضافة إلى المطرب الكردي المعروف سامان عمر، ونقلت الحفل فضائية كوردسات الكردية.
ويعبر نياز لطيف عازف القانون لـquot;نيوزماتيكquot;، عن سعادته بالمشاركة، قائلا quot;على الرغم من حرارة الشمس، والإرهاق، إلا أن المتعة والفرح الذي رأيناه في وجوه السجناء، أزالت عنا التعبquot;، مؤكدا أنه quot;منذ ساعتين وأنا أعزف، مع هذا يطلبون المزيد، بصراحة يبدو أنهم قد قرروا أن يستمر الرقص إلى نهاية النهارquot;.
وكانت السلطات في إقليم كردستان العراق قد نفذت مجموعة من أحكام الإعدام، وكان أكبرها تلك التي جرت في أيلول من عام 2006 حيث أصدرت المحكمة الجنائية في اربيل قرارا بإعدام 11 من المتهمين في المجموعة المعروفة بـquot;الشيخ زاناquot;، بعد أن صادقت على الحكم الهيئة العامة لمحكمة تمييز إقليم كردستان العراق في 2/7/2006، بالإضافة إلى مصادقة حكومة إقليم كردستان العراق حسب قرار المرقم (2270 في 18/9/2006) لتنفيذ قرار إعدام المتهمين، إلا أن مدينة السليمانية لا تنفذ أحكام الإعدام بسبب موقف الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطلباني منها.
عثمان صفاء الدين وهو من المحكومين بالإعدام وقضى أكثر من 10 سنوات في السجن يعبر عن مشاعره قائلا إن quot;الفرح والموسيقى مهمان بالنسبة لنا نحن الذين فقدنا الأمل بالحرية، إلا أننا بحاجة إلى أن نسمع الموسيقى، ونرقص خارج هذه الأسوارquot;.
من جهة أخرى، شهدت ساحات السليمانية، مثل بارك آزادي، ونالي، وساحة السراي، وحي رابرين، وبكرجو، عصر يوم السبت، ولساعة متأخرة من الليل، احتفالات بيوم الموسيقى العالمي حضرها جمهور غفير.
يذكر أن العالم يحتفل سنويا، ومنذ عام 1981 باليوم العالمي للموسيقى، الذي تعود فكرة الاحتفال به إلى وزير الثقافة الفرنسي، في عهد الرئيس فرنسوا ميتران جاك لانغ الذي يعد صاحب الفكرة، والداعم لهذه الفعالية العالمية، وعقب عام 1985 أصبحت أغلب دول العالم تشارك في احتفال اليوم العالمي للموسيقى.
التعليقات